منذ ان شددت إسرائيل في شهر يونيو 2007 حصارها على قطاع غزة معرضة حياة مليون ونصف مليون فلسطيني للخطر، لم يسمع العالم من الغرب إلا بعض الإعتراضات الخجولة ولم يكلف أحد من الساسة في البلدان التي ترفع لواء الدفاع عن الديمقراطية والحرية والمساواة وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها، نفسه عناء البحث عن حلول لرفع الحصار ووقف جريمة الحرب الجديدة التي يضيفها حكام تل أبيب الى سجلهم. غير أنه منذ يوم الأربعاء 23 يناير 2008 عندما اخترق الفلسطينيون الجدار الذي بناه الإسرائيليون بينهم وبين مصر وعبروا الحدود الى سيناء من أجل أن يخففوا معانتهم من الجوع والمرض وغياب الضروريات الأساسية لإستمرار حياتهم، تسابق الغرب وخاصة الولاياتالمتحدة وحكام إسرائيل وبعض من يدور في فلكهم لطرح الإقتراحات وفرض الضغوط ليس من أجل فك الحصار عن مليون ونصف المليون إنسان ينتمون الى الجنس البشري، ولكن من أجل إعادة إغلاق الحدود بين غزة ومصر ووضع الحراس والمراقبين على المعابر. يوم الإثنين 28 يناير عادت واشنطن مرة أخرى للضغط فقد أشارت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس الى دعم الولاياتالمتحدة لان تتولى قوات الرئيس الفلسطيني محمود عباس السيطرة على حدود قطاع غزة مع مصر. وقالت رايس ان وجود السلطة الفلسطينية ربما يساعد في اعادة بعض النظام الى معبر رفح بين غزة ومصر. وقالت رايس للصحفيين لدى سؤالها عما اذا كانت واشنطن تدعم تولي قوات عباس السيطرة على الحدود ستكون هناك العديد من التفاصيل التي سيكون من المتوجب التعامل معها ولا يمكنني التعليق على أي تفصيلة محددة لان الوضع معقد للغاية.. وستكون تلك عملية معقدة في حد ذاتها . وأشارت رايس الى تولي حماس السيطرة على غزة مدعية ان حماس شنت انقلابا غير شرعي ضد المؤسسات الشرعية الخاصة بالسلطة الفلسطينية. ويؤكد الملاحظون ان سقوط جدار رفح الحدودي يعتبر تحديا اضافيا للجهود الامريكية الرامية لتطويق نفوذ حماس وتعزيز عباس. كما أكدت صحيفة ذي كريستيا ساينس مونيتور الأمريكية يوم الاثنين أن حماس خرجت من أزمة الحدود بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية منتصرة وهي أكثر نفوذا من ذي قبل. الإتحاد الأوروبي في نطاق التسابق لإعادة إغلاق معابر غزة نحو مصر وفي نفس الوقت الذي بينت فيه واشنطن عن موقفها، أعلن وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إن الاتحاد مستعد لدارسة استئناف مهمة المراقبة برفح بمقتضى بنود الاتفاقات الدولية المعنية المرتبطة بالدخول والحركة، التي جرى التوصل إليها في نوفمبر 2005. وأكد الوزراء الأوربيون أن ذلك مشروط بالتوصل لاتفاق مسبق بين السلطة الفلسطينية ومصر وإسرائيل, كما أعرب الاتحاد عن قلق بالغ تجاه الوضع الإنساني في غزة، ودعا إسرائيل على الوفاء بالتزاماتها تجاه القطاع، كما أعلن مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي خافيير سولانا للصحفيين عند وصوله لحضور اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء أنه سيتوجه إلى مصر في نهاية الأسبوع لإجراء محادثات مع الرئيس المصري حسني مبارك. وذكر دبلوماسيون أوروبيون أن الاتحاد الاوروبي الذي يعتبر حماس منظمة ارهابية لن يرسل مراقبين الى معبر رفح الحدودي الا تحت اشراف السلطة الفلسطينية وبشرط أن تكون هناك ضمانات بأن المراقبين لن يواجهوا أي مخاطر من حماس. ولم يتضح كيف يمكن التعامل مع هذه المخاوف الامنية الاوروبية. وأجرت وزارة الخارجية الاسرائيلية محادثات أولية خلال مطلع الاسبوع مع أعضاء ببعثة المراقبة التابعة للاتحاد الاوروبي والمتمركزة في مدينة عسقلان بجنوب اٍسرائيل. وأبدى الاتحاد الأوروبي مساندته لخطة عباس بالسيطرة على معبر رفح والمعابر الرئيسية في قطاع غزة مع إسرائيل، وذلك رغم ان هذه الخطوة تواجه معارضة من حركة حماس، كما لا توافق إسرائيل على هذه الفكرة أيضا قائلة إن قوات الأمن التابعة لعباس غير قادرة على مواجهة قوات الأمن التابعة لحماس، ولهذا يتوجب تصفية الوجود العسكري والأمني لحماس في غزة أولا. في هذه الأثناء تصعد إسرائيل تهديداتها وضغوطها، وألقى وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك بالثقل على مصر لاغلاق الحدود قائلا المعابر على جانبنا ستظل مغلقة باستثناء نقل المواد الانسانية . في حين ذكرت صحيفة هآرتس العبرية في عددها الصادر يوم الإثنين ان جيش الدفاع والأجهزة الأمنية الإسرائيلية تنظر بخطورة بالغة الى ما يحصل على الحدود المصرية مع قطاع غزة، موضحة أنها لن تتسامح مع التهديد الاستراتيجي لأمن إسرائيل جراء ما يحدث. ونقلت الصحيفة عن مصدر إسرائيلي قوله ان أمن إسرائيل أصبح مهددا بصورة لم يسبق لها مثيل بعد اجتياح قوات حماس للحدود في رفح. وكانت مصادر إسرائيلية أخرى قد تحدثت عن نجاح المقاومة الفلسطينية في ادخال صواريخ أرض ارض متطورة وصواريخ مضادة للطائرات وأسلحة أخرى من مصر الى قطاع غزة، وانه في أمكان المقاومة الأن تهديد مدن ومستوطنات إسرائيلية تقع في إطار دائرة قطرها 80 كليومتر حول قطاع غزة وتضم هذه المنطقة تل أبيب. حماس ومصر رغم هذه الضغوط والتحركات يرى العديد من المراقبين أن واشنطن وتل أبيب سوف يفشلان في إعادة الوضع على الحدود بين غزة ومصر الى سابق عهده. وقال يارون إرزاحي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية إن حماس باتت الآن هي العنوان الوحيد للتفاوض بشأن إدارة الحدود بين مصر وقطاع غزة، مضيفا أن حماس أصبحت أيضا العنوان الوحيد في الوقت الراهن بالنسبة لاسرائيل من أجل حل المشكلات العملية المتعلقة بالحدود المفتوحة، فإن لم يكن هذا انتصارا فلست أدري ماذا يكون. وتشير مصادر أمريكية الى ان علاقات القاهرة مع سلطة رام الله تمر بأزمة خاصة بعد ان طلب الرئيس عباس من واشنطن زيادة الضغوط على القاهرة لتقفل الحدود. وردا على هذا الموقف طلبت مصر بعودة الحوار بين حركتي فتح وحماس ولقائهما في القاهرة إلا أن حركة فتح رفضت هذا الطلب ورفضت الحوار مع حركة حماس. وقبل ذلك رفضت القاهرة طلبا للرئيس الفلسطيني بتعيين نبيل عمرو سفيرا للسلطة الفلسطينية في مصر، ويشار هنا على أن السياسة المصرية الحالية تبتعد عن السلطة الفلسطينية في رام الله وحركة فتح وتقترب من حركة حماس التي فازت في الانتخابات التشريعية الأخيرة بنسبة كبيرة وشكلت حكومتها العاشرة وحكومة الوحدة الوطنية.