لم تكتف حكومة اسرائيل بالحصار الظالم والعقوبات الجماعية التي تفرضها على اكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني محاصرين في قطاع غزة ، والذي تحول إلى اكبر سجن في ا لعالم بفعل اغلاق سلطات الاحتلال للمعابر , والتوقف عن امداد القطاع بالوقود والمواد الغذائية ، والعلاج والمستلزمات الطبية ، منذ الرابع من الشهر الحالي ، لم تكتف بهذا الارهاب الذي تمارسه على شعب اعزل ، وانما أخذ جنرالاتها من وزير الحرب يهودا باراك ، ورامون ، وشاؤول موفاز , يدقون طبول الحرب ، والتهديد باجتياح القطاع, يشاركهم في ذلك رئيس الوزراء , اولمرت، الغارق في مستنقع الفساد والرشاوى. إن الملفت للنظر ، ونحن نتأمل هذا المشهد اللامعقول ، أن الوحيد الذي "يدب الصوت" ويطالب المجتمع الدولي بالتدخل ، ويحذر من كارثة محققة بسبب عدم وجود مواد غذائية ، وتوقف المستشفيات عن العمل ، وفيضان المجاري, هي المنظمات الدولية , وخاصة وكالة الغوث ، التي أكدت ان اكثر من 750ب الفا "من اللاجئين في القطاع يعانون من انقطاع المواد الغذائية ، وأن "الانروا" غير قادرة على تأمينها لرفض سلطات الاحتلال فتح المعابر , كما ان توقف المستشفيات, وخاصة اقسام العمليات وغرف العناية بالاطفال , يعرضهم للموت المحقق. لقد اتخذ اليمين المتطرف من مأساة غزة ، مادة للمزايدة ويعمل على توظيفها في الانتخابات القادمة ، غير عابئ بالقانون الدولي ، والشرعية الدولية وحقوق الانسان ، مستغلا الصمت العالمي والعربي غير المبرر ، لممارسة احقاده ، وتحويل غزة إلى محرقة كما هدد نائب وزير الدفاع الاسرائيلي ذات مرة. لقد اثبت الواقع والوقائع ان اسرائيل لم تستفد من تجارب التاريخ ، وأن الحروب التي شنتها ، والجرائم التي قارفتها وعلى امتداد ستين عاما ، من انشاء كيانها على الارض الفلسطينية وإلى اليوم لم تحقق لها امنا ، ولا سلاما ، ولا استقرارا ، ولم تستطع كسر ارادة الشعب الفلسطيني ، الذي استطاع بصموده الاسطوري ، وعبر رحلة المعاناة واللجوء والقهر والنضال المرير أن يثبت لاسرائيل وللعالم بأنه موجود ، ولن يتنازل عن حقه في وطنه وحقه في الحياة الحرة الكريمة ، وحقه في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. والسؤال, الذي يفرض نفسه ويبحث عن اجابة: ما هو سر صمت المجتمع الدولي؟ ولماذا يقف العالم العربي والاسلامي من جاكرتا وحتى طنجة صامتا , في حين تقوم المنظمات الدولية الانسانية ، ونشطاء السلام بكسر الحصار ، بسفن الحرية ، معلنين ادانتهم للصمت الدولي ولمؤامرة التعتيم على هذه الجريمة المروعة بحق شعب اعزل يتعرض لصعوبات جماعية. مجمل القول: أن استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة هو ارهاب تمارسه اسرائيل ، وان قرع طبول الحرب ، وتهديد جنرالات اسرائيل باجتياح القطاع, وارتكاب المذابح , لن يجر الشعب الفلسطيني إلى الاستسلام ، ولن تستطيع اسرائيل ان تضمن السلام والامن لمواطنيها في المستقبل ، ما لم تعترف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.