اليوم يشرع الفرنسيون في التطبيق العملي للقانون الصادر يوم السادس عشر من نونبر ,2006 والقاضي بمنع التدخين في الأماكن العامة بما فيها المقاهي والمطاعم والعلب الليلية وغيرها. هذا القانون أثار احتجاج أصحاب هذه الأماكن الذين برروا اعتراضهم عليه بكونه قد يقلل من زبنائهم. ولكنهم اضطروا في آخر الأمر إلى الرضوخ. وسيمتثلون للقانون ابتداءً من يومه الثلاثاء فاتح السنة الجديدة .2008 ليست فرنسا هي أول بلد أوروبي يمنع التدخين في الأماكن العامة فقد سبقتها بعض الدول إلى ذلك بحيث رافق إصدارَ القانون نفسُ الاحتجاج من المتخوفين. ولكن بعد مدة من التطبيق تبين أن تخوفاتهم كانت وهمية. ففي إيطاليا مثلا التي تطبق مثل هذا القانون منذ مدة صرح العديد من أصحاب المطاعم والمقاهي بأن امتناع الزبناء عن المجيء كان فقط خلال الأيام الأولى لتطبيق القانون. ولكن ما لبثوا أن عادوا بنفس الكميات بعد مرور أسبوع أو أقل، لتستقر الأمور على ما كانت عليه من قبل. بل أكثر؛ لأن حتى غير المدخنين أصبحوا يقبلون بعد انتفاء ضرر التدخين السلبي. بينما صرح حتى بعض المدخنين بأن القانون كان في صالحهم لأنه اضطرهم إلى التقليل من التدخين؛ على الأقل خلال مقامهم بالمطعم أو المقهى. في بلادنا كنا سباقين لسن مثل هذا القانون؛ فقد صدر منذ سنة .1996 ولم يرافقه كبير احتجاج؛ مثل الضجة والشد والجذب الذي رافق القانون الفرنسي منذ صدوره قبل سنة إلى صدور قرار تنفيذه منذ أيام. لأن العارفين يعلمون بأنه كغيره من القوانين المغربية لن يطبق؛ ولذلك لم يولوه أي اهتمام واستمروا يدخنون في المقاهي والمطاعم وحتى في الأطوبيسات وأقسام المدارس أمام التلاميذ. وهكذا لم يحصل مرة أن طبق هذا القانون الذي توارى في الأدراج؛ لأن أصحاب الأماكن العامة لا يمنعون أحدا من التدخين خوفا على مغادرته إلى مقهى آخر. لماذا لا تطبق القوانين عندنا؟ بل ولماذا نسنها أصلا إذا كانت لن تطبق؟ القانون الفرنسي الجديد حدد للمدخن في هذه الأماكن ذعيرة ثمان وستين أورو، وتصل إلى أربعمائة وخمسين أورو في حالة عدم الدفع فورا. كما حدد لصاحب المحل ذعيرة أكبر من المدخن تبلغ إلى مائة وخمس وثلاثين أورو إذا دخن عنده زبون وإلى سبعمائة وتسع وخمسين أورو إذا ما سمح بالتدخين في محله عمدا. ولهذا فهو يسارع إلى منع أي مدخن من إشعال سجارته، وإلى التبليغ عنه في حالة عدم الامتثال. كما جعل القانون كلا من رجال الأمن والدرك؛ بالإضافة إلى مفتشي الشغل والأطباء والمفتشين العامين للصحة مخولين جميعا تحرير المخالفات. فما الذي وفرناه لقوانينا حتى يحرص الجميع على تطبيقها؟