بعد انتخابات 7 أكتوبر 2016 عين الملك عبد الإله بن كيران رئيسا للحكومة وهو الأمين العام لحزب العدالة والتنمية. احتراما للفصل 42 من الدستور، لذي ينص على أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب وعلى أساس نتائجها. وبقدر ما يذكر جلالته بالتسريع بإخراج الحكومة إلى الوجود، بقدر ما أن المفاوضات تتعثر وتزداد الهوة، ويستحال التقارب. وبقدر ما كان جلالة الملك مشتغلا بهم إفريقي يتجلى في إبرام اتفاقيات بين المملكة المغربية والدول الإفريقية الشقيقة والتي تجاوزت 1020 اتفاقية بقدر ما ازدادت المشاكل على مستوى المشاورات التي اتخذت بعدا آخر غير التشاور الفعلي بل تم الاكتفاء بالبيانات والبلاغات وتوجيه الرسائل من خلال اللقاءات السياسية. وأصبح الكل يعتقد أن تشكيل الحكومة بدا مستحيلا خاصة بعد أكثر من خمسة أشهر. إضافة أن كل المؤشرات تدل على أن الاستحالة بادية للعيان. وبعد هذه الوضعية المزرية و التي لاتتناغم مع الاختيار الديمقراطي. وأصبحت الأنظار تتطلع إلى التحكيم الملكي. باعتبار الملك رئيسا للدولة، وضامن دوام الدولة واستمرارها ، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي صدر بلاغ القصر الملكي ليجعل حدا لهذه الوضعية. ويمارس الملك هذه المهام بمقتضى ظهائر من خلال السلطات المخولة له. صراحة بنص الدستور. كما ينص على ذلك الفصل 42 من الدستور. وكون السيناريوهات البديلة كثيرة لكن احتراما للمنهج الديمقراطي تم اختيار شخصية أخرى من حزب العدالة والتنمية وهي فرصة ثانية للحزب وهو الدكتور سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني. إن تغيير السيد عبد الإله بن كيران بشخصية أخرى لا يعني الحط من الأول فيكفيه شرفا ما أكد عليه بلاغ الديوان الملكي من إشادة بروح المسؤولية العالية والوطنية الصادقة، التي ابان عنها السيد عبد الإله بن كيران طيلة الفترة التي تولى خلالها رئاسة الحكومة بكل كفاءة واقتدار ونكران ذات. لكن اثناء المشاورات "الساعة لله والغالب الله". إن اختيار جلالة الملك شخصية من العدالة والتنمية دون السيناريوهات الأخرى مؤشر على أن الملك راغب في استمرار الإصلاح بحكومة يقودها الحزب نظرا لوطنيته وتفانيه في خدمة الوطن واحتراما للمنهجية الديمقراطية. وقد رحبت الأمانة العامة للحزب ببلاغ القصر الملكي، وثمنت كل محتوياته، وأعلنت عن عقد مجلس وطني استثنائي لتعميق النقاش في الموضوع مع التركيز على التشبت بالمقتضيات الدستورية واحترام الإرادة الشعبية. وانعقد المجلس الوطني يوم 18 مارس 2017 بمركب مولاي رشيد بسلا . وكان يوما تاريخيا بكل المقاييس، وعرسا ديمقراطيا حقيقيا أعطيت في الكلمة للأمين العام السيد عبد الإله بن كيران وللسيد مصطفى الرميد عضو الأمانة العامة، والسيد الدكتور سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني، ورئيس الحكومة المعين. ثم أعطيت الكلمة للأعضاء والتي تجاوزت مئة تدخل كل عبر عن رأيه بكل حرية ومسؤولية، وقد كان نقاشا ناضجا متناغما مع اللحظة التاريخية، والسياقات الوطنية والإقليمية والدولية. وبعد ذلك صدر بيان عن المجلس الوطني تمت المصادقة عليه بالاجماع. وقد تمخضت مجموعة من الدلالات نوجزها فيما يلي: تم التوافق على إسناد رئيس الحكومة الدكتور سعد الدين العثماني. ومساعدته في تشكيل الحكومة احتراما للإرادة الملكية التواقة لتوطيد الاختيار الديمقراطي وصيانة المكتسبات. والاعتزاز بهذا التعيين الملكي للدكتور سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة في ثوبها الجديد. والإشادة بما قدمته الحكومة السابقة برئاسة السيد عبدالإله بن كيران من إصلاحات جوهرية ومهمة. وقد فوض المجلس الوطني للأمانة العامة تدببير ملف التفاوض بناء على التوجيهات الملكية واحترام المنهجية الديمقراطية، واستحضار مصلحة الوطن، واحترام إرادة الناخبين، وتوفير الانسجام والفاعلية والفعالية والقوة. مع استحضار اللحظة التاريخية، والتعامل معها بكل مسؤولية ويقظة وحكمة والرجوع إلى القيم التي على قواعدها بني الحزب. لقد وجه جلالة الملك تحية لحزب العدالة والتنمية وأشاد بوطنيته واتسامه بروح التعاون من أجل المصلحة الوطنية وأتمنى أن يكون الحزب في مستوى هذه التحية ويرد بأحسن منها. أخلص إلى أن رئيس الحكومة الدكتور سعد الدين العثماني بمعية إخوانه وأخواته قادرا على تجاوز كل العراقيل وتشكيل الحكومة في أقرب الآجال. وهذا ما تم استنباطه عامة من مناقشات أعضاء المجلس الوطني. وقد أعلن الدكتور سعد الدين العثماني رئيس الحكومة بناء على مشاورات الامانة العامة يوم 19 مارس 2017 أنه سيشرع في بدء المشاورات مع جميع الاحزاب الممثلة في مجلس النواب تباعا حسب نتائج الانتخابات التشريعية. الأخيرة. وأخيرا وليس آخرا نؤكد على أن حزب العدالة والتنمية مدرسة في الديمقراطية الداخلية والخارجية، وتقديم المصلحة العليا للوطن على جميع الاعتبارات، والاحتكام إلى المبادئ العليا للأمة المغربية، واحترام المؤسسات والعمل على تفعيل تنزيل ثوابت الأمة بكل مصداقية وقوة وفعالية وفاعلية. حزب يرشد الاجتهاد السياسي حسب الزمان والمكان والمآل. ويتقن فقه النوازل السياسية بحوار هادئ وديمقراطية مرنة وتدرج في الممارسة والتعاون مع المؤسسات على الصالح العام خاصة المؤسسة الملكية التي يكن لها الولاء والتقدير والاحترام لأن الملك هو الضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية، والضامن لدوام الدولة واستمرارها والحكم الأسمى بين مؤسساستها، والساهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وصيانة الاختيار الديمقراطي والحقوق والحريات….