إن الوضع الدولي يدعو إلى القلق ولا يبعث على الاطمئنان»، بهذه الجملة القصيرة والمعبرة أنهى الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، حديثه في حوار مفتوح مع المشاركين في المؤتمر الثالث لمؤسسة الفكر العربي حول موضوع العرب بين ثقافة التغيير وتغيير الثقافة، والذي أنهى أشغاله يوم السبت الماضي بمراكش. وهدد الأمين العام للجامعة العربية بإقفال الجامعة إذا لم توف بعض الدول العربية بمستحقاتها، وقال إنه لن يستطيع الاستمرار في الاستجداء والتسول من أجل تنفيذ قرارات الجامعة العربية، معقبا على تدخل قال فيه صاحبه إن ميزانية الجامعة العربية الهزيلة لا تكفي حتى لشراء دبابة. وتحدث الأمين العام طويلا عن القضايا العربية التي تشغل باله، بدء من قضية العراق وفلسطين، ومرورا بالقضية السودانية والصومالية، ثم بالعلاقات الاقتصادية بين الدول العربية، وفتح منطقة التبادل الحر، وانتهاء إلى دور الجامعة العربية في تحريك الثقافة العربية. وشدد موسى على أن تغيير الثقافة في الدول العربية، وخاصة الثقافة السياسية، بدون حل مشاكل مجتمعاتها سؤدي إلى نتائج سلبية. كما أكد أن إرساء قواعد ديمقراطية لن يتأتى إلا بالحيلولة دون وقوع محاولة التهجير وإعادةالتوزيع الديمغرافي، وبالانسحاب الأمريكي من العراق، وإحلال قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة للإشراف على إجراء انتخابات نزيهة، تكون بعدها السيادة كاملة للعراقيين في تقرير مصيرهم وإدارة شؤونهم، دون أن ينسى التذكير بأن مفتاح السياسية الإسرائيلية موجود في واشنطن ، نظرا للعلاقة العضوية التي تجمع الكيانين، مضيفا أنه بدون نزع الحماية العسكرية لإسرائيل من طرف أمريكا، فلن تقتنع هذه الأخيرة بأي حل عادل وشامل في منطقة الشرق الأوسط، وستبقى في موقفها المتعنت في عدم الاعتراف بالحقوق الشرعية للفلسطينيين كما فعلت في بناء الجدار وسباقها نحو التسلح النووي. وأضاف موسى أن المنتظم الدولي فاقد للمصداقية بتعامله مع الأمن القومي في المنطقة بشيء من الازدواجية، فليس فقط إيران من يجب أن تراقب منشآتها النووية، ولكن كل الدول يجب أن تعزل من كل أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية، وإلا سيكون من العبث الحديث عن الأمن القومي في ظل استمرار إسرائيل في امتلاك أسلحة نووية. من جهة ثانية أثنى الأمين العام للجامعة العربية على قيام منطقة التبادل الحر في البلاد العربية، مشيرا إلى أنه بالرغم من أن نسبة التجارة البينية بين الدول العربية لم تصل إلا إلى 10 في المائة، إلا أن حجم الاستثمارات والتبادل والخدمات في ارتفاع مستمر. كما رحب موسى بمبادرة إسبانيا، التي أطلقها وزير خارجيتها وسيعرضها على الجامعة العربية في غضون أيام، حيث دعا فيها إلى إرساء دعائم تحالف الحضارات، ونبه موسى على أن هذه المبادرة هي من النتائج المثمرة للجامعة العربية، التي استدعت عشرات المفكرين العرب للاجتماع، بعدما أعلن الغرب أفكاره عن صدام الحضارات وخصص العرب والمسلمين بذلك. وعن دور الجامعة في تحرك الثقافة العربية ، لم ير موسى مانعا من أن تكون الجامعة، إضافة إلى مهامها السياسية في حل العديد من القضايا، مقرا ومنتدى للحوار الثقافي، وقال إنها أشرفت على العديد من المنتديات وأعادت الحياة إلى ترجمة الكتب من وإلى اللغة العربية، منوها بأحد الاقتراحات في عمل فيلم كبير حول الرحالة المغربي ابن بطوطة، الذي كان يجول العالم ويصول ولم يذكر إحدى البلدان التي زارها بسوء بل كان بذكر محاسنها إيمانا منه بتلاقح الحضارات وحوارها وتعايشها جنبا إلى جنب، متفقا في مقابل ذلك مع ملاحظة حول ما نراه اليوم من أفلام، وحول ماركو باولو الذي يصف العرب والمسلمين بأقبح الأوصاف، وأثر ذلك في حفدته حتى أن أثنار الوزير الأول الأسباني السابق قال في كلمة له في أمريكا أن الإرهاب ولد يوم عبر طارق بن زياد إلى الأندلس ، كما قال غيره إن أوروبا لم تولد إلا برحيل آخر عربي منها. وبشر عمرو بقرب إنشاء مجلس النواب العربي، الذي سيشكل في المرحلة المؤقتة من برلمانيين انتخبوا في مجالس نواب بلدانهم، على أن تنتخب شعوب الدول العربية برلمانييها في المرحلة اللاحقة مباشرة، مضيفا أن البداية لن تكون بمشاركة جميع الدول العربية، في إشارة إلى رده على أحد المتدخلين حين قال إن بعض الدول العربية لا تتوفر على برلمانات أو بها مزورة. عبد الغني بلوط / مراكش