تغلق قمة حلف شمال الأطلسي أشغالها اليوم في إسطنبول بتركيا بعدما ناقشت الدول المجتمعة عددا من القضايا الهامة بالنسبة لوضعية الحلف ومستقبل الأزمات الدولية، إذ تعد قمة اسطنبول حاسمة فيما يتعلق بالحلف الذي أنشئ في البداية للصراع ضد المعسكر الاشتراكي ويجد نفسه اليوم أمام مخاطر جديدة تهدد البلدان الأعضاء فيه، منذ بداية الألفية الجديدة، حيث يعتبر إرسال قوات تابعة للحلف إلى العراق وأفغانستان تحولا كبيرا في استراتيجية هذا الأخير الذي كانت مهماته العسكرية في السابق تقتصر على الدائرة الترابية الأوروبية. ومن جملة القضايا التي تمت مناقشتها في القمة التي عقدت تحت الحراسة الأمنية المشددة أمس الإثنين وينتظر أن تسدل الستار على أشغالها يومه الثلاثاء موضوع الشراكة الأمنية بين الحلف ودول البحر الأبيض المتوسط، وخاصة المغرب الذي أصبح يعد حلقة مهمة في استراتيجية الحلف الأمنية بسبب قربه من أوروبا وكونه بوابة القارة الإفريقية إلى الغرب. فقد اقترحت الولاياتالمتحدةالأمريكية على الحلف بحسب مصادر صحافية إسبانية أن يتم إدماج المغرب داخل الحلف كأول دولة من شمال إفريقيا ومن العالم العربي تدخل نادي الناتو، بهدف تعزيز التعاون الأمني والعسكري معه قبل توسيع هذا التعاون إلى دول المغرب العربي الأخرى كالجزائر وليبيا وتونس وموريتانيا، وتقوية التحالف الأمني والاستراتيجي بين الحلف والمنطقة المتوسطية. وبحسب نفس المصادر تريد واشنطن من خلال الدفع بالمغرب إلى أن يكون أول بلد عربي يدخل الناتو أن تتصدى للتسلح الجزائري الذي يتواصل بإيقاع متسارع في الآونة الأخيرة، وتفشل التحالف بين الجنرالات الجزائريين وموسكو التي تقدم الدعم العسكري للجيش الجزائري بغاية تقوية النفوذ الجزائري في المنطقة المغاربية وشمال إفريقيا، وكذا مراقبة البترول الجزائري، إذ تعتقد الولاياتالمتحدةالأمريكية أن خطر الجيش الجزائري في المنطقة ما يزال قائما ويهدد التوازنات السائدة في المغرب العربي، وهو ما أكده الرجل الثاني في جهاز المخابرات الأمريكية فيرنون والترز قبل سنوات قليلة عندما صرح بأن الجزائر قد تشن في أي وقت حربا وقائية ضد المغرب. وسبق للرئيس الأمريكي جورج بوش أن أعلن قبل نحو أسبوعين قراره بجعل المغرب حليفا قويا من خارج البلدان الأعضاء في حلف الناتو، مما رأى فيه المراقبون توجها أمريكيا إلى تقوية مكانة المغرب في الحلف وفي مشروع الشراكة الأمنية الأطلسية المتوسطية، وذلك قبل أيام قليلة فقط على قمة إسطنبول التركية. وقد انطلق الحوار بين حلف الناتو والدول المتوسطية في النصف الأول من التسعينات مع انهيار الكتلة الشرقية وزوال القطبية الثنائية وحل حلف وارسو الذي كان يضم البلدان الاشتراكية، حيث أعلن بيان وزراء خارجية دول الحلف المجتمعون في قمة بروكسيل عام 1994 استعداد الحلف لفتح حوار مع البلدان المتوسطية حالة بحالة بهدق تقوية الأمن الإقليمي في المنطقة، وفي شهرفبراير 1995 تم بشكل رسمي دعوة كل من المغرب والكيان الصهيوني ومصر وتونس وموريتانيا إلى الحوار مع الحلف، بينما تأخرت دعوة الجزائر إلى فبراير .2000 لكن التحول الأبرز في العلاقات بين الدول المتوسطية والحلف حدث في قمة براغ عام 2002 التاريخية التي أدخلت تحولا نوعيا في مفهومه للاستراتيجية الأمنية ومفهوم الإرهاب وتوسيع مهامه خارج أوروبا، إذ في تلك القمة برزت أهمية البحر الأبيض المتوسط بالنسبة لمستقبل الحلف، وأصبح الأمن في أوروبا مرتبطا بالأمن والاستقرار في المنطقة المتوسطية. إدريس الكنبوري