أعادت جريدة "فرانس سوار" الفرنسية في عددها الصادر الأربعاء 1-2-2006 نشر اثني عشر رسما المسيئة للرسول "صلى الله عليه وسلم" -والتي نشرتها في السابق صحيفة "جيلاندز بوستن" الدانمركية- وقالت إنها اختارت نشرها لأن بعضها "طريفة". وعلى صدر صفحتها الرئيسية كتبت "فرانس سوار": "نعم لنا الحق في رسم رسوم كاريكاتيرية لله"، ووضعت تحته أحد تلك الرسوم، معلنة أن موقفها هذا يأتي "دفاعا عن حرية التعبير". وتحدثت افتتاحية الصحيفة المعنونة "اللاتسامح" عن الصور نفسها، حيث استشهدت بمقولة الفيلسوف الفرنسي "فولتير": "يجب سحق ما هو غير مشرف.. هذا اللاتسامح الديني الذي لا يقبل أي هزل أو أي حرية كتابة". وأضافت الصحيفة: "ها نحن مواطنو المجتمع الديمقراطي العلماني اتهمنا لمجرد نشرنا اثنتي عشرة صورة كاريكاتيرية". انتقاد للمطالب بالاعتذار وانتقدت صحيفة "فرانس سوار" المطالب العربية والإسلامية بالاعتذار عن الرسوم المهينة للرسول قائلة: إن "الاتهام (بإهانة النبي) جاء من الإخوان المسلمين ومن سوريا ومن حركة الجهاد الإسلامي ومن وزارات الداخلية العربية ومن منظمة المؤتمر الإسلامي". واعتبرت أن "الأنظمة العربية والإسلامية ترغب في تقييد الحريات مثلما تفعل بمجتمعاتها". وأضافت الصحيفة: "بعد أن نشرت الصور الكاريكاتيرية طلبت هذه الأنظمة اعتذارات من ناشريها... هذه الأنظمة بالذات التي تمنع يوما بعد يوم منح حرية القول لمواطنيها وحتى لأتباعها المقربين، ولذلك تلجأ إلى طلب اعتذارات من مجتمع آخر بعيدا عن متناول أيديها". وتابعت فرانس سوار: "بما أن أطباء الاعتقاد كانوا صارمين يجب علينا أن نكون أيضا صارمين. من حقنا أن نرسم صورًا كاريكاتيرية لمحمد وللمسيح ولبوذا.. وهذا يسمى عندنا في البلدان العلمانية حرية التعبير". وحول الردود التي تتوقعها الصحيفة، قالت: "إذا صدم القراء من أتباع هذه الديانة أو تلك فإن ذلك يعد ضريبة هذه الحرية التي تسمح لهؤلاء بممارسة حريتهم في التعبد في بلد ليس له دين رسمي". واعتبرت الصحيفة أن الرسوم الكاريكاتيرية المنشورة لا توجد بها أي من "الإحالات العنصرية أو مس بشرف أي معتنق لدين". يذكر أن صحيفة "جيلاندز بوستن" الدانمركية اعتذرت يوم الإثنين 30-1-2006 عن نشر الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي -صلى الله عليه وسلم-. وتسببت الرسوم التي نشرتها "جيلاندز بوستن" في سبتمبر الماضي -وأعادت نشرها صحيفة نرويجية في وقت سابق من الشهر الجاري- في إطلاق حملات مقاطعة في الدول العربية والإسلامية للبضائع الدانمركية ردًّا على عدم التحقيق مع الصحيفة بدعوى أن ما جاءت به لا يخرج عن حرية الرأي التي يكفلها الدستور. رسوم "طريفة" وقالت "فرانس سوار": إن "بعض الرسوم طريفة وأخرى أقل طرافة؛ لهذا السبب اخترنا أن نعيد نشرها". وأضافت: "إن تحريم القرآن لتجسيم وتصوير محمد لا يلزم معه أن يخضع غير المسلمين لنفس القانون... هذا ما لا يريد سماعه سكان الجانب المقابل من البحر المتوسط الذين هم سجناء أفكارهم". ونشرت الصحيفة على صفحتيها الرابعة والخامسة الرسوم الاثني عشر المسيئة للرسول -صلى الله عليه وسلم- مع مقال آخر تحت عنوان: "الاثنتا عشرة صورة الشجاعة"، استعرضت خلاله آخر تطورات الاحتجاجات الإسلامية ضد الصحيفة والحكومة الدانمركية. واستعانت الصحيفة في ملفها بآراء كل من روبير مينار الأمين العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" الفرنسية التي تهتم بحقوق الصحفيين، والباحث الإسلامي المقيم في فرنسا صهيب بن شيخ والذي قالت إنه "دعا إلى احترام القناعات الذاتية الخاصة للأفراد". وعلى غير العادة فإن الصحيفة تفادت إبراز صورة غلافها على صفحتها على موقعها الإلكتروني فيما وزعت بشكل عادي على كامل نقاط البيع بفرنسا اليوم الأربعاء. وتعاني جريدة "فرنس سوار" منذ بضع سنوات من صعوبات مادية كبيرة هددت بإغلاقها نتيجة نقص حاد في المبيعات جعلتها تتذيل مبيعات الصحف الفرنسية. وتدنت مبيعاتها في الأشهر الأخيرة إلى أقل من 67 ألف نسخة بعد أن كانت في الستينيات من القرن الماضي أحد أبرز الصحف الفرنسية بمليون ومائة ألف نسخة.