أجمعت تدخلات الجمعيات الحقوقية الوطنية، في أول قراءة جماعية، على جزئية مقاربة هيأة الإنصاف والمصالحة لطي صفحة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خلال الفترة الممتدة من 1956و,1999 واختلفت من جهة أخرى في الحكم التفصيلي على تجربة الهيأة، من حيث مدى تحديد المسؤوليات، أودرجة شمولية التوصيات التي انتهت إليها تحريات الهيأة، أو مدى فتح كل ملفات ماضي الانتهاكات. جاء ذلك في ندوة نظمتها أول أمس بالرباط الجمعية المغربية لحقوق الانسان بحضور جمعيات حقوقية أخرى، تحت عنوان: ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان الحصيلة والآفاق. وأعرب عبد الرحيم المعداني عن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان عن ايجابية المقاربة التشاركية التي أفضت إلى مسلسل الإنصاف والمصالحة، من خلال اعتبار حركة الضحايا طرفا أساسيا في معالجة الملف، وأيضا عبر تبني مقاربة القرب من المسلسل الإصلاحي العام، والعمل من الداخل دون التخلي عن الاستقلالية. ومن أبرز ما أسفر عنه المسلسل، وفق المعداني، إعادة الاعتبار المادي والمعنوي للضحايا، ثم النص على ضمانات لعدم تكرار ما جرى، واعتبر المعداني عمل هيأة الانصاف والمصالحة حلقة أساسية من حلقات تقدم المسلسل الاصلاحي والديمقراطي بالمغرب الذي ابتدأ منذ بداية التسعينيات. لكن رغم هذا المجهود الذي بذل، حسب المعداني، من خلال وجود إرادة سياسية عليا فإن صفحة الماضي تظل مفتوحة وذلك لعدة أسباب منها عدم التطرق لأحداث الريف، ووجود حالات لم يتم الكشف بعد عن مصيرها. بالمقابل، أبرز محمد الصبار عن منتدى الحقيقة والانصاف أن التجربة المغربية متفردة في نماذج العدالة الانتقالية، ذلك أن المسلسل جرى في ظل الاستمرارية. من جهة أخرى أشار الصبار أن الهيأة اشتغلت في مناخ سياسي وحقوقي ضاغط، لعل أهم تفاصيله الانتهاكات التي تلي أحداث 16 ماي، والتعامل الأمني الصرف مع ملفات ما يسمى بالسلفية الجهادية. وفي حين اعتبر الصبار بعض توصيات الهيأة ايجابية، فإنه طالب بالمقابل بضرورة تحديد المسؤوليات الفردية، والتنفيذ الفوري لبعض التوصيات. وإذا كان محمد السكتاوي المدير التنفيذي لفرع منظمة العفو الدولية بالمغرب قد توقف عند التخوفات التي أبدتها منظمته في بداية المسلسل، ومجمل العقبات التي تعترض العدالة الانتقالية، فإن التهامي القائدي عن جمعية هيآت المحامين بالمغرب قد تساءل عن مدى قدرة المجلس الاستشاري لحقوق الانسان بتركيبته الحالية أن يستكمل ما بدأته الهيأة؟ كما اعتبر القائدي أن من أهم إنجازات الهيأة كونها مكنت بعض عائلات الضحايا من معرفة مصير أقاربهم. علاوة على ذلك طالب القائدي بتعديل الدستور وتجريم التعذيب وفق المعايير الدولية، والتنصيص على استقلالية القضاء في اتجاه النزاهة والكفاءة. أما عبد الحميد أمين رئيس الجمعية المغربية لحقوق الانسان، فاعتبر أن حصيلة الهيأة تشوبها عدة نقائص، منها عدم التطرق لجميع أصناف الانتهاكات، وعدم الخوض في انتهاكات مابعد ,1999 وضعف تعاون بعض الأجهزة. كما توقف أمين عند بعض الملفات التي لم تتحرى فيها الهيأة ومنها أحداث القضاء على جيش التحرير، وملف أولاد خليفة. مشددا على الحل الديمقراطي والمبدئي لمعالجة ملف الانتهاكات.