ذكرت مصادر مقربة من عمل هيئة الانصاف والمصالحة أن جلالة الملك محمد السادس سيعلن قريبا في خطاب رسمي عن الخطوط العريضة الواردة في خلاصات تقرير الهيئة، الذي استهدف مقاربة ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، خلال الفترة الممتدة من 1956 إلى .1999 وذكرت المصادر ذاتها أن الهيئة تقدمت بتقريرين إلى جلالة الملك. يتضمن الأول تفاصيل عمل الهيئة، وركز في ستة مجلدات على المهام الأساسية التي اشتغلت عليها الهيئة، و يتضمن الثاني الخلاصات التي سيتم تداولها على صعيد الرأي العام الوطني والدولي. من جهة أخرى تلقت هيئة الإنصاف والمصالحة 22 ألف ملف من قبل من يعتبرون أنفسهم ضحايا مختلف الانتهاكات، التي شهدها المغرب خلال 43 سنة موضوع الفحص. غير أن تحريات الهيئة أسفرت عن قبول تعويض 6 آلاف اعتبرت أهلها ضحايا، وأن ملفاتهم تتوافق والمعايير التي تشتغل على ضوئها، وفي هذا الإطار أشار عضو من الهيئة أن هذه الأخيرة تقدر التكلفة المالية للتعويضات المرصودة في سياق ما يعرف ب جبرالضرر ب مليار درهم، حيث تم إبلاغ مختلف الضحايا بقيمة التعويضات المرصودة لكل واحد منهم. ويتضمن التقرير النهائي المذكور حسب مصادر مقربة من الهيئة مختلف الأسماء والمؤسسات التي تورطت في خرق حقوق الإنسان من الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، كما تطرق التقرير لتفاصيل مختلف الأحداث التي نجمت عنها مجمل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، فضلا عن تدوين مختلف المعتقلات التي كانت مقر الانتهاكات، ومنها معتقلات تازمامارت، ودار المقري ودرب مولاي الشريف، وكذلك معتقلات أكدز وقلعة مكونة والمقابر الجماعية. وفي باب التوصيات، قدم تقرير هيئة الانصاف والمصالحة عدة خلاصات، منها الدعوة إلى إبعاد المتورطين في مختلف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من مناصبهم، وضرورة إدخال إصلاحات تشريعية وقانونية ومؤسساتية، ودستورية حتىلا يتكرر الماضي الأليم. كما أوصت الهيئة بأولوية الإصلاح الإداري، لاسيما إدخال إصلاحات جوهرية على وظائف وزارتي الداخلية، ثم العدل، وكذلك الأجهزة الأمنية، وتحديد مجالات تدخلاتها عبر نصوص قانونية واضحة، مع توسيع هوامش ممارسة الحريات الفردية والجماعية، كما أوصت الهيئة بإحداث هيئة داخل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان تتبع مدى تنفيذ توصيات الهيئة، وتحويل مختلف المعتقلات السرية السابقة إلى متاحف لحفظ الذاكرة الجماعية وتحقيق المصالحة الوطنية. يشار إلى أنه رغم انتهاء مدة عمل الهيئة وأشغالها على ملف طي صفحة الماضي التي استغرقت عامين، مايزال أعضاؤها يقومون ببعض الأشغال ، خاصة بعدما أثيرت صيغة الكشف عن مقابر أحداث انتفاضة 1981 بالدار البيضاء زوبعة كبرى وسط الجسم الحقوقي والاعلامي، وهو ما دفع بمنتدى الحقيقة والانصاف إلى اعتبار إعادة دفن الضحايا، وعددهم يناهز الثمانين في إحدى زوايا ثكنة الوقاية المدنية بالحي المحمدي، ب محو لآثار الجريمة.