يعرف المجتمع المغربي طفرة كمية و نوعية في مجال الحريات و حقوق الإنسان في إطار دينامية مجتمعية هادفة أسفرت عن نشوء عدد من الحركات الجمعوية و الفكرية، وفي ظل هذا المناخ السياسي و المجتمعي الصحي ، بزغ فكر صناع الحياة بكل ما يحمله من خصائص النجاح و الايجابية التي أتاحت له أن يترك انطباعا حسنا و صدى طيبا داخل النسيج المغربي. ولعل أول شيء يسترعي انتباهك و أنت تخالط صناع الحياة هو روح المحبة و الألفة التي تجمعهم في احترام تام لخصوصيات بعضهم البعض فتيانا و فتيات مع تميزهم بالحس الخلقي الفاضل و الذوق الرفيع ، مما جعلهم ينأون بأنفسهم عن الخوض أو التفكر في سفاسف الأمور بعد أن جمعتهم غاية أسمى هي حب الوطن و هم الإصلاح. ولو قمنا بالرجوع إلى الجيل الأول من الصحابة رضوان الله عليهم ، نجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نجح في زرع هذه الروح المتمثلة في الأخوة والتعاون والمحبة الخالصة لله ، وقد ساهم في الأمر أيضا وجود أهداف جمعتهم وهي إرضاء الله سبحانه وتعالى ونشر دعوة الإسلام والفوز بجنان الفردوس، فكان فضلا من الله أن ألف بين قلوبهم لقوله سبحانه وتعالى : {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}. ومن المعلوم أن غالبية شباب أمتنا في عصرنا الحالي لا يكترث لتحديد رسالة عظيمة أو هدف سام في حياته، وهذا قد جعل من شباب صناع الحياة في البداية الأولى للمشروع لما تعرفوا على إخوة لهم يشاركونهم نفس الهم والرغبة في التغيير، يستبشرون خيرا ويفرحون بلقائهم بمن يشاركهم نفس الهم ويزداد لديهم الأمل في تحقيق رسالتهم ، وبالتالي فمن الطبيعي أن تكون العلاقة بين صناع الحياة سواء إخوة أو أخوات هي علاقة أخوة واحترام وتقدير شديد ، وبحكم أن فكرة صناعة الحياة ليست مقتصرة على فئة معينة من المجتمع ، فنجد حتى الإخوة الذين ليسوا على درجة من التدين والتحقوا بركب صناع الحياة يحترمون هذا المحيط و يندمجون مع أفكار صناع الحياة الذين يقبلون الآخر كيفما كان فكره وانتمائه مع الاعتزاز بالمرجعية الإسلامية والقيم الأخلاقية التي يدعو لها إسلامنا ، فيا لعظمة هذا الدين الذي ألف بين المئات من الإخوان والأخوات ، وجعل هؤلاء الشباب يبذلون من وقتهم وجهدهم وأموالهم في سبيل أهدافهم السامية ، فكم جميل أن تكون لديك فكرة عظيمة تعيش لأجلها ، وتجعل عواطفك تحركك بقوة تجاهها كما نلحظ هذا خصوصا في أخواتنا الفاضلات اللواتي برهن في عدة مناسبات عن تحملهن المسؤولية وعن إيجابيتهن وقدرتهن على العطاء والبذل أكثر من الإخوان، فهذا نتاج للقلوب التي امتلأت بحب الله سبحانه وتعالى وحب رسوله صلى الله عليه وسلم ، فالنفس إذا لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل ، ولا يمكن أن يجتمعان معا في جوف المرء. أخوة صناع الحياة دليل واضح أن شباب الأمة مازال فيهم الخير الكثير، وأن هذا التلاحم يثير إعجاب المرء بهذا الشباب المغربي الواعد قدرته على الجمع بين الإدراك الناضج لإكراهات المرحلة و ثقل المسؤولية و بين فتوة الشباب و عنفوان الإرادة في اتزان نفسي عجيب يتدفق بروح المبادرة و التفاؤل غير آبه بادعاءات المغرضين ولمزات المثبطين التي قد تتعالى بين الحين و الآخر على هذا المنبر أو ذاك، و مما لا شك فيه أن هذا المشروع التنموي الفريد قد بدأ يشق طريقه الصحيح و سيشكل لا محالة في المرحلة القادمة بارقة أمل ينصل خضابها ليل الإحباط و اليأس و يبشر بمستقبل واعد لهذا الوطن العزيز.