الدكتور محمود الزهار "أبو خالد" ركيزة أساسية من ركائز الحركة الإسلامية الفلسطينية، وشخصية سياسية محورية تركت بصماتها وآثارها في عمق وأخاديد الواقع الفلسطيني والسياسة الفلسطينية منذ انطلاقة الانتفاضة المباركة الأولى وحتى اليوم. المركز الفلسطيني للإعلام كان له لقاء خاص بأبي خالد القائد المقدام، الذي دفع ابنه البكر "خالد" شهيدا فداء لدينه وقضيته خلال محاولة الاغتيال الصهيونية الجبانة التي استهدفته عام 2003، فطرحنا عليه الكثير من الأسئلة الملحة التي يفرزها الواقع الراهن على بساط بحثه ورؤيته وتفكيره، بين يدي الانتخابات التشريعية القريبة، وهموم وشجون الساحة الفلسطينية التي تدخل منعطفاً حاسماً هذه الأيام، ليكون هذا الحوار: - هل تتوقع عقد الانتخابات التشريعية في موعدها؟ كل الاحتمالات واردة، بما فيها احتمالات تخريبها من قبل مجموعات مسلحة تنتمي لجهة معينة، وكذلك احتمالات أن تجري في موعدها. نحن ندخل الانتخابات على أساس أن الانتخابات ستجري في موعدها، وسنعمل بكل وسيلة لحماية العملية الانتخابية مع الفصائل الفلسطينية وقوى الشارع الفلسطيني. - هل يمكن أن تؤثر الأحداث الأمنية الراهنة من خطف للأجانب وتصاعد لمظاهر الفلتان الأمني واحتجاجات بعض مسؤولي حركة "فتح" على فرص عقد الانتخابات في موعدها؟ هذه كلها فوضى أمنية منظمة ومسيطر عليها، وتتبع سياسة معينة هدفها تخريب العملية الانتخابية. هناك جهة غير قادرة على أن ترتب أوراقها والكل يريد أن يكون على رأس القائمة، وفي المحصلة أدت إلى هذه الخلافات الجذرية الواقعة الآن. يريدون أن يؤجلوا الانتخابات هروباً من هذه الاستحقاقات. - ما هو موقف حركة "حماس" حيال حدوث السيناريو الأسوأ وعدم إجراء الانتخابات تحت أية ذريعة كانت؟ هذا سؤال مهم، أولا كيف سيكون شكل يوم 26 من الشهر الحالي، من يستطيع أن يتحدث عن مصداقية أي قرار يمكن أن يصدر عن السلطة، ثانياً من سيقبل بوجود حكومة على نمط الحكومات التي كانت في السابق، من سيقبل بوجود المجلس التشريعي إلى الأبد، من سيقبل بوضع احترام السلطة وما يسمى بوحدانية السلطة. لذا أعتقد أننا سندخل في فوضى عارمة تطال المؤسسات والهيئات والشرطة ومؤسسات الحكم بشكل عام، وفي المحصلة أعتقد أن الخاسر الأكبر سيكون الجهة التي عطلت الانتخابات إضافة إلى القضية الوطنية الفلسطينية. - هل يشكل إجراء الانتخابات في موعدها حلاً للأزمات الوطنية في ظل ما يروجه البعض من أن الانتخابات قد تعمق من أزماتنا الوطنية وتفاقمها؟ "فتح" محتاجة إلى دخول الانتخابات لتثبت من يمثل الشارع الفلسطيني من "فتح"، و"حماس" محتاجة إلى الشرعية الدستورية لترد على كل الادعاءات التي تقول بأنها إرهابية. الوطن يحتاج إلى برنامج إصلاحي يرمم ما دمره الاحتلال وما أفسده الفساد وكل الفصائل الفلسطينية الصغيرة والكبيرة، كل المستقلين، الشارع الفلسطيني عنده الكثير من القنابل المتفجرة يربطها ويوقتها على الانتخابات، ويرى في الانتخابات حلاً لهذه المشاكل، وبالتالي إذا أردنا تأجيل موعد الانتخابات ورسخنا الواقع الحالي فإن الفوضى العارمة ستكون هي المحصلة. - ما مدى تأثر الوضع الفلسطيني بمكوناته السياسية والاجتماعية المختلفة بالضغوط الإسرائيلية والتدخلات الأمريكية والأوروبية التي تستهدف حرمان "حماس" من المشاركة السياسية والوصول إلى مواقع صنع القرار الفلسطيني؟ واضح أن الموقف الأوروبي بدأ يتراجع وكذلك الموقف الأمريكي. في الماضي كانوا يتحدثون عن أنه لا يمكن مشاركة "حماس"، الآن يتحدثون عن التمويل ويتحدثون عن الحكومة التي لن يعترفوا بها إذا شاركت فيها "حماس"، وهذا تراجع واضح. العدو الإسرائيلي قال في البداية لن نسمح ثم الآن بدأ يتراجع، إذن صلابة الواقع الفلسطيني في المحصلة سيفرض هذا الواقع. أمريكا ليست هي إله هذا الكون، هناك وسائل متعددة للخروج من عباءة أمريكا، ولابد أن نخرج أمريكا من أجل مشروعنا الوطني، وبالتالي يمكن أن نخرجها حسب برنامجنا الذي نراه أو الذي سيجمع عليه أبناء شعبنا الفلسطيني الذين سينجحون في الانتخابات، مع بعض الاستثناءات نستطيع أن نجيب على هذه التساؤلات، وهذا هو التحدي الذي ينتظرنا. - هل تتوقعون انسيابية في الإجراءات الانتخابية حتى يوم الاقتراع أم من الممكن أن تحدث سيناريوهات ومفاجآت غير متوقعة؟ كل الاحتمالات قائمة وموجودة، ممكن أن تحدث استفزازات وإطلاق الرصاص على التجمعات، ممكن أن يكون هنالك تمزيق للشعارات، وممكن أن يكون هناك اعتداءات منظمة على المراكز الانتخابية، ممكن أن يخرج علينا التشريعي بقراراته ليُتلف ما تبقى من هذه العملية، ولكن من المتوقع أن تصل الأمور ذروتها إذا تدخلت إسرائيل تدخلاً مباشرا أو إذا وصلنا إلى موعد الانتخابات. - هل يمكن القول أن حركة الاحتجاجات الداخلية في صفوف حركة "فتح" لتأجيل الانتخابات وحوادث الفلتان الأمني المنظمة والاعتداءات المبرمجة على المقار والمراكز الانتخابية والمؤسسات العامة والرسمية، تهدف أساساً للانقلاب على الرئيس محمود عباس، وما موقف "حماس" حال حدوث ذلك؟ القضية ليست انقلاباً على "أبو مازن" لأنه ليس هناك في الحقيقة في الواقع الفلسطيني من يطرح استبدال "أبو مازن"، ولكن كل الخوف من نتائج الانتخابات لسببين: السبب الأول أن الذين تربعوا على نهر من المال والسلطة والقوة في السنوات الماضية بدأت تهتز تحتهم المقاعد، والسبب الثاني الخوف من فتح ملفات الفساد الموجودة، وبالتالي محاولة تخريب الانتخابات حتى لو أدى ذلك إلى تخريب كل القضية الوطنية، وأعتقد أن الذي يقف الآن أمام الناس ويقول إنه مع تأجيل الانتخابات، أو يمارس عملية تأجيل الانتخابات بأي صورة من الصور أو إعاقتها سيخسر ما بقى له من الشارع. قد تخسر جهة ما جزء من قوتها في الانتخابات، ولكن ستخسر كل قوتها إذا لم تشارك في الانتخابات. - هل من الممكن ربط المصير الوطني ومصير القضية الفلسطينية والمشروع الوطني بمصير حركة "فتح"، صعوداً وهبوطاً؟ المشكلة أنه عندما ربطنا على مدى الأربعين سنة الماضية هذا الموقف أو المصير بمصير "فتح" أدت إلى ما وصلنا إليه، وبالتالي لابد أن يكون هناك بدائل، والبدائل تكون مطروحة على الشارع، وعلى "فتح" أن تجدد وتجد بدائل أيضا لبرامجها. لا يمكن أن يقبل الشارع أن تبقى "إسرائيل" هي الحليف الاستراتيجي، ولا أن يبقى التعاون الأمني معها فضيلة وطنية تخدم المصلحة الوطنية، ولا إدانة العمليات الاستشهادية والمقاومة مقبولة على الشارع، ولا يمكن أن تبقى رموز الفساد التي أثرت على حساب الشعب كما هي وفي مواقعها، ولا يمكن أن تبقى قوى فاعلة في الشارع الفلسطيني بغض النظر عن انتماءاتها أن تبقى معطلة عن إدارة الصراع، وبالتالي لابد من بدائل للخروج من هذه الأزمة، وأحد هذه البدائل هو الانتخابات. - ما تقييمك للدعاية الانتخابية لحماس، هل تراها دعاية انتخابية كبيرة وصاخبة أم هادئة نسبياً، وما أبرز الملامح والمضامين التي تحتويها هذه الدعاية؟ الملامح للعملية الدعائية هي فقط الحديث إلى الناس، وشرح ما يتصل بطبيعة الشخصيات المرشحة، أما بالنسبة للبرنامج فهو نقاش حول رؤية الحركة عن كيفية الخروج من الأزمة الحقيقية فيما يتعلق بموضوع التعاون الأمني، موضوع الاقتصاد، موضوع الزراعة، الصناعة، التعليم، والرؤية الحقيقية للحركة. الحملة ليست ذات تعريض بالآخرين ولا التحريض ضد أحد ولكن هي عرض البرامج. - هل تتوقعون أن تلتزم القوى السياسية المختلفة المشاركة في الانتخابات بمواثيق الشرف الانتخابية في إطار دعايتها الانتخابية، وخاصة حركة "فتح"، أم أنها ستجد في مهاجمة "حماس" وسيلة للتغطية على أزماتها؟ كل الاحتمالات موجودة، وفي كل الانتخابات التي تجري يتم فيها التعرض والتحريض، وأعتقد أن التعرض والتحريض قد بدأ بالفعل، إذ أن هناك بعض الشخصيات التي تهاجم شخصيات من "حماس" وتهاجم برامجها وتهاجم تاريخها. المهم كيف ستتعامل الحركة مع هذا الموضوع، سنتعامل معها بنفس التركيز على برنامجنا، ولن نتعرض لشخوص ولكن سنتعرض لبرامج، وسنطرح برنامجنا كبديل عن البرامج الأخرى. - هل تتوقعون سيناريوهات لتخريب يوم الاقتراع يمكن أن تستنسخ ما حدث في الانتخابات التمهيدية لحركة "فتح"، وما رد وموقف الحركة في حال وقوع مثل هذه السيناريوهات؟ هذا متوقع، لأنه لا أحد يستطيع أن يقف الآن ويقول سأؤجل الانتخابات أو يقول إنني سأخرب الانتخابات. بعض الجهات العسكرية المعروفة المحسوبة على جهات معينة وقفت وقالت أنها ستحارب العملية الانتخابية وأنها ستخربها، وأعتقد أن الذي يتبنى هذا الموقف سيخسر على مستوى الشارع وليس فقط على مستوى الانتخابات، ولكن أيضا على ما بعد الانتخابات، والسؤال المهم الذي يجب أن يطرحه كل طرف وخاصة الجهة أو الجهات التي تعارض إجراء الانتخابات هو ماذا بعد يوم الانتخابات إذا نجحت في إفشالها؟ - وماذا سيكون موقف الحركة حينذاك؟ موقف الحركة منذ البداية مع الفصائل الفلسطينية التي ستشارك في الانتخابات هو أنه لابد من حماية العملية الانتخابية، وأعتقد أن الدرع الواقي لهذه العملية سيكون الشارع الفلسطيني. - الشارع الفلسطيني.. كيف ذلك؟ كما قلت لك فإن الشارع الفلسطيني سيتواجد في أماكن ومقرات الاقتراع ويستطيع أن يحميها، ومن يعتدي على الشارع والناس فإنه بالتأكيد سيلقى عاقباً كبيراًً من الجماهير، لأن الشعب لن يسكت على من يطلق عليه الرصاص أو من يحاول أن يصادر قناعته أو أن يؤجل مصالحه. - ما رؤيتكم وتقييمكم لطبيعة الموقف الإسرائيلي إزاء مشاركة أهالي مدينة القدس في الانتخابات، وهل تتوقعون عرقلة إسرائيلية لاقتراع المقدسيين يوم الانتخابات؟ المعطى الدولي الآن هو مع الانتخابات، سواءٌ كان أمريكا أم أوروبياً، ولكن مع أماني وإجراءات لجعل "حماس" أقلية، وبالتالي أنا لا أتصور أن المعطى الدولي سيسمح لإسرائيل بتخريب العملية الانتخابية في القدس حتى تعطي مبرراً، وقد قالوا ذلك إعلاميا. لا أتصور أنهم سيقولون لأحد انتخب ولكنهم في تصوري لن يعرقلوا العملية الانتخابية كما حدث في انتخابات عام 1996، وفي انتخابات الرئاسة مطلع العام الماضي، وإذا كان الموقف غير ذلك، وهذا أمر لا يمكن أن يلغيه أحد فإن قوات الاحتلال تكون قد فتحت بوابة صراع جديدة، خاصة وأن التهدئة قد انتهت. - لماذا تدخلون المجلس التشريعي، وما هي أهدافكم، بالنظر إلى أن هناك بعض الخصوم السياسيين يشككون في موقفكم الراهن، ويدّعون بعدم وجود فوارق بين رفض "حماس" المشاركة عام 1996 وموقفها الإيجابي هذه الأيام؟ أولاً سأضع ملامح أساسية، نحن نحتاج كما قلت لك إلى ما يسمى الشرعية الدستورية حتى نتوج ما قدمناه من شرعية جهادية أثبتت قدرتها على التحدي وأدت في المحصلة إلى طرد الاحتلال، وهذه القضية ورقة نرفعها في وجوه من يدعون أننا إرهابيون لأن الشعب الفلسطيني يعطي من يمثله. النقطة الثانية عندما رفضنا أوسلو ونرفضه الآن، ماذا بقي من أوسلو كإجراءات على الأرض وليس كقضية قانونية؟ سنقضي عليه. سنقضي على البقية الباقية من أوسلو. ثالثا هناك أمامنا وأمام الشعب الفلسطيني قضية خطيرة هي قضية خارطة الطريق والتي تبدأ بتمزيق الشارع الفلسطيني، ودخولنا سيضع حداً لهذه الخارطة، ويضع خارطة جديدة، قد تكون خارطة تحرير، أو خارطة غير خارطة الطريق. النقطة التي تليها أننا كنا نرفض في عهد الاحتلال، والآن الاحتلال قد أزيح جزئيا عن قطاع غزة وجزءً من الضفة ومن المتوقع أن ينزاح في مارس/آذار القادم عن جزء كبير من أرض الضفة الغربية عقب الانتخابات الإسرائيلية. هذا الواقع الجديد يحتاج إلى بناء، والبناء لا يمكن أن يتأتى بالكلام. يجب أن يأتي عبر المشاركة الحقيقية في مشاريع إصلاح. النقطة التي تلي ذلك أننا ورثنا تركة ثقيلة وخطيرة من الفساد لا يمكن أن تتم بالشخوص السابقة أو البرامج السابقة، إذن لابد من المشاركة الحقيقية وأعتقد أن مشاركتنا سيكون لها انعكاسات إيجابية على الكثير من الحركات الإسلامية في العالم وأي إنجاز سنقدمه سيكون إنجازاً لمشروعنا الحضاري الذي لا يريد البعض أن يعترف بأنه مشروع بديل عن مشروع الصهيونية المسيحية اليهودية الحالية. - ما هي أبرز ملامح وعناوين برنامجكم الانتخابي الذي تخوضون به هذه الانتخابات؟ أول علامة هي أننا نعتبر العدو الإسرائيلي لا شريك ولا حليف. وبالتالي كل ما بني في كافة المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية وغيرها مع العدو الإسرائيلي سيتم تقليصها حتى نصل إلى درجة نتخلص فيها مما يسمى بالشراكة. البديل هو فتح بوابة كبيرة على الأمة العربية من خلال "مصر والأردن". النقطة الأخرى بعد ذلك هي قضية الصحة والتعليم والصناعة، ومشروعنا هو مشروع الاكتفاء، بمعنى أن نضع حداً للاعتماد على الآخرين. فيما يتعلق بموضوع الاستثمار نحن نفتح باب الاستثمار الفلسطيني للعرب دون أن تكون هناك المظاهر السابقة من المشاركة الوهمية والابتزاز. طبعاً مشروع الإصلاح يشمل كل مناحي الحياة. نحن نرى أن مشاركة كل الناس في مشروعنا هي الأساس، ولذلك نقول أننا لا نريد أن نستبدل فصيل بفصيل، ولكن نستبدل برنامج ثبت عجزه ببرنامج نتمنى أن ينجح، وهذا البرنامج مفتوح لكل الناس بما فيها الذين فشلوا في البرنامج السابق أن يشاركوا في هذه الحملة للتطهير والإصلاح للتمهيد لمرحلة جديدة في غاية الأهمية قد تكون مرحلة تأسيس دولة حقيقية. - ما تقييمكم لقائمة مرشحي الحركة في الانتخابات، وردكم على بعض الأصوات الناقدة لوجود عدد كبير من أصحاب الشهادات الشرعية بينهم؟ أولا أصحاب الشهادات الشرعية لهم اهتمامات في غاية الأهمية في المجتمع، منهم من رأس أندية رياضية، ومنهم من رأس مؤسسات اجتماعية، ومؤسسات خيرية، ومنهم من رأس مؤسسات ثقافية، ومنهم من يتحدث في الصحافة والإعلام. بالنسبة لي شخصياً أنا خريج طب وأتعاطى السياسة وأتحدث فيها، وبالتالي القضية ليست هي الشهادة التي حصلت عليها، ولكن ما هو المجال الذي يمكن أن تخدم فيه، وأعتقد أنهم يشكلون إجابة على كل اللجان الموجودة في المجلس التشريعي، سواء التعليمية أو الثقافية أو التربوية أو الصحية أو السياسية وغيرها. - ما هي توقعاتكم ومقارباتكم لنتائج الانتخابات المقبلة، وفرص فوز حركة "حماس" فيها في ضوء فوز الحركة في الانتخابات المحلية الأخيرة؟ نحن نقبل بأي نتيجة طالما أن الانتخابات نزيهة وحرة ولم يتم التدخل بها، ولكن دع الأيام تجيب على هذا السؤال. - هل تتوقع أن تشكل الانتخابات حلاً سحرياً للأزمات الداخلية التي يئن تحت وطأتها المجتمع الفلسطيني، وكيف سيكون شكل معالجات الحركة لهذه الأزمات؟ الحلول السحرية في السياسة غير قائمة، ولكن هذا هو الحل الوحيد المتوفر الآن، هذا هو الحل الوحيد الواقعي الذي يجيب على العديد من الأسئلة، قد لا يجيب على كل الأسئلة وخصوصاً أن موازين القوى مختلة بيننا وبين الكثير من عناصر المشهد والواقع، ولكنها ستشكل على الأقل رافعة للجيل القادم يستطيع أن يبني عليها الكثير من المواقف الإيجابية، ولكن إذا بدأنا ننحدر سنحتاج إلى سنوات حتى نصعد إلى مرحلة الصفر. نحن نريد أن نصعد من مرحلة الصفر إلى ما هو أعلى، وأعتقد أن الانتخابات هي الوسيلة الوحيدة، في الشعوب الأخرى تستخدم إما الانتخابات أو الانقلابات، وكانت الانقلابات كارثة، ولكن هذا لا يعني أن حق الدفاع عن النفس، وحق الدفاع عن المنجز هو حرب أهلية. الأمر مشروع، ويجب أن يستخدم، وألا يترك للعبث أو التخريب. - ما موقع التحالفات في فكر وممارسة حركة "حماس" في ضوء التحالفات الانتخابية التي تميزت بها مؤخراً، إن على صعيد الانتخابات المحلية الأخيرة أم على صعيد الانتخابات التشريعية المقبلة؟ التحالفات الانتخابية خاصية لم تتميز بها الحركة مؤخراً، نحن وضعنا في قائمة الجمعية الطبية عام 1981 طبيبا مسيحياً، النقطة الثانية ما أفرزناه في رام الله واضح، أننا أعطينا الثقة لسيدة مسيحية وعلمانية في نفس الوقت، النقطة الثالثة أننا سندعم مسيحي في غزة وندعم مستقلين وندعم عناصر معروفة أنها ليست ذات علاقة بحماس لأنها توافق على البرنامج الذي نطرحه، وشكلت في المرحلة الماضية مصداقية عملية في هذا المجال. - هذه التحالفات هل تشكل تكتيكاً عابراً أم نهجاً تعبر به الحركة المرحلة المقبلة؟ نحن عندنا المستند العقدي في هذا الموضوع واضح، أول وزير اقتصاد في مصر بعد الإسلام كان مسيحياً، موسى بن ميمون، وفي ظل الدولة الإسلامية في أسبانيا كان يهودياً، صلاح الدين استعان بالمسيحيين في مقاومة الصليبيين، وبالتالي ليست هذه قضية طارئة أو تكتيكاً كما يحاول البعض أن يصورها. - كيف تتوقع شكل وآليات عمل النظام السياسي الفلسطيني المنتظر عقب إجراء الانتخابات وظهور خارطة نتائجها؟ بالتأكيد ستكون هناك تحالفات، تحالفات على البرامج وليس على أساس ولاءات أو شراء ذمم، وهذه التحالفات ستطرح برامجها أمام الناس، وتطالب منهم محاسبتها ومراقبتها، مهمة التشريعي فضلاً عن التشريع هي المراقبة ووضع الميزانية، وبالتالي ستكون هذه المواضيع الثلاث الأساسية محور اهتمام الجمهور، كيف تتم الميزانية، بمعنى الصادر والوارد ضمن المعطيات المتوفرة، كيف سيتم مراقبة الأجهزة التنفيذية وإصلاح كل القضايا المتعلقة بها وخصوصا القضاء، وكيف سيتم التشريع بحيث يستجيب للواقع الفلسطيني بما لا يتناقض مع الموروث الحضاري والديني والأسس الدينية التي يعرفها الجميع في فلسطين. - ما تقييمكم لفكر وأداء الحركة بعد ثمانية عشر عاما من تأسيسها، وعلى كافة المستويات؟ بعض الناس يحاولون أن يصوروا أن الحركة بدأت جاهلة ثم أخذت تطور فكرها، وهؤلاء الناس لم يعرفوا "حماس" جيدا، هم لو قرؤوا الإسلام لأدركوا أن الصورة كانت واضحة، ورؤية الحركة لما جرى على الساحة أثبت الواقع أنها كانت صحيحة، عندما رفضنا أوسلو الآن بعد عشر سنوات الكل اقتنع أن أوسلو كان كارثة، عندما رفضنا الدخول في المجلس التشريعي السابق عام 1996 الكل الآن يدرك أن الدخول الآن هو الوقت المناسب والوسيلة المناسبة، يعني الوسيلة المناسبة في الوقت المناسب لحل المشاكل. يعني رؤيتنا الاستراتيجية والتكتيكية أعتقد أنها أصبحت الآن معروضة على الشارع على أرض الواقع، والكل يشهد بمدى قدرتها ومصداقيتها في التحليل وفي الترتيب، وبناء عليه ليس هناك ما يسمى تطور، لأن الحركة بفكرها متطورة من البداية، ولكن هناك مجالات جديدة أضيفت على العمل، واهتمامات جديدة يعتبرها البعض تطوراً، ونحن نعتبرها جزءً من اهتمامات الشارع الفلسطيني التي تستجد والتي يجب أن تجد الإجابة عليها من منظور الحركة. - كيف ستتمكن الحركة من المزاوجة بين السياسة والمقاومة عقب الانتخابات؟ كل الشعوب التي احتلت كانت تزاوج بين السياسة والمقاومة والبناء، مصر عندما كانت محتلة قديما كانت تبني وتشكل حكومات وكان فيها ملك وكان فيها احتلال بريطاني، الجزائر كانت قطعة رسمية من فرنسا وكان فيها بناء ومستشفيات، فيتنام كانت تقاوم وتبني، وبالتالي ليست القضية عجيبة، إما أن ندخل في مشروع معركة قادم كل الناس تشارك فيها أو أن ندخل في معركة مدنية ونترك الباقي. طبيعة القضية لدينا أننا محتلون، والمحتل يحتاج إلى مقاومة، ومن أبرز أدوات المقاومة أن نرمم ما دمره الاحتلال، هذه معركة ما يتكسر من الاحتلال يجب أن نرممه حتى نستكمل مشروع التحرير. - ما الخطوة المقبلة التي تنوي "حماس" المباشرة بها عقب انتهاء التهدئة، وما تقييمكم لها وأداء المقاومة فيها؟ أولاً فترة التهدئة لم تحقق الشروط التي طلبناها من العدو الإسرائيلي، ولا من السلطة الفلسطينية، ولكن حققت جزء مهما كانت المقاومة تعمل من أجله وهو انسحاب إسرائيلي من غزة وجزء من الضفة. هناك قضيتان مهمتان في هذا الموضوع، القضية الأولى هي تكسير فكرة الصهيونية التي تمتد من الفرات إلى النيل، وترسيخ مبدأ الانسحاب من أراضي فلسطينية محتلة. والقضية الثانية قدرة المقاومة على تحقيق إنجاز حتى لو كانت إمكانياتها بحجم إمكانيات الشعب الفلسطيني، وهذه أعتقد أنها تحققت. القضية بعد ذلك هي كيف يمكن أن نبني ما دمره الاحتلال، هذا هو التحدي الجديد، كيف سيكون العمل، هو مزاوجة بين الدفاع عن النفس والأرض واستكمال برنامج التحرير وأيضا بناء ما دمره الاحتلال، بمعنى وكأننا في معركة كبيرة، الجيش يقاوم وبعد ذلك المستشفيات تداوي والتعليم يستمر وبقية الشؤون المدنية تستمر في أدائها.