في بلدة صغيرة من مناطق الصين، تطبع زهاء ثمانية ملايين نسخة من مجلة أسبوعية اختار لها المشرفون عليها عنوان القارئ، وهي مجلة في حجم كتاب متوسط الحجم، تشمل مجموعة من القصص القصيرة جدا، من وحي الواقع الصيني المعيش لكن برؤية تنموية، بحيث لا تجد قصة من القصص تحيد عن هذا النفس في بسط الحكم وفي تنمية الذات البشرية وتحفيزها على العمل وروح المبادرة والخلق والابتكار، بدل التباكي على ماض ميت أو التباهي بمغامرات عاطفية أو بوليسية أوغير ذلك . ونموذج هذه المجلة التي تقرأ أكثر من بعض الجرائد الصينية في تلك المنطقة أو غيرها، يعطي صورة بليغة عن واقع الثقافة ببلد السورالعظيم؛ فالمكتبات تتعدد في هذا البلد بتعدد السجون والملاهي بالبلدان العربية، حيث تجد مكتبة صغيرة مثلا تتكون من سبعة طوابق،وكل طابق يتخصص بنوع معين من الكتب، ويسمح للزوار أن يطلعوا على مضامين هذه الكتب وقراءة فصول منها إن أسعف الوقت، حتى إن كثيرا من الرجال المتقاعدين يقضون يوميا زمنا غير هين لمطالعة بعض الكتب التي يعوزهم ضيق ذات اليد عن شرائها، وغالبا ما يجلس هؤلاء القراء المجانيون القرفصاء أو يتربعون في زوايا هذه المباني دون أن يثنيهم أحد من مستخدمي المكتبة عن هذه العادة الجميلة. والمناسبة شرط كما يقولون، وبهذا الصدد أذكر أنني كنت أبحث عن كتاب يتضمن بعضا من منهاج أحد مقررات الدراسة الجامعية بإحدى المكتبات الشهيرة بالرباط، فحدث أن أطلت النظر في فهرست هذا الكتاب علني أظفر بالمبتغى حتى لا أقع ضحية بعض العناوين التي تخدعني فينخدع جيبي، فما كان من إحدى المستخدمات سوى نزع الكتاب من يدي وطلب التفضل بالخروج إن عاودت الكرة حسب التعليمات التي أصدرها رب المكتبة. كظمت غيظي وتعللت بابتسامة مصطنعة ولذت بالانسلال متعهدا ألا أدلف أروقة هذه المحلبة وإن اقتضى الأمر الرسوب في الامتحان . قلت لصاحبي: حقا اطلبوا العلم ولو عند بوذيي الصين، ولكن لا تطلبوه بهذه الطريقة عند مسلمين الرباط!