أظهرت النتائج الأولية وشبه الرسمية للمرحلة الرابعة من الانتخابات المحلية في فلسطين والتي جرت الخميس 15/12/2005 تقدما واضح لقوائم لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" على الكتل المنافسة لها، خاصة في المدن الكبرى مثل نابلس والبيرة وجنين، بالإضافة للقرى ذات الكثافة السكانية الكبيرة مثل قبلان جنوب شرق نابلس. وأرجع محللون سياسيون تقدم حماس إلى التنظيم العالي التي امتازت به الحركة والتحضير المسبق للجولة الرابعة، وكذلك إلى حالة الانشقاق والانقسام الذي تعيشه حركة فتح والفصائل اليسارية التي تراجعت بصورة واضحة خلال هذه المرحلة مقارنة بما حققته خلال المراحل الثلاث الماضية. فقد حقّقت قائمة "ائتلاف الإصلاح والتغيير" المحسوبة على حركة "حماس" فوزاً كاسحاً في الانتخابات البلدية في كلٍّ من مدن نابلس والبيرة وقبلان. كما حقّقت نتائج جيدة جداً –بحسب مصادر في الحركة- في مدن جنين ورام الله وعددٍ كبيرٍ من القرى التي جرت بها الانتخابات. وكانت أبرز تلك النتائج في مدينة نابلس، فحسب النتائج الأولية فازت قائمة "ائتلاف الإصلاح والتغيير" على 13 مقعداً من أصل 15 مقاعد المجلس البلدي، وكتلة "فلسطين الغد" التابعة لحركة فتح على مقعدين فقط، في حين لم تستطع ثلاث كتل وهي "العهد لنابلس" تحالف فتح والجبهة الشعبية ومستقلين، وكتلة "الوفاء والتنمية" التي يرأسها رجل الأعمال الفتحاوي مهدي المصري، وكتلة "المستقبل" التي تدعمها الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين لم تستطع الحصول على أي مقعد. وفور ورود النتائج خرجت عشرات الآلاف في المدن المذكورة للشوارع والميادين العامة احتفالاً وبهجة بالفوز. وتجمّع في "ميدان الشهداء" وسط نابلس الآلاف من مناصري حركة "حماس" وهم يهتفون ويكبّرون فرحاً بالنتيجة التي حصل عليها ائتلاف الإصلاح والتغيير هناك، فيما حمل الشبّان المهندس عدلي يعيش رئيس المجلس البلدي الجديد على الأكتاف واحتشد الآلاف لتقديم التهاني للفائزين، وسارعت محطات التلفزة لنشر أخبار النتائج الأولية على شاشاتها. كما جاب موكبٌ كبير من السيارات شوارع المدينة وهي تطلق أبواقها وترفع الرايات والبيارق الخضراء، وخرج كذلك الآلاف في مدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية فرحاً بتحقيق "حماس" لهذه النتائج. ويرى المراقبون أن نتائج الانتخابات في نابلس كانت "غير متوقعة" على الإطلاق، حتى من أشد المتفائلين من قائمة حماس. حيث يؤكد د. رائد نعيرات رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية أن الأرقام التي ظهرت تعتبر مذهلة، ومؤشرا كبيرا على تقدم حماس في مدينة كانت لفترة قريبة جدا تعتبر معقل حركة فتح في الضفة الغربية. ويضيف نعيرات ل"التجديد": "نابلس من كبرى مدن الضفة، ومن أكثرها معاناة جراء ممارسات الاحتلال، وبها تنافس قوي بين حركتي حماس وفتح، وهذا مؤشر أيضا أن التنافس في الانتخابات التشريعية سيكون على أوجه في هذه المدينة". مؤكدا أن هذه الثمرة الأولى للانقسام الجديد الذي أصاب حركة فتح (تسجيلها لقائمين لخوض الانتخابات التشريعية)، متوقعا المزيد من المفاجآت. وتابع قائلا: "خلال جولاتي المتعددة على مراكز الاقتراع المنتشرة في المدينة كان الفرق في الترتيب والتنظيم واضحا بين أنصار حماس والكتل المنافسة لها، فهناك جيش من المتطوعين يرتدون البزات الخضراء على أبواب المراكز يستقبلون المقترع ويهدونه بطاقة تدعم قائمة حماس ومن ثم يرافقه أحدهم إلى محطة الاقتراع، وبعد ذلك يسأله أخر بابتسامة هادئة لمن صوّت؟ ليقوم فورا بنقل النتيجة إلى زملائه الذين يسجلونها لتدخل إلى جهاز كمبيوتر وهكذا... فقد عملوا كخلايا نحل، على عكس الآخرين الذين قل وجودهم وندر عملهم". في قبلان وليس بعيدا عن مدينة نابلس، فإلى الجنوب الشرقي، حققت قائمة "قبلان جسد واحد" المحسوبة على حركة "حماس" في بلدة قبلان فوزا كاسحا في انتخابات المجلس البلدي التي أجريت أمس الخميس. وحسب النتائج النهائية فقد حصلت قائمة "قبلان جسد واحد" على 1522 صوتا وفازت بثمانية مقاعد، مقابل 513 صوتا لقائمة فلسطين الغد المحسوبة على حركة "فتح" التي فازت بثلاثة مقاعد فقط، وحصلت قائمة وطن للتطوير والبناء على 159 صوتا ولم تجتز نسبة الحسم. وتعتبر قبلان ثاني أكبر تجمع سكاني في محافظة نابلس بعد المدينة، وقد بلغت نسبة الاقتراع هناك نحو 83% من أصحاب حق الاقتراع. البيرة وجنين وفي مدينة البيرة وسط الضفة الغربية، حققت قائمة "الإصلاح والتغيير" تقدما ملحوظا بحصولها على 8 مقاعد من أصل 15 مقعدا عدد مقاعد المجلس البلدي هناك، ويرأس قائمة "حماس" الشيخ جمال الطويل الأسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي والذي اعتقل في نيسان/إبريل عام 2002 أثناء عملية السور الواقي، وصدر بحقه حكما بالسجن 3 سنوات فعلية، وقبيل انتهاء مدة محكوميته في شباط/فبراير 2005، قامت سلطات الاحتلال بتحويله للاعتقال الإداري المتجدد، الذي مدد له حتى الآن 3 مرات، وعرض عليه الإبعاد في تشرين أول/أكتوبر الماضي لكنه رفض ذلك جملة وتفصيلا، والشيخ الطويل كان أحد الفلسطينيين ال400 الذين أبعدتهم سلطات الاحتلال إلى مرج الزهور في جنوب لبنان نهاية عام 1992. وفي جنين شمال الضفة الغربية، حققت قائمة "التغيير والإصلاح التابعة لحركة "حماس" فوزاً كبيرا في انتخابات البلدية هناك، بعد أن حصلت على تسعة مقاعد من مقاعد المجلس البلدي الخمسة عشر، بمجموع 3924 صوتا، مقابل 3056 لقائمة شهداء جنين وهي تحالف بين حركة "فتح" والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحصلت على المقاعد الستة الباقية. كما أظهرت النتائج شبه النهائية، فوز الكتل المستقلة الأربعة، التي شاركت في هذه الانتخابات بأي مقعد. وفي قرى جنين تشير النتائج الأولية إلى تقدم حماس على فتح، ففي بلدة "صانور" فازت حماس بخمسة مقاعد فيما فازت فتح بأربعة، وفي بلدة "سيريس" حسمت حركة حماس كافة مقاعد المجلس البلدي، وفي بلدة اليامون تقدمت حركة فتح على حماس بفارق 100 صوت. وفي "سفارين" بطولكرم وفي قرية "سفارين" جنوب شرق مدينة طولكرم فازت كتلة "أبناء سفارين للإصلاح" والمدعومة من حركة حماس في انتخابات المجلس القروي هناك، والتي تنافس عليها كتلتين اثنتين "كتلة أبناء سفارين" وكتلة "فلسطين الغد" التابعة لحركة فتح. وحصلت الكتلة الفائزة على 214 صوتا من أصل 568 صوتا، بنسبة 56% وكتلة "فتح" على 170 صوتا بواقع 44 %. تقارب في غزة ورغم وجود 3 مواقع صغيرة في قطاع غزة أجريت فيها الجولة الرابعة من الانتخابات المحلية أمس، إلا أن النتائج أظهرت تقدما لقائمتي التغيير والإصلاح في "القرارة" شمال محافظة خانيونس و"الفخاري" بحصولهما على أعلى الأصوات. وأكدت مصادر في لجنة الانتخابات المركزية بحركة "حماس" أن قائمة التغيير والإصلاح في بلدة القرارة حصلت على 2711 صوت أهلتها للحصول على ستة مقاعد، فيما حصلت قائمة حركة "فتح" على 2329 أهلتها للحصول على ستة مقاعد أيضاً مع الإشارة إلى أن قائمة التغيير تقدمت عليها بنحو 400 مقعد، فيما حصلت كتلة شهداء القرارة وهي مستقلة مقربة من حركة "فتح" على 560 صوت بما يعادل مقعد. ووفق هذه المعطيات فإن حركة "فتح" هي المرشحة لتشكيل المجلس رغم أن "حماس" حصدت أعلى الأصوات. أما في انتخابات الفخاري فقد حصدت قائمة الفخاري الإسلامية على أعلى الأصوات بحصولها على 371 صوت بما يعادل 3 مقاعد، فيما حصلت قائمة ياسر عرفات المحسوبة على حركة "فتح" على 336 بما يعادل مقعدين، وكتلة الوفاء للأقصى المقربة من "فتح" على 282 صوت بما يعادل مقعدين أيضا، فيما حصلت قائمة أبناء الفخاري على 213 صوت بما يعادل مقعدين وقائمة الوفاء للأرض على 224 صوت بما يعادل مقعدين. ووفق هذه النتائج تكون القائمة الإسلامية المستقلة المدعومة من "حماس" حصلت أعلى الأصوات وأعلى المقاعد فيما يكون تشكيل المجلس رهن بالتحالفات بين ثلاث قوائم على الأقل، وهو أمر متاح لكل من الحركتين. خروقات ورغم الإجماع على أن سير العملية الانتخابية جرت في أجواء من الهدوء والالتزام، إلا أنه تم رصد العديد من الخروقات الانتخابية، أبرزها حدوث خللٍ في ورود أسماء من الانتخابات الرئاسية في سجلات مراكز الاقتراع. كما تم تغيب بعض مراقبي بعض الكتل عن الحضور في الساعة الثامنة صباحاً، وظهرت مشكلة كبرى وهي عدم ورود أسماء من سجل الناخبين أيام التسجيل الاستكمالي للبلدية في سجلات المراكز (غير معروف مراكز انتخابهم) الأمر الذي استدعى إيصال كل الأسماء إلى رام الله لحسم الأمر. وفي قرى محافظة نابلس ظهر الطاقم العامل في بعضها جاهلاً بدوره ولم يقم بتوعية الناخب الذي يدخل للاقتراع. وفي قرية بيت أمرين المجاورة لنابلس حدثت مشادات وتراشقات على باب مركز الاقتراع كذلك تعرضت بعض القوائم للشتم واستغلت مشكلة الأميين بصورة سلبية جداً وكان فيها مبالغة لدرجة إمكانية تأثيرها سلباً على النتائج. وفي قرية دير شرف غرب نابلس أيضا تم الاعتراض من قبل أحد الأفراد على ناخبتين أميتين جاءتا برفقة ابن عميهما للاقتراع، مما أحدث مشادة كلامية بين الاثنين، دفعت المعترض لشتم الذات الإلهية، الأمر الذي حدا بالمرافق للأميتين لضربه، ثم تفاقم الأمر بحضور بعض الأفراد بأسلحتهم وشرعوا بإطلاق الرصاص في الهواء، وتم احتواء الموقف من قبل تدخل أجهزة الأمن والشرطة الفلسطينيّة. الرقم الصعب الشيخ ياسر منصور القيادي البارز في حركة حماس بالضفة الغربية، أكد أن النتائج الأولية للمرحلة الرابعة من الانتخابات البلدية والمحلية، تشير بوضوح إلى تقدم قوائم الحركة خاصة في المدن الكبرى وعدد من المجالس القروية والبلدية. وأضاف في حديثه لمراسل "التجديد": "هذا تأكيد جديد على التفاف الشعب الفلسطيني حول خيار الإصلاح والتغيير ومشروع المقاومة ووفاء لدماء الشهداء". وأوضح منصور أن هذه النتائج أيضا "تعطي دافعا للحركة لمواصلة طريقها الذي بات يجمع عليه معظم أبناء الشعب الفلسطيني، ويثبت بما لا يدع مجالا للشك أنها باتت رقما صعبا لا يمكن تجاوزه". وقال "نحن على أبوب الانتخابات التشريعية، وستكون حماس حاضرة خلالها بقوة"، مهديا فوز الحركة لكافة الفلسطينيين ولدماء الشهداء وللأسرى والجرحى على وجه الخصوص.