لم أكن أعلم أن الرغبة في الإقصاء والحرص على توسيع دائرة المرضى بالإسلاموفوبيا، تطور لدى حفنة المرضى بالعمى الأيديولوجي قدرة خارقة على اكتشاف وتحسس وجود حزب العدالة والتنمية في هذا الموقع أو ذاك ..ولم أكن اتصور مجرد التصور أن قانون كل ما من شأنه ، الذي أقبره الوعي الرافض للأخذ بالشبهة والظنة قبل التبين والتحقق، قد يعود ليشكل قاعدة الحكم عند محترفي النضال بالمقاهي، ممن تخلفوا عن تحديث الخطاب وتغيير الوسائل وتجديد الذهنيات بما يتناسب والمد الشعبي العائد بقوة إلى حضن الفطرة ، فلم يجدوا ما يقتاتون عليه وهم يمدون أرجلهم في هذا الشارع أوذاك إلا الاشتغال بالآخرين وتسقط أخبارهم .. ولم أكن لأقف على أن مثل هذا الاهتمام المرضي الذي يؤججه حقد أعمى وكراهية هوجاء لكل ما هو حق وعدل وخير وصدق وجمال، يمكن أن ينمي ملكة القراءة بين وخلف السطور لدى جوقة المسبحين بحمد أولياء النعمة الجدد، ويقوي لديهم القدرة على التقاط الحشرجة الخفيضة التي تختلج بصدر هذا المناضل أو ذاك من مناضلي حزب العدالة والتنمية، وعلى تتبع أدق خيط من خيوط النور التي قد تنبعث من هذا المصباح أو ذاك .. وما على المتتبع إلا أن يعود إلى ما يراكمه المتطرفون المتأنقون من قراءات ومتابعات ومواقف، ليقف على ما يمكن أن يثيره تصريح قصير لهذا الشخص أو ذاك من داخل الحزب أو ممن يتعاطفون معه، من زوبعة كلامية استعدائية، لا تكتفي بتفكيك الخطاب وفق أحدث آليات التفكيك بل تسبرغورالنوايا، وتحقق مع خفقات القلب لتخلص بعد كل هذا العناء إلى الخروج على العباد بنفس الأسطوانة المشروخة التي ضجر الناس من قرعها لآذانهم كلما سقطت صومعة أو حل خراب بالبصرة .. ولك ياصاحبي أن تقدر حجم الهوس والوهم، ولربما العمالة لأولياء النعمة الجدد اللذين يركبان هؤلاء المتطرفين حينما تخبر أن أحدهم يشن حربا يعبئ لها كل إمكانيات الإستعداد وقطع الأرزاق على إمام مسجد اعتاد أن يقرأ في إحدى الصلوات الجهرية من سورة النورمثل نوره كمشكاة فيها مصباح، المصباح في زجاجة..الآية إدراكا من الاستئصالي أن الإمام إنما يقوم بالدعاية للعدالة والتنمية وإلا فلماذا (الإصرار على القراءة بآية المصباح).. وحينما تخبر أن أحدهم أقام الدنيا ولم يقعدها داخل إحدى جلسات مجلس جماعي لأنه رأى فيما يرى الحاذق اليقظ أن عمود الكهرباء الذي يدخل في تشكيل خلفية الصفحة الأولى من مطوية البرنامج الثقافي للأسبوع المنظم من طرف تلك الجماعة، إنما يخدم الدعاية للعدالة والتنمية، أليس المصباح هورمزهم، وعلاقة المصباح بعمود كهرباء الجماعة، واضحة جلية و.. ولك يا صاحبي أن تتخيل ما ستقود إليه هذه الجهبذة التي لم تذخر من وسائل الإدراك في كشف حضور العدالة والتنمية أو الإخوان أو .. إلا حاستي الشم والذوق اللتين لم يتح للمناضلين أوالإخوان توظيف ما يدركون به من خلالهما.