احتضنت مدينة شفشاون الجميلة شمال غرب المغرب الملتقى الدولي الأول للتربية والثقافة أيام الجمعة والسبت والأحد 20/19/18 نونبر 2005 بتنظيم من المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إسيسكو) وجمعية الدعوة الإسلامية العالمية (طرابلس- ليبيا)، وجمعية الدعوة الإسلامية بشفشاون والتي يرأسها الأستاذ المؤرخ الشريف علي بن أحمد الريسوني الحسني أحد علماء المغرب وعضو المجلس المحلي بالمدينة. وقد تميزت هذه الندوة الفكرية الهامة بمشاركة ما يناهز الأربعين متدخلا من الوجوه العلمية المعروفة برزانتها في المغرب وإسبانيا، بالإضافة إلى الجزائر وتونس وموريتانيا، وليبيا وفلسطين والسعودية والولايات المتحدةالأمريكية. وقد تناولت الندوة لأول مرة في المغرب المصطلح الجديد (تحالف الحضارات)، حيث لم يسبق لأي محفل أكاديمي أن تناول البحث في هذا المصطلح الحديث، إذ من قبل كانت التظاهرات الثقافية المناقشة لعلاقات الإسلام مع الغرب لا تتعدى العناوين التقليدية مثل (حوار الحضارات)، و(تعايش الحضارات)، و(تلاقح الحضارات) ونحوها. وبذلك تكون شفشاون جوهرة منطقة جبالة ودرة سلسلة جبال غمارة قد أحرزت قصب السبق في هذا الموضوع الهام على صعيد المغرب كله، وهو الأمر الذي جعل الملتقى يكتسي حلة فريدة، خاصة أنه اقترن مع احتفالات المغاربة بالذكرى الخمسينية للاستقلال وعودة ملكهم البطل من منفاه بمدغشقر. غير أن فرحة شفشاون تضاعفت مرتين: 1 أولا لكون العاهل المغربي أعطى رعايته للملتقى وهي الرعاية التي اكتملت بالحضور الشخصي لمستشاره العلامة الدكتور عباس الجراري، وكذا لعضو الديوان الملكي الدكتور محمد الكتاني المكلف بالمهمة في البلاط، وقد شاركا بعرضين هامين في الندوة. 2 ثانيا لكون شفشاون تم اختيارها رسميا لتحتضن كل سنة بحول الله الملتقى الدولي المتمحور حول (تحالف الحضارات)، وهو ما أكده إعلان شفشاون الختامي وكذا الكلمة المؤثرة للمدير العام للايسيسكو الدكتور عبد العزيز التويجري، الذي بشر شفشاون باختيارها لذلك، وبكون الملتقى الدولي الثاني في هذا الصدد تم تحديده في أكتوبر 2006 بشفشاون. إن تكريم شفشاون بجعلها مقرا ل(تحالف الحضارات) أتى تتويجا لما عرف عنها وعن ساكنتها من الوداعة واللطف والتراث الحضاري المتجذر في سلالات عائلاتها ذات الأصل الأندلسي من جهة، وذات الأصل النبوي الشريفي الحسني من جهة أخرى، كما أتى تتويجا للدورات التسع التي نظمتها جمعية الدعوة الإسلامية بشفشاون لصالح المسلمين الجدد، والراغبين في تعلم الإسلام ولغته، هذه الدورات التي تمت في إطار تقريب المفاهيم الإسلامية المؤسسة على مراعاة المصالح العامة للإنسانية، والمقاصد المشتركة للبشرية، والمقعدة على السهولة واليسر والرفق واللطف ودفع المشقة، والتشدد في فهم التعاليم الإسلامية السمحاء. وقد كان للملتقى الأول الصدى الكبير في الأوساط الإسبانية لأنه التقى موضوعيا مع الطرح الذي قدمه ثباتيرو رئيس الحكومة الإسبانية في مبادرته للأمم المتحدة في الربيع المنصرم والمساند من طرف تركيا، إذ تبنت الأممالمتحدة هذه الفكرة، وكونت لجنة لبحثها باعتبارها سبيلا لإقامة أسباب التفاهم وإزالة التوترات من العلاقات الدولية. وممن أدلى بعرضه في الملتقى الهام نشير إلى هذه الأسماء: الدكتور عبد الهادي التازي: سفير سابق الدكتور محمد بن شريفة: عضو أكاديمية المملكة المغربية الأستاذ محمد العربي المساري: وزير وسفير سابق الأستاذة سلمى الفاروقي: زوجة المفكر المسلم جارودي الدكتور عبد السلام الهراس: (جامعة سيدي محمد بن عبد الله) العلامة أحمد الحبابي: الكاتب العام للرابطة المحمدية لعلماء المغرب (ألقيت مداخلته بالنيابة). الأستاذ أحمد العمارتي: موظف سامي سابقا في التشريفات الملكية. الأستاذ مبارك ربيع: الكاتب الأديب الشهير الدكتور أحمد الزباخ: أستاذ التعليم العالي والخبير في التربية الدكتور إبراهيم الزيد: مدير المركز الثقافي الإسلامي في مدريد. الأستاذ سليم بن عمارة: رئيس الرابطة الإسلامية للحوار والتعايش في إسبانيا. الدكتور أحمد الريسوني: أستاذ المقاصد الإسلامية في دار الحديث الحسنية. الدكتور منصور عبد السلام إسكوديرو: الكاتب العام للمجلس الإسلامي في إسبانيا (أعلى هيئة رسمية تمثيلية للمسلمين في إسبانيا). الأستاذة شريفة ابن حسيني: ممثلة المركز الثقافي الإسلامية في بلنسية. الدكتور خواكين بوسطمنتي: أستاذ اللغة العربية بجامعة قاديش. الأستاذ كونتريراس: رئيس مؤسسة التعددية والتعايش التابعة للحكومة الإسبانية في مدريد. الأستاذ طوليدو خوردان: المنسق العام لمؤسسة الثقافات الثلاث في حوض المتوسط. الأستاذ عبد الحميد عقار: رئيس اتحاد كتاب المغرب وقد اقتصر دوره على تحية رقيقة وعلى تسيير إحدى الجلسات العلمية. الدكتور مصطفى الزباخ: المسؤول عن اتحاد الجامعات الإسلامية في الإيسسكو، وقد ألقى كلمة مؤثرة في اليوم الأخير. الدكتور عبد العاطي الورفلي: ممثل جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، وقد ارتجل كلمة هزت مشاعر أهل شفشاون. الأستاذ زكرياء القرطبي ماثا: رئيس المسلمين لمسجد التقوى في قرطبة. الأستاذ عبد الصمد روميرو: رئيس مؤسسة الثغرة الثقافية وممثل أمير الشارقة في الشؤون الثقافية بإسبانيا. الأستاذ محمد حامد علي البهلولي: من سبتة. الشيخ الحاج المشري: ممثل علماء موريتانيا. الدكتور أليسيا دي لا إيغيرا الخبيرة الاختصاصية في قصر الحمراء بغرناطة. الأستاذ عبد الله عمران مارتين: رئيس جمعية المسلمين في قرطبة. الدكتورة إيرلي: المستعربة الأمريكية. الأستاذ داوود كاسيويت: الكاتب الأمريكي. المهندس المعماري المهدي يوب: الأمريكي الجنسية. وقد كانت بلدية شفشاون ذات حضور متميز في الملتقى في شخص رئيسها ابن شفشاون الأستاذ محمد سعد العلمي الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان، والذي أبدى ارتياحه للحدث وترحيبه بالضيوف في كلمته الرقيقة في الجلسة الافتتاحية. كما كانت عمالة شفشاون التي احتضنت قاعتها أشغال الملتقى حاضرة بالكلمة الترحيبية للعامل الأستاذ الحازم امحمد هدان. واعتبارا لحجم هذا الحدث الثقافي المتميز ونتائجه الإيجابيةو فإن الفرحة والسرور عمتا سكان المدينة الوديعة والذين يعتبرون بلدتهم إحدى الرموز الثقافية للتواصل الحضاري ما بين العدوتين الجارتين المغرب والأندلس. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الخطوة المتمثلة في الملتقى تعتبر من أهم الرسائل الواضحة الموجهة من المجتمع المدني المغربي، إلى الاتحاد الأوروبي والغرب بصفة عامة، فيما يتعلق باستعداد المغرب للانخراط في التأقلم مع المقتضيات الدولية الجديدة، المبنية على احترام حقوق الإنسان، وإيلائه الحريات الكاملة والسير في الخطة الديمقراطية والحداثة الملبية للحاجات الاجتماعية للإنسان. وبذلك فإن المجتمع المغربي بالنموذج الشفشاوني أعطى الانطباع بكونه أهل لمزيد من المساعدات الدولية للدفع بقاطرة التنمية الشمولية إلى الأمام، في أفق هذه الألفية الثالثة التي يطمح المغاربة إلى الاستفادة من إمكانياتها التكنولوجية والمعرفية المذهلة، للوصول إلى المستوى الراقي المنسجم مع الشروط الدولية والمواصفات العالمية. كما أعطى المجتمع المغربي بهذا اللقاء الفكري الدليل على إدانته العميقة والكاملة والصادقة لكل تطرف وغلو وعنف وإرهاب، وأنه مجتمع مهذب تلقى الأدب والخلق الرفيع خلفا عن سلف، وأن دينه وتقاليده وإرثه الثقافي كل ذلك يجعله مستنكرا لكل عنف وأساليب همجية وإجرامية ترتكب في أي مكان من العالم. وقد استقبل الملتقى عددا من الضيوف من داخل المغرب وخارجه أتوا لتعزيز موقف المجتمع المدني الداعي إلى ترسيخ قيم التسامح ومثل التحاور والتعايش، وبناء السلم العالمي، ومن هؤلاء الأستاذ محمد بن سودة رئيس جمعية الزاوية الخضراء للتربية والثقافة، والمنسق العام لهذه الجمعية الأستاذ محمد أديب السلاوي، والأستاذ الفاضل حسن الجامعي الذي حضر ممثلا لمؤسسة الجامعي للأعمال الاجتماعية التي يرأسها رجل المشاريع الخيرية المحسن المعروف الحاج أحمد الجامعي غزلاني وغيرهم.