قلبت نتائج الانتخابات التمهيدية (البرايمرز) التي شهدتها بعض أقاليم حركة "فتح" في الضفة الغربية لاختيار مرشحي الحركة للانتخابات التشريعية المقبلة، قلبت الموازين داخل الحركة رأسا على عقب وقضت على آمال كثير من القيادات الكبيرة وأفرزت وجوها شابة جديدة، مما ينذر بتصاعد الخلافات الداخلية بين الجيلين. وقالت مجموعة كبيرة من الخاسرين إن الانتخابات كانت مزورة وجرى بها تلاعب كبير، مؤكدين نيتهم خوض التشريعي مستقلين وهو ما يهدد بطردهم رسميا من الحركة بناءا على قرار المجلس الثوري الذي عقد مؤخرا في رام الله، والذي ينص على طرد كل من يقرر خوض الانتخابات مستقلا بعد خسارته في الانتخابات التمهيدية. وتشير النتائج كذلك إلى أن العناصر الفتحاوية التي تنتمي لمخيّمات اللاجئين، وكتائب "شهداء الأقصى" الجناح العسكري للحركة، وممثلي الأسرى، ومسؤولين عُرِفوا بدعمهم للمقاومة، حظوا بأعلى أصوات أعضاء الحركة الذين صوّتوا الجمعة 25/11/2005 في مدن بيت لحم ورام الله والبيرة ونابلس وطوباس وكان جمال المحيسن، رئيس لجنة الإشراف على الانتخابات التمهيدية للحركة في دائرة رام الله والبيرة قد أكد أن هذه العملية الديمقراطية تجري بعد 40 سنة من نشأة الحركة، وتعتبر خطوة استراتيجية باتجاه تعميق الديمقراطية في "فتح". وأضاف محيسن: هناك وجهات نظر متباينة حول آلية الانتخابات وهناك بعض المشاكل التي برزت، ولكن تم التغلب عليها، منوها إلى أن هنالك شبه إجماع لدى كادر فتح على ضرورة أن تجري مثل هذه العملية الديمقراطية. وأوضح الدكتور المحيسن إن اللجنة العليا المكونة من اللجنة المركزية والمجلس الثوري من غير المرشحين برئاسة الرئيس محمود عباس، وبالتشاور مع الأشخاص الفائزين في الانتخابات، ستحدد من بين الفائزين العشرة من يذهب إلى الدوائر الجغرافية ومن يذهب إلى القوائم النسبية، بحيث يتم اختيار خمسة أشخاص للقوائم الجغرافية، وخمسة آخرين للقوائم النسبية، لكي يخوضوا انتخابات التشريعي باسم حركة فتح. وأضاف: إن لجنة الرقابة الحركية وحماية العضوية أرسلت 10 وفود على جميع المواقع الانتخابية للتأكد من سلامة الانتخابات. أهم النتائج وأظهرت النتائج تقدّم مروان البرغوثي، أمين سر الحركة والمعتقل في السجون الإسرائيلية، على جميع المرشّحين بحصوله (21000) صوت، ثم جاء بعده بالترتيب قدورة فارس النائب الحالي في المجلس التشريعي بنحو (11230) صوتاً، ثم الناشطة الفتحاوية ربيحة دياب بنحو (10101) صوتاً، ولوحظ النسبة المتدنية التي حصل عليها الدكتور سمير شحادة مدير عام المؤسسات الوطنية في السلطة حيث حصل على 7 آلاف صوت. كما كانت المفاجأة بحصول صخر حبش وهو من ابرز قيادات الجيل القديم وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على عدد قليل جدا من الأصوات لم تتجاوز ال500 صوت حسب مصادر في حركة فتح. وفي محافظة بيت لحم، التي لم تشهد إقبالاً كبيراً على انتخابات البرايمرز، حيث لم تتجاوز نسبة التصويت 50%، حسب ما أفاد به فيصل المبارك، مدير مكتب "فتح" في المحافظة، حصل ممثلو مخيمات اللاجئين على أعلى الأصوات. ولوحظ أنّ المرشّحين الذين عُرِفوا كموظفين رسميّين لم يحصلوا على مراتب متقدّمة مثل جريس الأطرش المدير في مكتب رئيس السلطة، ويونس جدوع وكيل وزارة الزراعة وموظفون آخرون في وزارة الداخلية. وفي محافظة نابلس أعلنت مصادر اللجنة المشرفة على الانتخابات الداخلية لحركة "فتح" فوز كل من ناصر جمعة من أبرز قادة كتائب شهداء الأقصى، ومن المطلوبين للاحتلال منذ الانتفاضة الأولى وحصل على (17818) صوتا، وكذلك فاز محمود العالول محافظ المدينة، والعقيد ماهر فارس مدير فرع الاستخبارات الفلسطينية في نابلس الذي أقاله وزير داخلية السلطة من منصبه مؤرّخاً ولكنه رفض الانصياع للأمر، وكذلك جمال الطيراوي وهو ضابط في المخابرات الفلسطينية ومن قادة كتائب الأقصى في مخيم بلاطة. لكن المميز في انتخابات نابلس أن أربعة من أعضاء المجلس التشريعي الحالي خسروا وهم: الأسير حسام خضر، ودلال سلامة، وكامل الأفغاني، وفايز زيدان. كما أن الاحتجاجات على النتائج تصاعدت بشكل كبير داخل أروقة الحركة، بسبب احتجاجات واتهامات من قبل بعض المرشحين أن الانتخابات "مزورة" و"محسومة" لجهات معينة، حيث أعلن النائب في المجلس التشريعي "كامل الأفغاني" أنه يطعن في النتائج، وقرر خوض الانتخابات مستقلا. وقال إن أحد الصناديق أغلق على 450 ورقة اقتراع ليفاجئ بأنه عند فرزه بوجود 2500 ورقة. كما تم الاحتجاج من قبل "عنان الاتيرة" بأن لها الحق بالفوز كمقعد للمرأة بالرغم من حصولها على (10313) صوتا. كما يطالب معاذ المصري والذي حصل على (10421) صوتا بحقه طبقا للتوزيع حسب المكان الجغرافي كونه من سكان المدينة، وغالبية المرشحين من الريف. كما لوحظ خسارة غالبية مرشحي مخيمات اللاجئين باستثناء جمال الطيراوي، كما خسر كل من يوسف حرب مدير عام داخلية السلطة، وتيسير نصر الله، والعقيد جهاد المسيمي، وغسان المصري الناطق باسم فارق القدومي رئيس حركة فتح. في قلقيلية وطولكرم من جهة أخرى قال احمد هزاع شريم أمين سر حركة فتح في قلقيلية وعضو المجلس الثوري إن الانتخابات التمهيدية (البرايمرز) لحركة فتح قد تم تأجيلها إلى اجل غير مسمى لوجود قضايا فنية عالقة رفض الكشف عنها. مضيفا أنه تم تخفيض عدد الذين سيشاركون في الانتخابات التمهيدية إلى عشرة آلاف مشارك بينما كان في السابق قرابة ال17 ألف استمارة تنظيمية، مشيرا إلى أن الاستمارات التي اعتمدت هي استمارات العضوية فقط، حيث تم إجراء استفتاء على هذا الاقتراح بين أعضاء التنظيم. لكن الصورة بدت أكثر حدية في مدينة طولكرم، قدم عدد من أعضاء لجنة الإشراف على الانتخابات الداخلية لحركة فتح في المحافظة استقالتهم من عضوية اللجنة وذلك حفاظا على وحدة الحركة ولتعذر إجراء الانتخابات الداخلية بهذه الآلية ونظرا لمخالفة اللوائح الداخلية. وكانت اللجنة دعيت إلى اجتماع عاجل في مكتب فتح بعد تلقي طلبا من روحي فتوح المشرف الرئيس على الانتخابات الداخلية بإجراء الانتخابات الداخلية حتى مساء الاثنين تحت كل الظروف. وشهدت الجلسة أجواء صاخبة وتم مناقشة عدة اقتراحات من أعضاء اللجنة الذين أكدوا جميعا حرصهم على إجراء انتخابات حرة وديمقراطية ونزيهة كما أكدوا حرصهم على وحدة الحركة. ومن ابرز الاقتراحات التي قدمت خلال المناقشات هو أن تجرى الانتخابات الجمعة القادمة إلا أن إجراءات فنية تتعلق بالسجل الانتخابي كانت سببا لدى الأعضاء بتمرير هذا الاقتراح رغم أن عدد منهم وقعوا عليه.