بداية لابد من تهنئة خاصة وحارة للقناة الثانية على هذه المبادرة التي أقدمت عليها للمرة الثانية على التوالي، بيد أن ثمة ملاحظات لابد من الإشارة إليها تهم طريقة تنظيم وترتيب هذه المسابقة أملا إن شاء الله تعالى في أن نرى النسخة الثالثة والرابعة.....اشمل وأوسع وأرقى، بل المسابقة الأولى من حيث المستوى والجودة على الصعيد الوطني كله ،وذلك ما نتمناه من صميم قلوبنا. تميزت هذه المسابقة بجمعها بين مستويات عدة في تنافس واحد بين المتسابقين، في حين كان لابد من مراعاة اختلاف هذه المستويات لأنها ذات أثر في إبراز طاقات وقدرات المتسابقين وكذلك في الترجيح فيما بينهم وإعطاء كل ذي حق حقه. وفي ما يلي عرض لهذه المستويات حسب ما ظهر لنا: المستوى الأول: مرتبة القراءة من المعلوم أن للقرآن مراتب متفاوتة في التلاوة ،وفي كل مرتبة من هذه المراتب يختلف الأداء الصوتي للقارئ الواحد متنقلا فيما بينها ، وكذلك يختلف أداء القراء فيما بينهم وهم يقرؤون بمرتبة واحدة أو وهم يخالفون بين هذه المراتب ، فمن القراء مثلا من يجيد ويبدع وهو يقرأ بمرتبة التحقيق ويتفنن في ذلك أيما تفنن ثم لا يبلغ ذلك في مرتبة أدنى منها إجادة واتقانا من حيث إظهار المهارة الصوتية والنغمية، فالإمتاع الذي يقدمه لك الشيخ مصطفى إسماعيل في مرتبة التحقيق قد لا تجده بنفس الدرجة في مصحفه المسجل. وفي الوقت نفسه فإن من القراء من لا يحسن إلا القراءة بمرتبة الحدر والتدوير وهما مرتبتان دون التحقيق بينما يستصعب إن لم يمتنع عليه مطلقا القراءة بمرتبة التحقيق مجيدا ومبدعا ، وهذا نموذج معروف ومنتشر، ومن القراء من يتفنن في كل مرتبة صابغا قراءته في كل منها بصبغة سحرية ممتعة، وعلى هذا فإن الجمع بين هذه المراتب في منافسة واحدة ليس موضوعيا، فالقارئة هاجر بوساق أجادت وهي تقرأ بمرتبة التحقيق كما أجادت القارئة سمية عامر وهي تقرأ بمرتبة التدوير إجادة كاملة ولو قرأتا بمرتبة واحدة لظهر التفاضل بينهما واضحا بينا فلذلك كان لابد من مراعاة هذا الجانب. المستوى الثاني : نوع القراءة رأينا في المسابقة قراء قرؤوا بالطريقة المشرقية وآخرين بالطريقة المغربية، والفرق بين النموذجين من حيث أداء المقامات والأنغام واضح. وهو أحد العوامل المؤثرة في جودة القراءة وإتقانها؛ أعني التصرف في المقامات؛ وما دام الفرق بين النموذجين ماثل للعيان فإن الجمع بينهما في منافسة واحدة ليس موضوعيا، وهذا ما لاحظناه في المسابقة، فالقارئ الذي قرأ بالطريقة المغربية وبدون شك أتقن قراءته وأدى أنغامها بطريقة جميلة وعذبة وانتقل فيما بينها بطريقة احترافية كبيرة ،فكان حريا أن تكون المسابقة في فرعي الطريقة المغربية والطريقة المشرقية حتى تتساوى الفرص كاملة بين المتنافسين، وهذا ما نتمنى أن يتداركه المنظمون حتى تأخذ الطريقة المغربية حظها من المنافسة دون حرج مع أختها المشرقية. المستوى الثالث: فئة العمر لقد استشعر السادة المشرفون هذا الملحظ وهو المتعلق بأثر عمر المتسابقين في المنافسة الموضعية، وقد تنافس في هذه المسابقة متسابقون من سن مبكرة لا تتجاوز 12 سنة وآخرين من سن فوق ,16 والمعلوم أن أصوات ونبرات أعمار 12و13 ليست في الدرجة نفسها بعد 15و,16 فالأولى لا تزال طرية رقيقة فيما الثانية بدأت في مرحلة النضج والفخامة ، والأداء الصوتي عامل مهم في الأداء الكامل للقران الكريم .وهذا لا يمنع من نبوغ الحدث السن فيقرأ أتقن وأجمل ممن يكبره سنا، ولكن إنما أشرنا إلى ضرورة مراعاة الفئات العمرية جريا على العموم وتساويا في الفرص. المستوى الرابع: جنس المتسابقين من الموضوعية كذلك ألا نجمع بين الذكور والإناث في تنافس واحد وذلك بأن نضم جنس الذكور في منافسة واحدة والإناث في منافسة أخرى، ليس بداعي التفرقة هكذا جزافا، ولكن لأن طبيعة الصوت بين الجنسين ليست واحدة، وهو ما يتيح كذلك لأكبر عدد من المتسابقين من كلا الجنسين بلوغ المرحلة النهائية واحتلال المراتب المتقدمة الأولى، ولا يمتنع الجمع بينهما إذا تعلق الأمر بالحفظ أو التفسير على سبيل المثال ماداما يستويان فيذلك. هذه ملاحظات عامة أحببنا الإشارة إليها لاعتقادنا أنها ستاسهم في الرفع من مستوى هذه المسابقة لتصل إلى الغاية المنشودة ولتحتل مكانة مرموقة بن العديد من المسابقات التي تنظم في هذا الشهر المبارك،هذا ما نأمله جميعا والله الموفق .