بعد نحو شهرين من الاندحار الصهيوني من قطاع غزة، شهدت مدينة غزة المحررة، فعاليات مسابقة الأقصى الدولية الثانية في حفظ القرآن الكريم وسط المنافسة الشديدة والمتميزة بين المتسابقين في جو قرآني رمضاني جليل، وتعم المتسابقين والزائرين القادمين من خارج فلسطين أجواء من الغبطة والسرور بانعقاد تلك المسابقة، ودل على ذلك الترحيب الواسع والحفاوة البالغة التي قوبل بها حفظة كتاب الله من الجنسيات المختلفة خلال تجولهم في مساجد القطاع المختلفة لإمامة الناس في صلاة التراويح. وكانت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية قد افتتحت صباح يوم الأحد (23/10) فعاليات مسابقة الأقصى الدولية الثانية لحفظ القرآن الكريم، بمشاركة نحو 60 متسابقاً، يمثلون 20 دولة عربية وإسلامية وجاليات إسلامية في أوروبا، وذلك خلال حفل أقامته الوزارة بمركز رشاد الشوا بمدينة غزة. وتنقسم المسابقة إلى ثلاثة فروع: الفرع الأول: حفظ القرآن الكريم كاملاً مع التجويد والترتيل وتفسير سورة الإسراء؛ الفرع الثاني: حفظ القرآن الكريم كاملاً مع التجويد والترتيل، ولفرع الثالث: حفظ عشرين جزءاً من القرآن الكريم مع التجويد والترتيل وحسن الصوت والإتقان، وستمنح الوزارة جوائز للفائزين العشرة الأوائل في كل فرع وسيبلغ مجموع جوائز المسابقة في الفروع الثلاثة 72900 دولارأً أمريكياً، في حين بلغت تكاليف المسابقة الإجمالية 285000 دولار تدفع من وزارة الأوقاف والشئون الدينية. إعجاب الأستاذ يحيى القرالة سفير المملكة الأردنية لدى السلطة الفلسطينية أعرب عن إعجابه الشديد من كافة الترتيبات للمسابقة رغم الظروف الصعبة التي تمر بها الأراضي الفلسطينية من حيث صعوبة وصول الوفود إلى غزة، وقال: "التقيت بأعضاء الوفد الأردني وعدد من الوفود الأخرى الذين أعربوا عن سعادتهم البالغة لوجودهم في فلسطين"، مؤكداً أن أعضاء الوفد الأردني يشعرون كأنهم في بلدهم وأن فلسطين هي بلدهم الثاني، وأنهم شاركوا في مسابقات دولية عديدة ولكنهم لم يلمسوا هذا النجاح في عدد من الدول التي شاركوا فيها". وتمنى السفير الأردني أن تقام المسابقة العام القادم في القدس الشريف عاصمة دولة فلسطين وأن يزول الاحتلال عن باقي الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. مستوى المسابقة ويتحدث الشيخ علي سيد علي شرف المحكم المصري عن المسابقة قائلاً:"مستوى مسابقة الأقصى الدولية الثانية لحفظ القرآن الكريم لا يقل بل يزيد عن المسابقات الأخرى من حيث المستويات ومن حيث الوفود، فما شاء الله القاعة كانت ممتلئة يوم الافتتاح؛ لأن الناس لديهم تشوق وعندهم ارتياح لعقد المسابقة، ولو كانت المسابقة في مكان أبعد من ذلك لأتوا إليها حبواً؛ لأنها تعتبر بمثابة النصر الكبير والعظيم أن تقام على هذه الأرض مثل هذه المسابقة الدولية، وتسمى مسابقة الأقصى ثالث الحرمين". ويشارك الشيخ شرف للمرة الثانية في مسابقة الأقصى الدولية لحفظ القرآن الكريم، ويتحدث عن الفرق بين المسابقة الأولى والثانية قائلاً: في المرة الأولى وصلنا إلى فلسطين عن طريق القدسالمحتلة، ولكن المشاركين في المسابقة منعوا من الدخول إلى هذه الأراضي، فلم يدخل إلى هذا المكان إلا وفد من تركيا فقط، واقتصرت المسابقة على المحليات في فلسطين". ويعمل الشيخ شرف موجهاً في الأزهر الشريف إلى جانب عضويته في لجنة مراجعة المصحف في مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، وقد شارك في مسابقات دولية لحفظ القرآن في عدة دول منها قطر والسعودية، علاوة على مشاركته في بعض المسابقات المحلية في مصر، كما يقدم برامج في التلفاز والقنوات المصرية. ويخبرنا الشيخ شرف عن رحلته في حفظ القرآن الكريم بقوله: حفظت القرآن وأنا في حدود العشر سنوات، والتحقت بمعهد القراءات ثم تخصص القراءات العشر ثم التحقت بكلية الدراسات الإسلامية والعربية ثم بالأزهر كمدرس لمواد علوم القرآن، وشاركت في مراكز تحفيظ القرآن، حيث قمت بإنشاء مركز تحفيظ لتعليم القرآن على سعة كبيرة، وكنت آتي بمدرسين فيه، ثم بعد ذلك التحقت بمقرئة، ثم انتقلت إلى شيخ مقرئة، والآن أصبحت شيخ لمقرئتين في وزارة الأوقاف المصرية، كما أنني أعمل خطيباً في مساجد الوزارة ". وفي رسالة وجهها إلى الشعب الفلسطيني، قال الشيخ شرف: إن سعادة الدنيا والآخرة في القرآن الكريم، فمن أراد الدنيا فعليه بالقرآن، ومن أراد الآخرة فعليه بالقرآن، ومن أرادهما معاً فعليه بالقرآن، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في حديث ما معناه: من رزقه الله ولداً (والولد يشمل الذكر والأنثى) وعلمه القرآن، ألبس الله والديه يوم القيامة حلة من حلل أهل الجنة نورها أسطع من نور الشمس في بيوت أحدكم ". وأكمل قائلاً: الإنسان عليه أن يقوم بتعليم أولاده حفظ كتاب الله، فهذا قد يكون سبباً في خروج الأب والأم من النار إلى الجنة بسبب حفظ ولدهما القرآن". ويشار إلى أن مسابقة الأقصى الدولية الثانية لحفظ القرآن الكريم ستستمر حتى يوم السبت (29/10) الموافق ل 26 رمضان، وستختتم بحفل يقام ليلة القدر المباركة. شعبان ناهض صبيح.. أصغر المتسابقين الطفل الفلسطيني شعبان ناهض صبيح الذي لا يتجاوز الثلاثة عشر ربيعاً، هو أصغر المشاركين في مسابقة الأقصى الثانية في حفظ القرآن الكريم، هذا ويشارك في المسابقة طلاب من كل من الأردن، السنغال، السودان، المغرب، الهند، اليمن، باكستان، تركيا، تونس، جنوب أفريقيا، جيبوتي، فرنسا، مصر، موريتانيا، نيجيريا، هولند، بالإضافة إلى فلسطين شعبان كان يرتدى جلباباً أبيضاً وعمامة ظهر فيها رجلاً صغيراً واثقاً من نفسه، قال بابتسامة فيها حلاوة الإيمان "لقد رشحني لمسابقة الأقصى الشيخ صابر أحمد من ديوان الحفاظ التابع لوزارة الأوقاف، حيث التحقت بالفرع الثاني في المسابقة والتي تتمثل في حفظ القرآن كاملاً مع التجويد والترتيل"، مضيفاً أن ما دفعه إلى هذه الخطوة الهامة والصعبة أن حفظ القرآن من شأنه أن يرفع راية الوطن عالياً وأنه يأمل تحقيق نتائج جيدة رغم اعتباره أصغر مشارك وسط منافسة شديدة مع متسابقين أكبر منه في العمر بكثير.، وأشار إلى أنه كان يعقد العزم على السفر إلى الجمهورية الليبية للمشاركة في مسابقة أخرى ولكن الإغلاق الصهيوني حال دون تحقيق رغبته. ويدرس شعبان حالياً في مدرسة اليرموك في الصف الثامن، ويعتبر من الطلاب المتفوقين حيث حصل على معدل بنسبة 98 بالمائة في العام الدراسي الفائت، وتمنى شعبان عندما يكبر أن ينال درجة الدكتوراة في أصول الدين حتى يصبح له دور قيادي في خدمة المجتمع الإسلامي.