استجابت شخصيات مختلفة من الطيف المغربي، نساء ورجالا، تنتمي إلى حقول ثقافية ومعرفية واجتماعية وسياسية وحقوقية، لحفل الإفطار الثاني الذي نظمته حركة التوحيد والإصلاح يوم الثلاثاء 21 رمضان المعظم 1426موافق 25 أكتوبر ,2005 والذي حضره رئيسها المهندس محمد الحمداوي، وبعض أعضاء المكتب التنفيذي للحركة. وعبَّر كل المشاركين في هذا الحفل عن عميق تأثرهم وسعادتهم بهذه المبادرة الطيبة، كما أجمعوا على ضرورة تكرارها وتطويرها، سواء في رمضان أو في غير رمضان. ورحب الأستاذ محمد يتيم، نائب رئيس الحركة، بالذين تمكنوا من الاستجابة للدعوة الموجهة إليهم، وشكرهم في كلمة مقتضبة، وقال «إن للإفطار حميميته بين الأقارب والأهل يصعب نزع النفس منها، وإن استجابتكم وحضوركم هو خروج من حميمية إلى حميمية أخرى». وأضاف يتيم أن ما يوحد المغاربة من عوامل الالتقاء والالتفاف حول بعضهم البعض أكثر من عوامل التمايز والاختلاف، وليس التفرق، «فعمق الإيمان يوحدنا، وتجذُّر التدين يوحدنا، ويتجلى ذلك في هذا الشهر العظيم شهر رمضان». وأكد نائب رئيس الحركة أن من أحسن الأعمال التقاء الإرادات الخيرة على خير هذا البلد وهذا المجتمع. وعبر الأستاذ الحبيب الفرقاني، المجاهد الوطني المعروف، عن عميق سعادته وتأثره بهذا الإفطار الحميمي، خاصة وأنه جاء في شهر رمضان «الذي يعتبر فرصة للمراجعة»، ثم استرسل يعدِّد مجالات العلاقات التي تحتاج إلى المراجعة، سواء في ذلك العلاقات الصغيرة القريبة أو العلاقات الكبيرة البعيدة، انطلاقا من الفرد والأسرة إلى الأمة الإسلامية والإنسانية. وناشد الفرقاني الحاضرين «ببلورة روح رمضان حتى تتجلى في واقعنا وتكثيف فرص التعاون والتلاقي لحل مشاكلنا». واقترح الدكتور سعيد الحسن، أستاذ جامعي فلسطيني مقيم بالمغرب ورئيس مؤسسة خالد الحسن للبحث والدراسة، تطوير هذا اللقاء الرمضاني ليصبح تقليدا ويتعدد شكلا ضاربا لذلك مثال جلسة للاستماع إلى تجربة بعض الشخصيات التاريخية الكبيرة لتروي شهادتها وتتم الاستفادة من تجربتها وخبرتها. وعبر الأستاذ إبراهيم أخياط، الكاتب العام للجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، عن اعتزازه بهذا النوع من اللقاءات الاجتماعية، ولنكتشف بعضنا البعض ونتقرب من بعضنا البعض، وكل هذا لصالح هذا البلد ومستقبل هذا البلد». وكشف عبد الله ساعف، الأستاذ الجامعي ووزير التربية الوطنية الأسبق في حكومة التناوب، عن إعجابه بهذا اللقاء، وقال: «لم أتمكن من الحضور في السنة الماضية، ولكني سعيد اليوم بالحضور معكم»، وأضاف متحدثا عن أحواله الممتزجة بأحوال الأمة الإسلامية في رمضان أنه «يعيش هذا الشهر في السنوات الخمس الأخيرة بصعوبة، فالتركيز من الدوائر الاستعمارية شديد على المنطقة العربية الإسلامية، ولكن المقاومة حية، ولا يوجد نضال ولا مقاومة ولا صمود مثل نضال ومقاومة وصمود شعوب المنطقة». وأضاف ساعف في كلمة مؤثرة أن المقاومة تزداد في شهر رمضان على الخصوص، وأن السر فيها يكمن في تحرر الروح، «فمن حسن حظنا، يختم ساعف، وجود رمضان، وهذا الحفل داخل في هذه الدوائر، وأن الدعوة وظيفة حيوية لا بد من الاستمرار فيها والقيام بها». ونوه المحامي عبد اللطيف الحاتمي، رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، بهذه المبادرة، متأسفا على أن فاته الحضور في الإفطار الذي نظمته الحركة العام الماضي، مبديا رغبته في حضور حفل العام المقبل بإذن الله، واقترح بدوره تطوير اللقاء ليكون مثلا أمسية ثقافية تتقوى بها لحمة المقاومة ونستبق بها التاريخ حتى لا نتمزق ونحافظ بها على بيضة المجتمع. أما الأستاذ خالد السفياني، المحامي ورئيس مجموعة العمل الوطنية لمساندة العراق وفلسطين، فأكد على ضرورة التلاقي حول نقاط الاتفاق وهي كثيرة، وتأجيل المختلف فيه وهو قليل. وذكَّر بتجربة الأوروبيين الذين بدؤوا بالنقاش حول الدستور، لما تأسس الاتحاد الأوروبي. وذكر الحاضرين بما يعيشه الإخوة في فلسطين والعراق، وطالب الحاضرين بالدعاء لهم في هذا الشهر العظيم، وقال «إننا نعيش المآسي، ولكننا نعيش الصمود في الوقت نفسه، صمود سره الإيمان العميق المتجذر». وركزت الدكتورة فاطمة بوسلامة، عضو المجلس العلمي للدار البيضاء، على لزوم التعارف وإنسانيته وعموميته، انطلاقا من معاني الآية الكريمة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)، واعتبرت أن المتقدم هو الساعي إلى التعارف مع أكبر قدر من الناس والهيئات، في حين أن المتخلف هو المتمركز حول نفسه المكتفي بها. وتمنت الدكتورة أن تتم مثل هذه اللقاءات قبل العشر الأواخر من رمضان، وأن تتكاثر. وخلال الكلمات، تحدث بعض أعضاء المكتب التنفيذي للحركة، فأعرب الأستاذ عبد الإله بنكيران عن تأثره لما سمعه من الحاضرين، مؤكدا على نهج الحركة في الانفتاح والتعاون والاجتهاد في الاستقامة والالتحاق بالذين سبقونا في خدمة الوطن والإنسانية. وكشف الدكتور أحمد الريسوني عن مقصد تعزيز الوحدة الشعورية والنفسية في مثل هذه اللقاءات التلقائية، وقال «نحن محتاجون في هذه البلاد، وفي غيرها، إلى البقاء في دائرة الاختلاف في الرأي دون التحول إلى أعداء، وإن مثل هذه اللقاءات تزيد في التقارب وتضع الاختلاف في نطاقه الطبيعي». وأثار الأستاذ عبد الله باها الانتباه إلى قضية الصحراء المغربية والمنعطف الحاسم الذي تمر منه، مناشدا المجتمع المدني القيام بالواجب المنوط به لمواجهة مخطط الانفصاليين الذين غيروا من أسلوب عملهم بالاختراق الداخلي واستغلال الأوضاع الاجتماعية. وأضاف أن إمكانيات الدولة أصبحت محدودة بتركيزها على المواجهة الأمنية التي سرعان ما تنعكس ضدها، «فدعم أطروحة الوحدة ضد أطروحة الانفصال يجب أن يتم على يد منظمات المجتمع المدني». يشار إلى أن اللقاء عرف قراءات قرآنية متميزة لنخبة من القراء المغاربة المتقنين وابتهالات وأغاني دينية بمناسبة الشهر الكريم.