في خطوة من المتوقع أن تحدث رد فعل سلبي على أسر الأطفال المحقونين بفيروس نقص المناعة المكتسبة "الإيدز"، وتزيد من حجم الضغوط على النظام الليبي، قبل شهر من محاكمتهن، دعا الرئيس الأمريكي جورج بوش، الحكومة الليبية إلى إطلاق سراح الممرضات البلغاريات فورا المتهمات بحقن مئات الأطفال الليبيين بالفيروس القاتل، دون أي تردد. وقال بوش الذي ظهر بجانبه الرئيس البلغاري جورجي بارفانوف في البيت الأبيض للصحافيين الاثنين (17/10)، "يفترض أن تكون الأمور واضحة لدى الحكومة الليبية.. لا يجب أن يحصلن (الممرضات البلغاريات) على العفو فحسب، بل أن يخرجن من السجن أيضا".. وكانت محكمة بنغازي (شرق ليبيا) قد أصدرت في أيار (مايو) 2004 أحكاما بالإعدام رميا بالرصاص على 5 ممرضات بلغاريات وطبيب فلسطيني، بتهمة نقل فيروس الإيدز إلى 400 طفل، و19 سيدة في مستشفى بنغازي. وقد توفي منهم حتى الآن 49 طفلا وامرأة واحدة، وسوف تنظر المحكمة الليبية العليا في استئناف الأحكام في 15 تشرين ثاني (نوفمبر) 2005. وقال بوش للصحافيين "إن موقف الولاياتالمتحدة يتمثل في وجوب الإفراج عن الممرضات .. لقد أبلغنا موقفنا إلى الحكومة الليبية, وسنستمر في جعل هذه الرسالة واضحة جدا". رد ليبي شديد اللهجة وفور صدور هذه التصريحات أعلنت طرابلس رفضها لطلب الرئيس الأمريكي، واعتبرته تدخلا مباشرا في القضاء، الذي لا يسير وفق الأهواء السياسية. وقال وزير الخارجية الليبي (أمين الاتصال الخارجي) عبد الرحمن شلقم ،في رد شديد على تصريحات الرئيس بوش "لا نسمح لأحد بالتدخل في القضاء ولو كان معمر القذافي نفسه". وأضاف شلقم في حديثه لعدد من وسائل الإعلام "نحن لا نقبل أن يفرض علينا أحد قرارا أو يعطينا تعليمات.. إنهن (البلغاريات) متهمات بقتل أبرياء، وحكمت عليهن محكمة مستقلة، والقيادة الليبية لا تتدخل في القضاء، ولا يستطيع معمر القذافي أن يصدر قرارا بالإفراج عنهن إطلاقا". ويرجع كثير من المراقبين إصرار الموقف الرسمي الليبي على عدم الاستسلام للضغوط الغربية المعلنة، التي مورست على طرابلس، في أكثر من مناسبة، إلى حساسية الملف وتعقيده بالنسبة لها، إذ إنها تعد أخطر مشكلة تواجهها السلطات، وتمس مباشرة الشأن الداخلي، ولا ترتبط بسياسات الدولة الخارجية، كما حدث في قرار تسليم المتهمين في تفجير لوكربي، أو تسليم أسلحة الدمار الشامل. ومما سيؤدي، حسب رأي المتابعين، إلى خلق اضطرابات حقيقية داخل الشارع إذا ما حاولت السلطات غض الطرف عنه، أو تجاوزه عبر صفقة سياسية، لا تخدم مصلحة الأطفال. ومن المتوقع أن تثير تصريحات الإدارة الأمريكية مشاعر المئات من العائلات المصابة في فلذات أكبادها، والتي عبرت في أكثر من مناسبة عن رفضها الشديد لدعوات الإفراج المتكررة من قبل أمريكيا والاتحاد الأوروبي. أسر الضحايا يستعدون للرد وعلمت "قدس برس" بأن ممثلين عن جمعية الأطفال المحقونين بفيروس الإيدز في مدينة بنغازي (شرق ليبيا)، يستعدون حاليا لإصدار بيان "شديد اللهجة"، يردون فيه على تصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة، ويعلقون على مطالبته بالإفراج عن الممرضات المتهمات بحقن أطفالهن بالفيروس المدمر.