أساس نجاح أي فريق هو الاستقرار والاستمرارية في العمل. هذا المبدء تسير عليه كل جامعات العالم، إلا نحن في المغرب؛ عند كل أزمة أو انتكاسة نهد كل ما بينناه ونعيد البناء من جديد. لذلك كانت فترات الفراغ عندنا لا تكاد تنتهي إلا لتبتدأ من جديد، والمراحل الانتقالية مستمرة أبدا. لا أقول هذا الكلام لأنتقد دفع الزاكي للاستقالة فقد كان عليه أن يرحل. ولكن كيف يمكن أن نحافظ على المكتسبات مع ذلك؟ إن أي مدرب جديد للمنتخب الوطني سوف يكون هاجسه الأول هو بناء فريق جديد يطبعه بطابعه ويبصمه ببصمته. غير أن كرتنا لا تتحمل تغييرا جذريا من هذا القبيل؛ وإلا سنكون كالتي نكثت غزلها أنقاضا. خصوصا وأننا نتوفر على فريق شاب قوي بإجماع العارفين والمهتمين كلهم. فريقنا الوطني الذي لا يتعدى معدل سن لاعبيه الأربعة وعشرين عاما ومع ذلك فقد اكتسبوا تجربة وخبرة كبيرة تؤهلهم ليكونوا في المستقبل القريب من أقوى الفرق لا يحتمل هدَّه وإعادة بنائه. هذا الفريق لم يبنه الزاكي بمفرده فقد بناه معه ولعب دورا كبيرا في ذلك الإطار المغربي الكفء عبد الغني بن الناصري. لذلك فعبد الغني بن الناصري هو المؤهل لخلافة الزاكي وعلى المسؤولين على الكرة عندنا أن يسندوا إليه المهمة. عوض الإتيان بمدرب سيكون في حاجة لوقت يتعدى الوقت الذي يفصلنا عن منافسات كأس إفريقيا ليتعرف على اللاعبين وعلى مؤهلاتهم،خصوصا وأنه ليس هناك من تاريخ لتجميع اللاعبين إلا تاريخ واحد هو 12 نونبر. هذا إذا لم يلجأ إلى إحداث تغييرات عميقة في التركيبة البشرية للفريق مما يستلزم انتظار زمن قبل بناء فريق متكامل ومنسجم. بينما عبد الغني بن الناصري يعرف اللاعبين جيدا؛ فهو قد ساهم في تدريبهم إلى حدود شهور قليلة خلت، وقد وضع المخطط المسار إلى جانب الزاكي، بل ربما كان هو من وضعه وبنى لحمة الفريق. وبالإضافة إلى هذه الميزة التي تؤهله لمواصلة العمل الذي بدأه وكاد يعطي ثماره لولا عناد الزاكي، فإن في تكليفه بالمهمة رد اعتبار لهذا الإطار الذي أبان عن وطنيته وصدقه عندما عمل إلى جانب أطر وطنية تقل عنه مستوى بعد أن رفض العمل مساعدا لمدرب ألماني لأنه دون المستوى أولك فيرنر. ولكن عندما طُلب منه العمل كمساعد لإطار مغربي لم يتردد. وعندما أحس الذين ساعدهم بقرب جني الثمار أزاحوه بدعوى الحمق في الأولى والثانية، وهم يمنون النفس بجني ثمار المجد بمفردهم، ولم يكونوا يعرفون أنهم إنما يهدون الأساس الذي عليه يقفون. ومع ذلك ويا لرزانته وحكمته، لم ينبس ببنت شفة إلى الآن ولم يَرُد ولم يتكلم لا في الأولى ولا في الثانية. إن ضمان الاستقرار والاستمرارية يستلزم الحفاظ على من ساهم في بناء الفريق كما تفعل الجامعات التي تحترم نفسها. فلومير الذي فازت معه فرنسا بكأس أوروبا هو الذي عمل إلى جانب إيمي جاكي قبل ذلك. ولم يُقص من الدور الأول في كأس العالم 2002 إلا بسبب إصرار الفيفا على تسبيق انطلاق المنافسات حارمة بذلك لاعبي الفرق الكبرى من أخذ قسط من الراحة بعد انتهاء البطولات مما كان سببا في إقصاء أقوى الفرق واستمرار الفرق الصغرى التي كانت قد أنهت بطولاتها قبل ذلك بكثير. هذا مجرد اقتراح أرى أن له ما يبرره وهو الاستقرار والاستمرارية، وعدم تضييع ساهم هذا الإطار في بنائه، خصوصا وأن الأطر المغربية أبانت بما لا يدع مجالا للتشكيك عن قدرات عالية.