يتصدر ميثاق التربية والتكوين مقتطفات من الخطاب الملكي في افتتاح الدورة الخريفية، ومما جاء فيه: >وقد اطلعنا على نتائجها (اللجنة الملكية لإصلاح نظام التربية والتكوين) ووجدناها تعبر عما نبتغي من تعليم مندمج مع محيطه منفتح على العصر دون تنكر لمقدساتنا الدينية ومقوماتنا الحضارية وهويتنا المغربية بشتى روافدها. إن غايتنا هي تكوين مواطن صالح، قادر على اكتساب المعارف والمهارات مشبع في نفس الوقت بهويته التي تجعله فخوراً بانتمائه...< ولأن أمر مادة التربية الإسلامية جليل، فإن الميثاق تضمن إشارات واضحة وتعبيرات أكيدة في بداياته، وبالضبط في قسمه الأول المسمى المبادئ الأساسية، وضمنه نجد 4 أبواب على رأسها المرتكزات الثابتة، هذه الأخيرة يشرع الميثاق في ذكر تفاصيلها بالجملة الآتية: >يهتدي نظام التربية والتكوين بالمملكة المغربية بمبادئ العقيدة الإسلامية، قيمها الرامية لتكوين المواطن المتصف بالاستقامة والصلاح، الشغوف بطلب العلم والمعرفة، في أرحب آفاقهما، والمتوقد للاطلاع والإبداع والمطبوع بروح المبادرة الإيجابية والإنتاج النافع<. ولا ريب أن ما ذكر سابقاً يدل على أن مادة التربية الإسلامية مادة ذات خصوصية وأهمية متميزة ضمن مجموع المواد التعليمية التي يدرسها التلميذ، ما دامت أنها تتعلق بالهوية وتخدم أولى المرتكزات الموجهة للميثاق، هذا الأخير يزيد في تأكيد أهمية العقيدة والدين في المنظومة التربوية، فيقول دائماً في باب المرتكزات الثابتة: >يلتحم النظام التربوي للمملكة المغربية بكيانها العريق القائم على ثوابت ومقدسات يجليها الإيمان بالله وحب الوطن والتمسك بالملكية الدستورية...< وفي مجال التنظيم البيداغوجي، وهو المجال الثاني من مجالات التجديد ودعامات تغيير منظومة التربية والتكوين، يتحدث الميثاق عن التعليم الأولي والابتدائي، فيقول عنهما إن من بين الأهداف العامة المتوخاة من ورائهما >التشبع بالقيم الدينية والخلقية والوطنية والإنسانية الأساسية ليصبحوا مواطنين معتزين بهويتهم وبتراثهم وواعين بتاريخهم ومندمجين<. وإذا كان الميثاق يضع الأسس والمنطلقات والغايات الكبرى التي تحكم منظومة التعليم، فإن الكتاب الأبيض، الذي صدر سنة 2000 وثيقة مرجعية توضح تفاصيل المراجعات الكمية والكيفية التي طالت البرامج والمناهج التربوية، ففي شعبة العلوم الإنسانية أعطيت لمادة التربية الإسلامية أربع ساعات، (مجزوءتان بالمصطلح التربوي) في الأسبوع طيلة خمس دورات دراسية (من الدورة الثانية إلى السادسة)، أي ما مجموعه 300 ساعة في الموسم الدراسي، وهي الحصة ذاتها المعطاة لمواد التاريخ والجغرافيا والفلسفة واللغات، إلا أنه في الوثيقة التي صدرت عن مديرية المناهج بوزارة التربية الوطنية خفضت إلى النصف ما نص عليه الكتاب الأبيض، فصارت للتربية الإسلامية في الشعبة المذكورة ساعة واحدة أسبوعياً. وأما في قطب العلوم، وبالضبط في شعبة العلوم التجريبية، فإن الكتاب الأبيض نص على إعطاء مادة التربية الإسلامية مجزوءة واحدة (ساعتان) أسبوعياً أي 150 ساعة طيلة الدراسة إسوة بمواد اللغات والتاريخ والجغرافيا والفلسفة، إلا أن الوثيقة الأخيرة لمديرية المناهج خفضت الوتيرة إلى حصتين كل أسبوعين (ساعة كل 15 يوماً) في الشعب العلمية والتقنية.