خلص المشاركون، في ندوة الشبيبة الاتحادية مساء يوم الخميس الماضي بالرباط، إلى أن فعالية مشروع قانون الأحزاب، الذي سلمته وزارة الداخلية لقادة الهيئات السياسية قصد إبداء ملاحظاتها واقتراحاتها بشأنه، رهينة بشرط التأهيل العام للحقل السياسي بالمغرب، من خلال تأهيل أجهزة الدولة والبرلمان والحكومة. ولم يختلف المشاركون (فاعلون سياسيون وقانونيون وإعلاميون) حول أهمية تقنين العمل الحزبي باعتباره أداة من الأدوات المساهمة في بناء مشهد سياسي معقلن، وتخليص الأحزاب السياسية من بعض أمراضها المزمنة، وخلق شروط التصالح بين المواطن والعمل الحزبي والسياسي بشكل عام، تسمح بإمكانية تجديد النخب السياسية، والقطع مع مفهوم الزعامات الخالدة. وقد لاحظ بعضهم أن تعريف المشروع المذكور لوظائف الحزب فيه نظر، ويحتاج إلى مراجعة ونقاش. وفي جواب على سؤال الصحافي عبد الحميد الجماهيري، منشط الندوة، حول مدى تأثير ما سماه بالدورة الكبرى للتوافق العام على تغييب النقاش العميق واختلاف الرؤى في تناول مشروع قانون الأحزاب السياسية، وبالتالي الاتجاه نحو الحد الأدنى عوض تطوير نقاش عمومي كبير، قال عبد الله ساعف الأستاذ الجامعي والفاعل السياسي:إن هذه المبادرة تطرح من البداية جملة من الأسئلة: هل تستجيب فعلا للأولويات؟ أليس هناك أشياء أخرى نحن في حاجة إليها قبل هذه المبادرة؟ مؤكدا أن القانون من دون شك سيتضمن أمورا إيجابية وأخرى سلبية، وتساءل ساعف، في الوقت نفسه، عن أهداف المشروع، هل هو ضبط أم عقلنة؟ أم كل ما يقال عن المأسسة والتقنين والدسترة، مجرد حركة تخفي اللاحركة، ورغبة في تغطية فضاء بقي في استقلالية نسبية في أجزاء كبيرة منه عن التأطير من جهة، كما تساءل عن قدرة المشروع على صناعة مشهد سياسي في ظل وجود استراتيجيات متباينة، وهشاشة تطبع الحياة الحزبية المغربية العامة. كما أكد ساعف أن التقنين الحقيقي هو التقنين الذاتي الذي تقوم به الأحزاب ذاتيا من خلال ممارستها، وأنه لا يمكن تنظيم ما سماه بمنطقة الحريات السياسية بلغة الاحتياط. أما محمد الكحص، عضو اللجنة الإدارية للاتحاد الاشتراكي، فاستبعد شأنه في ذلك شأن خالد الناصري، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية - الذي وصف الأحزاب بأنها تعيش وضعية مهلهلة وحرجة - إجابة قانون خاص بالأحزاب السياسية على كل العلل، لأن الديموقراطية لا تقوم بالقانون وحده. محمد عيادي