دعا أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أول أمس الدول الإسلامية إلى العمل على إنشاء منطقة تجارة إسلامية حرة، بهدف تخطي العقبات التي تعيق التجارة البينية بين أعضائها. وحسب موقع إسلام أون لاين الذي أورد الخبر أمس، فقد جاء ذلك في كلمة ألقاها نيابة عنه علال راشدي المدير العام للمركز الإسلامي للتنمية والتجارة خلال افتتاح أعمال المنتدى الاقتصادي الإسلامي في العاصمة الماليزية كوالالمبور. وقال الأمين العام للمنظمة: إن منطقة التجارة الحرة الإسلامية من شأنها أن تساعدنا على تخطي العقبات التي تعيق تنمية التجارة والاستثمار بين بلادنا. وأضاف أن التحالفات الإقليمية أصبحت هي السمة التي تميز عالم اليوم؛ حيث لم يعد هناك مكان للدول المعزولة عن العالم.. لذلك علينا أن نضع مواردنا في بوتقة واحدة ونتخذ خطوة مشتركة كبيرة على مستوى دولي من أجل التعامل مع الموقف الاقتصادي بشكل فعال، ونشيِّد بنية تحتية اقتصادية للحد من الفقر، حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء الفرنسية. واعتبر أوغلو أن نسبة التجارة البينية بين الدول الإسلامية مقارنة بإجمالي التجارة الخارجية للدول الأعضاء ما زالت منخفضة بسبب عدد من العقبات رغم أنها تحسنت نسبيا خلال السنوات الأخيرة بعدما ارتفعت من 10% في عام 2000 إلى 5‚31% في عام 2003. ونقلت عنه وكالة الأنباء الوطنية الماليزية (برناما) قوله: إن حجم التجارة البينية ما زال صغيرا، إذا ما وضعنا في اعتبارنا كبر حجم العالم الإسلامي وموارده الطبيعية وثرواته التي تتمثل في مصادر الطاقة والزراعة والمنتجات الصناعية. وأشار إلى أن من بين العقبات التي تحول دون التوسع التجاري والاستثماري بين الدول الأعضاء: التعريفة الجمركية، والعقبات الإدارية، وانعدام وسائل الاتصال والمواصلات، وبرامج التمويل غير المناسبة. ورأى إحسان أوغلو أن اتفاقية التجارة التفضيلية التي من المقرر بدء العمل بها في العديد من الدول الإسلامية في نونبر 2005 تعد حجر الزاوية الذي سيمهد الطريق أمام إنشاء سوق إسلامية مشتركة. وكانت منظمة المؤتمر الإسلامي قد أعلنت أخيرا اعتزامها تشكيل كتلة تجارية تتمتع بمعاملة تفضيلية بين أعضائها بنهاية عام 2005, في إطار اتفاقية التجارة التفضيلية التي تهدف إلى المساعدة في سد فجوة متزايدة بين الدول الغنية بالنفط والأخرى الفقيرة، وتعزيز التجارة بين الدول الأعضاء. من جانبه، طرح شوكت عزيز رئيس الوزراء ووزير المالية الباكستاني الذي ترأس وفد بلاده بالمنتدى خارطة طريق لعلاج المشكلات الاقتصادية التي تواجه العالم الإسلامي. وقال عزيز: إن الدول الإسلامية لم تستطع إلى الآن إدراك حجم قدراتها الاقتصادية رغم امتلاكها موارد واسعة تعادل 70% من المشتقات البترولية، وتصدر 40% من المواد الخام على مستوى العالم. وأضاف: رغم أن العديد من الدول الإسلامية تطورت وازدهرت وعاش أهلها في مستوى معيشي مرتفع فإنه لا يزال هناك 24% من المسلمين يتقاضون أقل من دولار في اليوم، كما أن هناك حوالي 39% من المسلمين يعيشون تحت خط الفقر. ورأى عزيز أن الدول الإسلامية بحاجة إلى تحويل قدراتهم الهائلة إلى أصول يمكن الاستفادة منها، كما أكد أن اقتصاديات الدول الإسلامية يجب أن يعاد هيكلتها من خلال تحرير التجارة وتقليل القوانين المقيدة لها وخصخصة القطاع العام من أجل زيادة التنمية، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات وتأمين الإدارة الجيدة لها. وأوضح قائلا: إن لم يكن لدينا إدارة جيدة وإصلاح هيكلي وشفافية فلن نستطيع الارتقاء بقدراتنا، وإذا احتفظنا بحكومات لا تقوم بأي إصلاحات ولا تدير شؤون البلاد بشكل مناسب، فإننا بذلك نضرهم بدلا من أن نساعدهم. وطالب عزيز بدور أكبر لبنك التنمية الإسلامي الذراع التمويلية والاستثمارية لمنظمة المؤتمر الإسلامي وقال: إن على البنك وغيره من المؤسسات العالمية المتعدد الأطراف أن تبذل وقتا أكبر -كالذي تبذله في تمويل المشروعات- في التنمية الإدارية والإصلاحات في الدول. وعرض عزيز باقي نقاط خارطة الطريق التي طرحها، وتتضمن أيضا تقوية الوحدة والتعاون بين الدول الإسلامية، وتحسين الخدمات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، وتخصيص موارد أكثر للتعليم، وإعطاء دور أكبر لدول المنظمة البالغ عددهم 57 دولة. في الوقت نفسه، اعتبر عزيز أن من أكبر المشكلات التي تواجه المسلمين هي الفهم الخاطئ للإسلام والربط بينه وبين الإرهاب، وقال: إن هذه المشكلة يمكن تخطيها عن طريق التقدم الاقتصادي. وتابع قائلا: إن أقلية صغيرة من المتطرفين يعيشون على هامش المجتمعات الإسلامية هم الذين يرسمون صورتنا (عند الغرب)، ولن نستطيع تصحيح تلك الصورة إلا من خلال رفع قدراتنا وتحسين مستوى المعيشة في بلادنا. ويشارك بالمنتدى الذي يستمر ثلاثة أيام أكثر من 500 مسئول حكومي ورجل أعمال من 44 دولة إسلامية. ويهدف المنتدى لمناقشة مجالات التعاون الاقتصادية الكبرى بين الدول أعضاء المنظمة. ونُظم المنتدى بالتعاون مع وزارة الشئون الخارجية الماليزية، وغرفة التجارة والصناعة الإسلامية الباكستانية، والمركز الإسلامي للتنمية والتجارة المغربي، ومعهد التخطيط والقيادة الآسيوي التابع لماليزيا.