توقفت هيئات المجتمع الحقوقي والمدني عند أسئلة حرجة همت على الخصوص مقاربة هيئة الانصاف والمصالحة لمعالجة آثار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان لما بعد الاستقلال. من جانب آخر أجمع المتدخلون في إطار المنتدى الوطني حول جبر الضرر المنعقد بالرباط أيام 30 شتنبر 1و2 أكتوبر 2005 أن جبر الضرر الجماعي يعتبر مطلبا أساسيا من أجل طي صفحة الماضي، كما تناول المشاركون مقاربة ونتائج هيئة التحكيم المستقلة في مجال جبر الضرر، والقواعد الأساسية ومنهجية العمل والمنطلقات التي تؤطر مقاربة هيئة الإنصاف والمصالحة في مجال التعويض وجبر الأضرار. في هذا السياق توقفت خديجة مروازي من هيئة المتابعة عند النقائص التي اعترت عمل هيئة التحكيم المستقلة السابقة. فالتعويض وجبر الضرر، حسب مروازي، لا يمكن النظر إليه بمعزل عن المقاربة الشاملة لطي صفحة الماضي، تلك التي يجب أن تتأسس على مبادئ الحقيقة وجبر الأضرار الخاصة والعامة، كما تتأسس على المصالحة. فبدون تحديد المسؤوليات، تشير المروازي، ستبقى مسألة جبر الضرر والتعويض بدون معنى، ويصعب الحديث عن عدم تكرار ماضي الإنتهاكات. كما طرحت عضو هيئة المتابعة العديد من الأسئلة منها: كيف يمكن تقدير الضرر المعنوي وأين يبتدأ؟ وهل ستعمل هيئة الانصاف والمصالحة على تفعيل تصوراتها أم أن مهمتها ستنتهي بتقديم الاقتراحات فقط؟ وما الذي سيميز عمل الهيئة عن أية جمعية تدارست موضوع الأضرار وقامت بإصدار توصيات للتعويض؟ كما تساءلت المروازي: أين تنتهي مقاربة هيئة التحكيم المستقلة في مجال جبر الضرر، وأين تبتدأ مقاربة هيئة الانصاف والمصالحة؟ ثم كيف ستتعاطى الهيئة مع حق الوصول إلى المعلومة في حالة مطالبة الضحايا بذلك؟ وماذا يعني الأرشيف ومقاربة النوع الاجتماعي بالنسبة لعمل الهيئة؟ من جهة أخرى، أوضح المحجوب الهيبة عضو هيئة الإنصاف والمصالحة أن المبادئ والقواعد الأساسية التي تؤطر مقاربة هيئة الإنصاف والمصالحة في مجال جبر الأضرار تتأسس على العدل والإنصاف، وتكريم الضحايا ورد الاعتبار لهم، وتكريس الإحساس بالمواطنة، والتزام التحريات ما أمكن، مع افتراض حسن نية الطالبين، ومراعاة النوع في مقاربة الهيئة للموضوع وفي سياسة وبرامج جبر الأضرار، وتطوير مقاربة تهم جبر الضرر الجماعي. أما منطلقات جبرالضرر فتتأسس، حسب الهيبة، على ضوء تقييم نتائج التجربة السابقة في إطار هيئة التحكيم المستقلة للتعويض، ومن خلال الاطلاع على التجارب العالمية للجان الحقيقة والإنصاف واستخلاص ما يفيد التجربة المغربية. وعن المداخل الرئيسية لتجهيز الملفات فأشار الهيبة أن الهيئة تعتمد على المجموعات أو الأحداث بصورة تراعي السياقات والمعطيات والبيانات المتحصلة من مختلف المصادر، وعلى نتائج الزيارات الميدانية. وتحت عنوان مقاربة هيئة التحكيم المستقلة في مجال جبر الضرر أوضح عبد العزيز بنزاكور أن دور هيئة التحكيم المستقلة التي أعلن عنها في 16غشت 1999 كان يتعلق بالتعويض المترتب عن الضرر المادي والمعنوي لضحايا أوأصحاب الحقوق ممن تعرضوا للإختفاء أو الاعتقال التعسفي. وأشار بنزاكور أن دور الهيئة كان محصورا في تحديد التعويض عن الأضرار المادية والمعنوية للضحايا وأصحاب الحقوق، كما حددت الهيئة المستقلة مختلف حالات الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي على ضوء التشريع الوطني والقواعد المتعارف عليها عالميا. وقد تلقت الهيئة ، حسب بنزاكور، 5127 طلبا واستمعت إلى حوالي 8 آلاف شخص، أما المبلغ الإجمالي للتعويضات فكان يقارب مليار درهم. تدخلات أخرى اعتبرت أن جبر الأضرار يجب أن لا تتوقف عند التعويض المادي ، فالمطلوب هو مقاربة جريئة للسياقات التي أدت إلى حصول تلك الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، فجبر الضرر والإنصاف حق من حقوق الضحايا، لذلك طالبت مختلف التدخلات أولوية التوجه للضحايا ضمن خطة عامة لمعرفة الحقيقة، وبالتالي معالجة آثار التجاوزات وإعادة تأهيل الضحايا ومحيطهم العام عبر نهج سياسة تنموية تشاركية وترسيخ المسار الديمقراطي. كما تساءل العديد من المتدخلين عن الصيغ الكفيلة بإعادة كتابة التاريخ المغربي المعاصر، ثم عن العلاقة بين انعاش الذاكرة الوطنية وجبر الضرر، كما تم التساؤل عن صعوبة الولوج إلى المعلومة المعرفية، وعن السر في غياب مؤسسة وطنية لحفض الأرشيف الوطني. وقد أثيرت في الكواليس قضية بعض الانتهاكات التي همت حقوق الانسان في الفترة ما بعد ,1999 إلى تصريح البعض كيف يعقل أن نناقش انتهاكات الماضي والمغرب لايزال يعرف أمثالها في الوقت الراهن