دعت أمينة بوعياش، رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، إلى إطلاق تفكير حول إحداث محكمة وطنية لحقوق الإنسان، «لتدبير النزاعات المرتبطة بدمقرطة المجتمع والدولة وانتهاكات حقوق الإنسان للحفاظ على السلم، وتكون ضمانة لعدم تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان». ولم تقدم بوعياش أية تفاصيل عن طبيعة هذه المحكمة واختصاصاتها، وأوضحت أن المحكمة هي مجرد فكرة تحتاج إلى تعميق النقاش حولها. وقالت بوعياش، في لقاء أمس لتقديم كتاب «الأسس النظرية لمذهب جبر الضرر: التجربة المغربية للعدالة الانتقالية» لمؤلفه الأستاذ أحمد شوقي بنيوب، عضو هيئة الإنصاف والمصالحة سابقا، إن «الحريات العامة في المغرب عرفت توسعا، حيث امتلك المواطنون مجالا للتظاهر والاحتجاج، لكن هذا المجال يعرف تدخل السلطات العمومية، مما نتج عنه انتهاكات لحقوق الإنسان». وأكدت بوعياش أن جبر الضرر يعد أحد أهم المداخل الأساسية لتسوية ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من خلال رد الاعتبار إلى الضحايا وإطلاق مسار الإصلاحات السياسية والمؤسساتية لتدبير الاختلاف في إطار المواطنة. وأضافت أن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان وهي تقدم هذا الكتاب تتوخى أن تتابع عملية تشييد حقوق الإنسان بالمغرب من خلال التداول مع الجمعيات غير الحكومية لما لها من تأثير في هذا المسار، ومع رجال القضاء لما لهم من مكانة في تأهيل العدالة وسيادة القانون وفي تدبير الاختلاف وترسيخ المواطنة وبلورة الأفكار الجديدة للمجتمع. وتم خلال هذا اللقاء، الذي عقدته المنظمة بشراكة مع مؤسسة فريدريك إيبرت الألمانية، تقديم كتاب «الأسس النظرية لمذهب جبر الضرر،» الذي تناول، في 424 صفحة، عدداً من المواضيع التي تهم جبر الضرر مثل «مفهوم العدالة الانتقالية عبر العالم» و»السياق التاريخي للعدالة الانتقالية بالمغرب» و»الأسس النظرية لمذهب جبر الأضرار». كما وردت في هذا الكتاب نماذج من المقررات التحكيمية الصادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة ووثائق ومواد من تراث العدالة الانتقالية المغربية. وعبر المؤلف بنيوب عن اعتزازه لتمكنه من إصدار الكتاب في المغرب وليس في بيروت أو القاهرة، مشيرا إلى أن الكتاب يعتبر «إثارة انتباه ليس إلا» وأن التوثيق لحقوق الإنسان في المغرب هو مسؤولية أخلاقية ومعنوية. وأوضح أن إبراز التجربة المغربية في ما يخص العدالة الانتقالية يعني الوقوف عند الإسهام الوطني في مجال العدالة الانتقالية عبر العالم، حيث يعتبر المغرب البلد الوحيد الذي أصدر مقررا مكتوبا يتضمن إرادة الضحية ومدخل التعليل والتكييف. ويستعرض الكتاب الأسس النظرية لمذهب جبر الضرر من خلال الوقوف على المنظومة المرجعية التي اعتمدتها هيئة الإنصاف والمصالحة والتي ارتكزت على معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان ومبادئ العدل والإنصاف وخلاصة التجارب الوطنية عبر العالم، إضافة إلى اجتهادات المحاكم الإقليمية لحقوق الإنسان. من جانبه، قال محمد الصبار، رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، في كلمة تعقيبية على محتوى الكتاب، إن الكتاب يشكل مادة تحليلية غنية ومساهمة قيمة في أجل إغناء البحث العلمي والاجتهاد القضائي وحفظ الذاكرة، مضيفا أن هذا المؤلف سيسهم في إثراء البحث العلمي الجامعي والاجتهاد القضائي في مجال جبر الضرر.