بعد مرور 7 سنوات على المناظرة الوطنية الأولى حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب، التي شكلت أكبر حدث حقوقي عرفه المغرب خلال سنة 2001، أبدت رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، خديجة الرياضي، تخوفها من إمكانية أن تتراجع الدولة عن كل ما تم تحقيقه إلى حد الآن، من خلال بحث هذه الأخيرة المتكرر عن تبريرات متعددة لعدم تطبيقها لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. دق ناقوس الخطر من قبل رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، يأتي في خضم الاستعدادات الجارية من قبل هيئة المتابعة لعقد المناظرة الوطنية الثانية المقرر تنظيمها في نوفمبر القادم من أجل تقييم ما تحقق منذ خروج توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة إلى حيز الوجود. وحسب الرياضي، فإن تصور جمعيتها لما يمكن أن تخلص إليه هذه المناظرة هو اعتبار هيئة الإنصاف والمصالحة لم تتطرق إلى جميع المراحل الزمنية التي عرف فيها المغرب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، حيث توقفت عند سنة 1999، كما أغفلت الحديث عن عدد من الانتهاكات، ناهيك أن الهيئة لم تسع إلى البحث عن الحقيقة، واستبعدت المسؤوليات واقتصر تقريرها على مقاربة الدولة. وتضيف الرياضي، في تصريح ل«المساء»، أنه كنتيجة لهذا الوضع بقيت الحقيقة التي خلص إليها تقرير الهيئة غير كاملة، من خلال عدم تحديد المسؤوليات، ولم تنفذ تلك التوصيات، لذلك فان الدولة تريد أن تتراجع عن كل شيء وتبحث عن تبريرات للتراجع عما تم تحقيقه. من جانبها، ترى أمينة بوعياش، رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، إحدى الهيئات الحقوقية المشكلة لهيئة المتابعة، أن الأساسي بالنسبة إلى الجسم الحقوقي في هذه الفترة هو إجراء تقييم عام لما تم تحقيقه إلى حد الآن، وبحث استراتيجية لمناهضة الإفلات من العقاب، وتوسيع اللجنة التحضيرية حتى تستوعب الفاعلين الحقوقيين الجدد من أجل بلورة تصور شمولي لتدارك ما فات. وحسب ورقة معدة من قبل اللجنة التحضيرية، فإن المناظرة الوطنية الثانية ستشكل مناسبة لطرح العديد من الإشكالات، في طليعتها السياقات السياسية المصاحبة أو الممهدة لصيغ معالجة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وآثارها المستقبلية بالنسبة إلى المغرب، مع بحث خصوصيات التجربة المغربية وعلاقتها بالأسس المعيارية المعتمدة في تجارب وطنية عبر العالم، وآثار هذه الدينامية على مسار المشهد الحقوقي والسياسي، على ضوء ما خلقته من ردود فعل متعددة ومتباينة أحيانا، حيث هناك من اعتبرها تحولات نوعية وتمثل جسرا نحو الانتقال الديمقراطي، بينما اعتبرها البعض الآخر تحولات نسبية محدودة وهشة. وينتظر أن يتمحور النقاش والاقتراحات حول عدد من المحاور تتناول مؤشرات التقدم في مجال الكشف عن الحقيقة، من خلال البحث في منهجية التحريات التي اعتمدت في هذا الباب وخاصة في الملفات الكبرى، مع التطرق إلى خلاصات تحليل السياقات السياسية والتاريخية ذات الصلة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والتدابير المترتبة عنها. كما سيبحث المشاركون في هذه المناظرة سبل حفظ الذاكرة وتعميم الأرشيف ونتائج البحث وخلاصاته على الحركة الحقوقية وحركة الضحايا والرأي العام، وبحث المسؤوليات بين مختلف أجهزة الدولة ومؤسساتها ودرجة تورط كل جهاز، بما يسمح بتشريح الأدوار المختلفة لتلك المؤسسات في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وبما يسمح كذلك باقتراح إصلاحات مناسبة، بالإضافة إلى التطرق إلى الشروط والمقترحات والصيغ القابلة للتحقيق في مجال إرساء حكامة أمنية جديدة تخضع للوصاية والمسؤولية السياسية والمؤسساتية والرقابة الشعبية.