أبدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قلقها الشديد مما أسمته المنحى العام، الذي اتخذته أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب خلال السنوات الأخيرة، والمتميز ب«تعثر بل وتوقف عدد من المشاريع والخطط ذات الصلة بحقوق الإنسان، وبالتراجعات التي ازدادت وتيرتها بشكل ملموس هذه السنة، سواء على مستوى الحريات والحقوق السياسية بشكل عام أو على مستوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية». وتتجلى هذه الوضعية، حسب خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في استمرار التعذيب خاصة في مراكز الاعتقال غير النظامية (مركز تمارة) والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المتمثلة في الاختطاف والاعتقال التعسفي والمحاكمات غير العادلة والتضييق على المدافعين عن حقوق الإنسان من خلال اعتقالهم ومحاكمتهم، إضافة إلى استمرار الاعتقال السياسي أو بسبب الرأي، وكذا الهجوم على حرية التعبير والصحافة، وانتهاك الحق في التظاهر السلمي. وسجلت الرياضي، التي كانت تتحدث في ندوة صحافية عقدتها جمعيتها صباح أمس بالرباط، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، استمرار عدم استقلالية القضاء وضعف كفاءته ونزاهته، وهو ما يتضح من خلال انتهاك الحق في المحاكمة العادلة في القضايا السياسية، وانتهاك الحق في التقاضي والمساواة أمام القانون من خلال ملفات الفساد والقضايا التي يتورط فيها ذوو النفوذ كما كان الحال في قضية ليلى بنصديق وحسن اليعقوبي، إضافة إلى استمرار الإفلات من العقاب وتفاقم الرشوة وتفشي مختلف أنواع الفساد الاقتصادي. الرياضي اتهمت الدولة بالتملص من تنفيذ التوصيات الصادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة، وقالت إنه رغم مرور أربع سنوات على الإعلان الرسمي عن نتائج الهيئة فإن الملاحظ هو أن موقف الدولة المغربية تحول من التماطل في تنفيذ التوصيات إلى التملص منها، مسجلة عدم تنفيذ مضامين الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان بالرغم من مرور ثلاث سنوات على الإعلان الرسمي عنها، وتهميش إسناد مهمة تطبيقها إلى مركز التوثيق والإعلام والتكوين التابع للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. من جهة أخرى، اعتبرت رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن محطة الانتخابات الجماعية ل 12 يونيو الماضي وما تبعها من استحقاقات «فوتت من جديد فرصة التقدم نحو الديمقراطية واحترام إرادة المواطنين بسبب الشروط التي مرت فيها»، مطالبة بإقرار دستور ديمقراطي. إلى ذلك، أكدت الجمعية، في رسالة بعثتها إلى الوزير الأول أن مفتاح معالجة ملفات حقوق الإنسان بالمغرب يمر عبر الاستجابة للمطالب الحقوقية الأساسية المتمثلة في إقرار دستور ديموقراطي، ودمقرطة الإطار القانوني لديوان المظالم، الذي «ظل لحد الآن بدون دور إيجابي ملموس، وظل بعيدا عن تجسيد مؤسسة الوسيط (أومبودسمان) التي طالبت بها الحركة الحقوقية»، وإعمال «الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان»، ووضع خطة وطنية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، إلى جانب تحديد المؤسسة الرسمية المهتمة بحقوق الإنسان، والقطع مع سياسة التعتيم على أوضاع حقوق الإنسان، سواء في الإعلام الرسمي، أو على مستوى المؤسسات الرسمية المعنية بحقوق الإنسان. أما بالنسبة لملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، فقد أكدت الجمعية أن الملف لن يجد حله إلا على أساس إعمال المعايير الدولية ذات الصلة والمرتكزة على الحقيقة الشاملة بشأن الكشف عن كافة الانتهاكات وتحديد المسؤوليات عنها، وعدم الإفلات من العقاب، والإنصاف بمختلف جوانبه (جبر الضرر الفردي والجماعي، حفظ الذاكرة، الاعتذار الرسمي للدولة).