استهجن محمد مجاهد، أمين عام الحزب الاشتراكي الموحد، التصريحات التي اعتبرت أحداث سيدي إيفني الأخيرة لا تندرج ضمن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وأضاف متسائلا: «إذا كان ما وقع صبيحة ذلك اليوم، من مداهمة البيوت وسرقة الأموال ونهب الممتلكات والعنف المبالغ فيه وإنزال عقاب جماعي بساكنة المدينة، لا يعد انتهاكا لحقوق الإنسان فما هو الانتهاك الجسيم حسب المدافعين عن هذا الطرح»؟. واعتبر مجاهد، في تصريح ل«المساء»، أن المرحلة التي يعيشها المغرب حاليا تعرف تراجعا حقيقيا سواء على المستوى السياسي أو على مستوى حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن هناك نزوعا تحكميا من أجل إسكات كل الأصوات. وأضاف أنه لا يمكن تحقيق العدالة الانتقالية ما لم يتم إجراء إصلاحات مؤسساتية عميقة. من جانبها، شددت خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، على وصف ما وقع في ما بات يعرف بالسبت الأسود بكونه انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان، لأنه جاء في إطار مسلسل رجعت فيه الدولة المغربية، منذ انخراطها في ما يسمى بالحرب على الإرهاب سنة 2001، إلى سابق عهدها خلال سنوات الرصاص. وأوضحت الرياضي، في تصريح ل«المساء»، أن ما يبرر هذا الطرح هو كون المسؤولين الأمنيين الذين أشرفوا على تلك الانتهاكات هم أنفسهم الذين أصدروا تعليماتهم بتنفيذ عقاب جماعي لساكنة مدينة سيدي إيفني. وأضافت رئيسة الجمعية الحقوقية، التي رفض لها القضاء المغربي البت في دعوى رفعتها ضد العنيكري، أن استمرار وضعية اللاعقاب هي التي تشجع هؤلاء المسئولين على اقتراف مزيد من الانتهاكات، وأن الدولة المغربية تنقصها الإرادة الحقيقية لتحقيق العدالة الانتقالية. وأبرزت الرياضي أن تدهور وضعية حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة باتت تقلق المدافعين عن حقوق الإنسان على المستوى الدولي، مضيفة أنه في هذا الصدد، عبر لهم مسؤول بلجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن انشغاله بما يحدث داخل المغرب كنتيجة لعدم تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وعدم وضع حد لحالة اللاعقاب. وانتقدت الرياضي بشدة الدور الذي بات يضطلع به أحمد حرزني، الرئيس الحالي للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، والمتمثل في الدفاع عن السياسة الرسمية وتبرير الانتهاكات التي يقوم بها موظفو الدولة. ويعد انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان كل انتهاك ترتكبه الدولة في حق المجتمع شريطة أن يكون ذلك الفعل مستمرا ومتواصلا ومتكررا. أما العدالة الانتقالية فهي عبارة عن برنامج للتحول السلمي من مجتمع تعرض للاستبداد السياسي والاجتماعي والاقتصادي والطائفي والعرقي ولانتهاك صارخ لحقوق الإنسان إلى مجتمع تسوده الديمقراطية وقبول الرأي الآخر والتعددية واحترام حقوق الإنسان، لكن بشرط إزالة آثار حقبة الاستبداد وإعادة التوازن داخل المجتمع. وتوجد عدة آليات لتطبيق العدالة الانتقالية، يأتي في مقدمتها البحث عن الحقيقة وتقصي الحقائق، سواء عن طريق لجان وطنية رسمية أو منظمات غير حكومية، ومحاكمة مرتكبي الانتهاكات عن طريق المحاكم الجنائية الوطنية أو الدولية، وتعويض الضحايا عن الأضرار التي لحقت بهم. وإصلاح المؤسسات الرسمية والقانونية، ومنع مرتكبي الانتهاكات من تولي المناصب العامة فيها. مع إقامة النصب التذكارية والمتاحف التي تخلد مآسي الضحايا إحياء للذاكرة الجماعية. وظهرت فكرة العدالة الانتقالية في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وتجسدت في محاكمات نورمبرغ والقضاء على الفكر النازي، وكان أول تطبيق واضح المعالم لفكرة العدالة الانتقالية متمثلا في محاكمات حقوق الإنسان في اليونان في أواسط السبعينيات من القرن الماضي، وبعدها في المتابعات للحكم العسكري في الأرجنتين والتشيلي من خلال لجنتي تقصي الحقائق في الأرجنتين (1983) والتشيلي (1990).