أشاد إدريس بنزكري، رئيس هيئة الإنصاف والمصالحة، بالتجربة التي قامت بها الهيئة المستقلة لتعويض ضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي في ما بين 1999 و,2003 وأضاف في اللقاء الذي نظمه مركز التوثيق والإعلان والتكوين في مجال حقوق الإنسان حول موضوع مستخلصات هيئة التحكيم وأسئلة جبر الضرر مساء يوم الجمعة 9 يونيو الجاري بأن التجربة المذكورة ورغم الظروف الصعبة والاختصاصات الناقصة التي اشتغلت بها هيئة التحكيم المستقلة، إلا أنها تمكنت من إفراز اجتهادات ستشكل إضافة مهمة لمعالجة ملف انتهاكات حقوق الإنسان. وأشار بنزكري بالمناسبة نفسها إلى أن هيئة الإنصاف والمصالحة، التي تقوم بتقييم تجربة ومسار تصفية الانتهاكات السابقة لحقوق الإنسان، شرعت في إنجاز دراسات وأبحاث في هذا المجال بشراكة مع المركز الدولي للعدالة الانتقالية، وعدد من المراكز الدولية بهدف إغناء العمل الحقوقي للهيئة وإعطاء التجربة المغربية بعدا دوليا. النقيب عبد العزيز بنزاكور، عضو سابق بهيئة التحكيم، وعضو هيئة الإنصاف والمصالحة، من جهته، اعتبر أن التجربة المغربية في مجال التعويض وجبر الضرر فريدة ومتميزة بالنظر لتجارب دولية أخرى، وذلك من خلال خمس ملاحظات ضمنها في مداخلته باللقاء المذكور، والذي كان مناسبة لتقديم كتاب هيئة التحكيم المستقلة: مسار المقاربة المغربية لتسوية ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، لمؤلفه أحمد شوقي بنيوب. وأكد بنزاكور في ملاحظاته على أن: التجربة المغربية لها تميزها بالنظر إلى باقي الدول والتجارب العالمية لكون الدولة المغربية الوحيدة في العالم التي اعترفت ضمنيا بمسؤولياتها عما عرفته من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وذلك من خلال القرار المتخذ رسميا وعلنيا بالتعويض عن الأضرار والانتهاكات دون تغير نظام الحكم بها. أن المغرب البلد الوحيد في العالم الذي قرر الانكباب على معالجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان طيلة 44 سنة من تاريخه منذ الاستقلال إلى نهاية العهد الماضي، وأنه يكاد يكون الوحيد في العالم العربي والإسلامي الذي قرر معالجة ما عرفه من اختلالات في مجال حقوق الإنسان، سواء في ما يتعلق بالاختفاء القسري أو الاعتقال التعسفي، من خلال هيئة التحكيم المستقلة، مع العلم أن حالات الاختفاء القسري به تبدو محدودة بالمقارنة مع غيره من الدول. أما محمد الصبار، رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، فقد ألح على ضرورة اعتماد مقاربة شمولية في مجال التعويض، وجبر الضرر عن الانتهاكات، وعدم اختزاله في الجانب المادي، مشيرا في الوقت نفسه أن الرأي العام لا يكاد يعرف أي شيء عن عمل هيئة التحكيم المستقلة، ولا عن قراراتها وأسماء الضحايا وحجم التعويضات التي صرفت لها. من جهة أخرى سجل إدريس بلماحي، أستاذ جامعي وناشط حقوقي، غياب تصور شمولي من وجهة نظره لمجال ماضي حقوق الإنسان عند كل مكونات المجتمع، معتبرا أن الدولة أضاعت الوقت بقيامها بإجراءات منفردة في مجال جبر الضرر، وأن الفاعلين الحقوقيين من وجهة نظره تعاملوا بنوع من السلبية مع الهيئة المستقلة للتحكيم. يشار إلى أن كتاب هيئة التحكيم المستقلة: مسار المقاربة المغربية لتسوية ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، لمؤلفه أحمد شوقي بنيوب، تطرق لأسس الاجتهاد الذي قامت عليه عملية تسوية ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وجبر الضرر، من حيث المعايير المعتمدة، موردا التجربة الوطنية للهيئة المذكورة في نظر بعض صناعها من قبيل عبد العزيز بنزاكور ومحمد مصطفى الريسوني. ويتضمن الكتاب المذكور وثائق تأسيس وتأصيل الهيئة المستقلة للتحكيم مع نماذج من مقرراتها التحكيمية لحالات التعويض، بحيث ألقى أضواء على عمل الهيئة الذي مازال مجهولا عند الرأي العام المغربي، وحتى عند بعض المهتمين. يذكر أن مركز التوثيق والإعلام والتكوين في مجال حقوق الإنسان الذي يديره الحبيب بلكوش نظم في اليوم الموالي ورشة لصالح مجموعة من الصحافيين حول مواضيع العدالة الانتقالية ولجان الحقيقة، ودور الإعلام في التعريف بها، كما تم عرض بعض التجارب لجلسات عمومية خصصت للاستماع لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من البيرو وجنوب إفريقيا. محمد عيادي