عقدت الوكالة الوطنية للتأمين الإجباري عن المرض لقاء يوم الثلاثاء شتنبر 2005 بالرباط، تدارس خلاله مهنيو القطاع ومختلف المتدخلين التعريفة الوطنية المرجعية من أجل مساهة الأجراء في تمويل مشروع التغطية الصحية الإجبارية، وكذلك لتدارس صيغ تنزيل مختلف التدابير ومقتضيات التغطية الصحية الأساسية. يأتي هذا في سياق بداية الاقتطاعات التي همت مع بداية شتنبر الحالي مختلف شرائح الموظفين في القطاعين العام والخاص من أجل تمويل التأمين الإجباري عن المرض. لكن يشير العديد من الفاعلين إلى عدم وضوح الكثير من المقتضيات، ومنها وضعية المشغلين في إطار العقود المبرمة مع الوكالة الوطنية للكفاءات والتشغيل، ووضعية المؤقتين والموسميين من العمال. في هذا الإطار، حظي موضوع الصيغة التي سيساهم بها المستفيد من التغطية الصحية الأساسية في التمويل بالأولوية خلال النقاشات، حيث تسعى الوكالة الوطنية للتأمين عن المرض، حسب العديد من الفاعلين، إلى اقتراح تعريفة مرجعية تستجيب لمختلف أشكال التنزيل في القطاعين العام والخاص، وتحظى بالإجماع وسط مهنييي الصحة وأرباب المقاولات المغربية، سيما المتوسطة والصغرى منها. ومن المقرر أن يتم الحسم في التعريفة الأساسية المرجعية في غضون 25 أكتوبر المقبل، على أن تشمل التغطية الصحية الإجبارية في مرحلة أولى مأجوري القطاعين العام والخاص، ويتم تعميمها تدريجيا لتشمل مختلف المهن الحرة. وفي موضوع ذي صلة، قررت اللجنة التي تشكلت من خبراء حكوميين والمؤسسة الوطنية لصناعة الدواء بالمغرب عدم تخفيض أثمنة الأدوية في السوق الوطني. وكانت اللجنة قد تشكلت في مارس الماضي بمبادرة من الوزير الأول إدريس جطو، وطلب منها النظر في إمكانية التخفيض من أثمنة الدواء، خاصة الأساسية منها وذات الاستعمال الواسع. وقد استند قرار تشكيل تلك اللجنة، حسب الدكتور عبد القادر طرفاي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحة، التابعة للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، على دراسة دولية تعتبر خلاصتها أن الدواء في المغرب مكلف ولا يتماشى مع الأجورالمنخفضة، وعلى عدم قدرة المواطن المغربي الحصول على جل الأدوية لكلفتها العالية، تلك الدراسة أشارت من جهة أخرى إلى أن استهلاك المواطن المغربي من الدواء لا يتجاوز في المتوسط 275درهما في السنة. وهو رقم يوضح، حسب الخبراء الدوليين، ضعف مجال التغطية الصحية في المغرب. واعتبر طرفاي أن أثمنة الدواء في المغرب مرتفعة جدا، وأكد، في تصريح لالتجديد، أن التكلفة العالية للدواء في السوق الوطني «ترجع في جزء كبير منها إلى الضغط الكبير الذي يمارسه لوبي صناعة الأدوية بالمغرب»، منوها «أن الحكومة تدرك جيدا طبيعة القطاع والأسباب التي تساهم في غلاء الأدوية، فهي تدرك مدى عدم تناسب ثمن الأدوية مع الأجور الضعيفة في المغرب، لكنها تقف عاجزة أمام تكتل أرباب الصناعة الدوائية ببلادنا»، ونفى طرفاي أن يكون ثمن الأدوية بالمغرب أدنى بالمقارنة مع الدول المجاورة، كما تدعي المؤسسة المغربية لصناعة الأدوية. وقد اقترحت الحكومة على أرباب الصناعة الدوائية بالمغرب القيام بتدابير من أجل تخفيض تكلفة صناعة الدواء ليتزامن ذلك مع دخول التغطية الصحية الإجبارية حيز التنفيذ، حيث من المقرر أن تتزايد كمية استهلاك الدواء من قبل المغاربة. لكن النقاش توقف فجأة بسبب إصرار أرباب الصناعة الدوائية على مواقفهم، التي ترتكز حسب منير السدراتي، مدير المؤسسة الوطنية لصناعة الأدوية، على عدة حجج منها «أن ثمن الأدوية المصنعة بالمغرب منخفضة بالمقارنة مع السوق الخارجية بنسبة 32%، كما أن ثمن الأدوية المستوردة من الخارج أقل ب17% مقارنة بدول المصدر». لكن أرباب الصناعة الدوائية بالمغرب يتخوفون من المنافسة داخل القطاع بفعل اعتماد مشروع التغطية الصحية الأساسية في بند التمويل المرجعي على الأدوية الأرخص ثمنا.