بالنسبة للذين يتذكرون أن هناك تجمعا حزبيا إسمه الكتلة الديمقراطية فإن هذا الأخير أصبح مهددا بالانفجار من الداخل بسبب مشروع قانون الأحزاب السياسية الجديد المنتظر أن يقدم أمام البرلمان قريبا، وذلك على الأقل بصفة رسمية ما دام أن الكتلة الديمقراطية لم تعد توجد إلا في رؤوس أصحابها. فقد نشب صراع داخلي بين الكبار والصغار في هذا النادي على خلفية الدعم المالي المخول للأحزاب ضمن المشروع الحكومي، ليتأكد أن بين المال والسياسة علاقة قوية في المشهد السياسي المغربي، وأن حلفاء الأمس باتوا أعداء اليوم بسبب هذا الترابط بين الإثنين، حيث طالب الحزبان الكبيران في الكتلة، الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، برفع الحد الأدنى للحصول على الدعم المالي من الدولة إلى 10 في المائة من الأصوات المعبر عنها في الانتخابات العامة، بدل 5 في المائة الموجود حاليا في مشروع القانون كسقف أدنى لتلقي دعم الدولة، وبرر الحزبان مطلبهما الذي لم يرض حزب التقدم والاشتراكية، الشقيق الأصغر في عائلة الكتلة، بتشجيع التقاطبات الحزبية والقضاء على بلقنة الساحة السياسية المغربية. ولكن أسباب الشقاق بينالإخوة الأعداء في الكتلة الديمقراطية لم تقف عند قضية الدعم المالي للأحزاب، ذلك أن حزبي اليازغي والفاسي قررا التقدم بلائحة مشتركة فيما بينهما بشأن التعديلات المطلوب إدخالها على مشروع قانون الأحزاب، من دون إشراك حزب إسماعيل العلوي الذي أدرك أن سباق المسافات الطويلة مع أصدقاء الأمس لن يكون مربوحا من لدن حزبه، ومن ضمن التعديلات التي تضمنتها لائحة الاستقلال والاتحاد رفع السقف الأدنى للحصول على الدعم، وحسب جريدة حزب التقدم والاشتراكيةالبيان بالفرنسية أمس فإن خلافا وقع بين الحزبين المذكورين، حيث إن الاتحاد الاشتراكي يريد رفع هذا السقف إلى 10 في المائة من الأصوات، بينما يقترح حزب الاستقلال 5,7 في المائة فقط، وانتقدت الجريدة أمس في صدر صفحتها الأولى هذا التوجه بطريقة ضمنية حينما قالت بأن الدعم المالي من الدولة يهدف إلى دعم التعددية السياسية من جهة، ومن جهة ثانية إلى أن تستفيد منه الأحزاب التي لا تملك الإمكانيات، في إشارة إلى الأحزاب الصغيرة مثل التقدم والاشتراكية.