قرار منع العمل الإحساني في رمضان هو قرار لبعض وسائل الإعلام وليس قرارا لوزارة الداخلية.! هذه هي الخلاصة التي خرجت بها بعد الهرج والمرج الذي صاحب "القرار الشبح" الذي انتشر في بعض وسائل الإعلام بمنع أنشطة الجمعيات الخيرية في رمضان، بحجة أن بعض هذه الجمعيات تترأسها شخصيات لها توجه سياسي معين. ولم أستغرب كثيرا مادام أول من نشر خبر منع الأنشطة الإحسانية في رمضان بناء على قرار لوزارة الداخلية لا أثر له لحد الساعة، هي نفس الجريدة التي كان لها السبق في نشر خبر كاذب عن وفاة الجنرال عروب وحذفته دون الإعتذار من عائلته على خطئها الأخلاقي والمهني.. يتضح أن الجهات التي ألفت الاصطياد في الماء العكر والتي روجت لقرار الداخلية غير المعلن، وغير الموجود أصلا، وصلتها حمى الانتخابات باكرا، وظنت بأن تجفيف منابع الإحسان خصوصا في هذاالشهر الفضيل، من شأنه أن يحد من تحركات الحزب السياسي الوحيد الذي ينظم أنشطة إشعاعية وتواصلية مع المواطنين على طول السنة. وإن افترضنا جدلا بأن العمل الإحساني قد يشوش على العملية الانتخابية من خلال "عدم تكافئ الفرص" بين "السياسيين" المحسنين وغيرهم، فكيف يمكن قراءة منع الأيام التربوية الرمضانية لجمعية الرسالة بتيفلت!؟ وعلى أي سند قانوني اعتمدت السلطات العمومية من أجل تبرير قانونيته وصحته؟ يبدو أن بعض رجال السلطة الذين لم يستوعبوا بعد ثقافة دستور 2011، يحنون إلى الأيام الخوالي، وإلى التجاوزات السلطوية البائدة التي من المفترض أن يقطع معها المغرب في العهد الجديد. فبلدنا محتاج إلى سلطاته العمومية، ليس من أجل منع الأنشطة الثقافية والتربوية، بل في محاربة "الكريساج" والاستيلاء على الملك العام! وهي ظواهر لا زالت منشرة وتسيء لصورة الوطن. فعندما أعطى جلالة الملك انطلاقة عملية الدعم الغذائي "رمضان 1437″ بحي الفتح بالرباط ، التي تنظمها مؤسسة محمد الخامس للتضامن بمناسبة شهر رمضان الأبرك، أرسل رسائل إلى الشعب المغربي وإلى الجمعيات الإحسانية بأن تتأسى بملك البلاد، وأن تجتهد في عملها الإحساني. وإذا كانت الرسالة التقطت من طرف فئات واسعة من المواطنين والعاملين بالمجتمع المدني، بدليل العدد الهائل من موائد الإفطار المنتشرة في جميع مدن المملكة والمساعدات التي تمنح للمعوزين، فإن فئة قليلة لم تفهم الرسالة، واختلط عليها الإحسان بالحملات الانتخابية، نسأل الله لها الهداية..