عجبا.. صار لقراءة القرآن الكريم على الطريقة المغربية أنصار أشداء على صفحات جرائد لا تفرد للقران سطرا واحدا لا تفسيرا ولا تنويرا ولا حتى توقيرا..!! وأعجب من العجب أن تسل أقلام من غمدها تنافح عن الخصوصية القرائية القرآنية المغربية المهددة بالاندثار في وجه الاكتساح الوهابي..!! مبعث العجب والاستغراب أن تندلع شرارة هذه الانتفاضة القرآنية على صفحات جرائد لاتقيم للقرآن وزنا و لا يجيئ في صفحاتها طوال أيام السنة إلا في ركن التعازي..خاتمة مكرورة في آخر عبارات الحزن على وداع الموتى..إنا لله وإنا إليه راجعون..!! أسباب نزول هذه الانتفاضة الحداثوية للدفاع عن الخصوصية المغربية في تلاوة القرآن "زلة" القناة الثانية التي لم تسلم بدورها من تصفيد فيلق من شياطينها المغربية والأجنبية في هذا الشهر الفضيل ..فنشأ عن ذلك التصفيد الجزئي انفراج خفيف مكن من إحياء ليلة قرآنية يتيمة في تاريخ القناة وتاريخ رمضاناتها العديدة..! ليلة أحياها منشطون مغاربة وتنافس فيها شباب مغاربة بزي مغربي وجلسة مغربية وجمهور مغربي..!! هذه الليلة لقيت ترحيبا كبيرا من لدن عموم من تابعوها..ليس لأنها إبداع سبقت إليه القناة ولا فتح انفردت به، ولكن لأنها ببساطة شكلت لحظة مصالحة مع أجواء رمضان وامتدادا طبيعيا لمناخه المعطر بالقرآن في كل ربوع الوطن.. فكان لابد أن يستحسن حسنها على قلته كما يستقبح قبيحها وهو الغالب ..!! الحداثويون بالطبع انزعجوا .. ومبعث انزعاجهم واضح ومعلوم وإن غلفوه تحت لافتة الغيرة على الخصوصية المغربية والخشية على ألحان تافيلالت وسوس ووزان .. من ألحان قريش ودمشق وبغداد ..!! هم انزعجوا لأن منبر القناة الثانية في دخيلة قناعاتهم الحداثوية خالص مخلص لموجة واحدة معلومة بذبذبتها المنابذة لكل ما هو أصيل لصالح كل ما هو دخيل:فالأفلام المكسيكية والرقص الغربي واللغة الأجنبية والخلاعة وما لف لفها من "فنون" تكتسح البث ليل نهار ، صارت بمقاييس القوم جزءا من المكتسبات الأصيلة التي لا تحتاج إلى انتفاضة لكي تنافح عن خصوصية المغرب في أفلامه وفلكلوره ولغاته وحشمته ...!! لو صلحت النوايا لكان التقييم تقويما ونصحا واقتراحا لتطوير التجربة مع الحرص على التنويه بالمبادرة مع الابتعاد عن لغة الهجوم والتهجم وافتعال الخصومة والقطيعة بين القراءات القرآنية..ولكن هيهات هيهات ..فالقلوب قدور تغلي والأقلام والألسن مغارفها..! ألم نقل إن الحداثة المتطرفة في محنة في بلاد المسلمين ..وأي محنة أشد من ورطة الدفاع عن القراءات القرآنية المغربية من طرف أناس لو سئلوا عما "يدافعون عنه" لافتضح جهلهم به ولما ميزوا إظهارا من إدغام ولا إقلابا من إخفاء..وهي أول ما يتعلمه متعلم التلاوة!! اللهم يسر لنا جميعا القدرة على إخفاء جهلنا حتى لانظهره تهورا .. وعلمنا ما نقلب به سيئاتنا حسنات..فنكون من أهل القرآن ظاهرا وباطنا من غير إخفاء ولا إقلاب ..آمين. الحبيب الشوباني