تعهد الرئيس الإندونيسي سوسيلو يودويونو بداية هذا الأسبوع بتوجيه الاهتمام لحل مشكلة إقليم بابوا شرقي البلاد، وذلك بعد يوم واحد من توقيع اتفاق سلام تاريخي بين الحكومة وممثلي حركة آتشه الحرة.وكانت الحكومة والحركة وقعتا اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه بعد خمس جولات من المفاوضات في هلسنكي، تحت رعاية الرئيس الفنلندي السابق مارتي أهتيساري منذ يناير الماضي.ويدعو الاتفاق إلى انسحاب قوات الجيش الإندونيسي من الإقليم ونزع سلاح مقاتلي الحركة، وبالتالي إنهاء جميع الأعمال العدائية ضد الجانبين وتخلي المتمردين عن مطالبهم باستقلال الإقليم عن إندونيسيا. كما يؤكد التزام الطرفين بالسلام الشامل، والتوصل إلى حل قابل للاستمرار للنزاع في الإقليم.ويُعد هذا الاتفاق حجر أساس لاتفاق سلام دائم، ينهي صراعا داميا بدأ عام 1976 وخلف نحو 15 ألف قتيل. وفي أول كلمة له أمام برلمان بلاده منذ تسلمه رئاسة البلاد في أكتوبر الماضي، استبعد يودويونو انفصال إقليم بابوا ووعد بتنفيذ حكم ذاتي موسع هناك محذرا في الوقت نفسه من أي تدخل خارجي في هذه المسألة. وأعرب عن أمل حكومته في حل مشكلة بابوا بطريقة سلمية وعادلة وكريمة، من خلال الحوار والإقناع وصولا لحكم ذاتي خاص وشامل. وكانت الحكومة ضمت الإقليم لسيادتها عام 1963, ولحق ذلك استفتاء تحت إشراف الأممالمتحدة عام 1969 بين زعماء السكان المحليين وكانت نتيجته قرارا بالانضمام لإندونيسيا لكنه وصف بأنه غير نزيه. ويعد إقليم بابوا الغني بالموارد الطبيعية واحدا من معاقل الانفصاليين حيث تقع اشتباكات بين قوات الأمن والثوار من حين لآخر، وتشن حركة تحرير بابوا مقاومة مسلحة ضد جاكرتا منذ ضم الإقليم لإندونيسيا. وفي هذه الأثناء تواصلت ردود الأفعال على توقيع اتفاق السلام التاريخي في آتشه، وكانت كلها مرحبة بالاتفاق رغم الإعراب عن تفاؤل حذر بهذه الخطوة. وكان أول رد فعل من آتشه الحرة نفسها، إذ حذرت من أن الهدنة التي سيراقبها مسؤولون من الاتحاد الأوروبي وآسيا قد تخرج عن مسارها بسبب المليشيات المحلية التي قالت الحركة إن القوات الإندونيسية تقوم بتسليحها. وقال رئيس وفد الحركة للتفاوض مالك محمود أثناء حفل التوقيع على الاتفاقية إن أعضاء المليشيات كانوا يقولون مؤخرا إنه بعد نزع سلاح حركة آتشه سوف يقتلون أعضاءها، وإذا دافعت عن نفسها ضد هذه المليشيات فسيكون ذلك ذريعة للجيش لاستئناف العمليات العسكرية ضد الحركة.. وهذا سيقضي على عملية السلام. كما عبرت أستراليا عن تفاؤل حذر، إذ رحب وزير الخارجية ألكسندر داونر بالاتفاق لكنه أعرب أيضا عن تفاؤله الحذر إزاء فرص نجاح الاتفاق انطلاقا من حسن نية الطرفين. وشدد على أن نشر مراقبين تابعين للاتحاد الأوروبي ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) يعزز فرص الالتزام بالاتفاق. وفي نيويورك أشاد الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون -الموفد الخاص للأمم المتحدة إلى الدول التي ضربها المد البحري في ديسمبر الماضي- باتفاق الحكومة الإندونيسية ومتمردي آتشه. وأضاف أن ضخامة التحدي الذي تمثله إعادة إعمار المنطقة بعد المد البحري، سلطت الضوء على الضرورة القصوى لتحقيق مصالحة سياسية في آتشه.كما رحب بالاتفاق الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، وأعرب عن أمله في أن ينفذ الطرفان الاتفاق كاملا. كما تمنى منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا أن تساعد الهدنة في إعادة بناء آتشه بعد المد الزلزالي.