وقع وفدا الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان على اتفاق حول المسائل الأساسية المتعلقة بالدين وحق تقرير المصير لجنوب السودان بعد فترة انتقالية مدتها ست سنوات. وجاء هذا الاتفاق في ختام مفاوضات بين الجانبين، عقدت في كينيا. ويتزامن ذلك مع توصل الحكومة السودانية إلى اتفاق مع مجموعة التجديد بقيادة مبارك الفاضل المهدي، المنشقة عن حزب الأمة، تشارك بموجبه المجموعة في السلطة. ويعتقد مراقبون أن تلك الاتفاقات والصفقات، التي تتم برعاية أميركية، تشكل خطوات على طريق الحل السياسي الشامل في السودان. وفي معرض تعليقه على اتفاق نيروبي، قال مستشار الرئيس السوداني لشؤون السلام، غازي صلاح الدين إن ما تم التوصل إليه من تفاهم بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية هو أنموذج لعلاقة بين المركز وحكومة إقليمية في الجنوب. وأشار إلى أن الخرطوم تعتبر أن هذا أنموذج وحدوي. وقال المتحدث الرسمي باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان ياسر عرمان في حديث للصحافة السبت الماضي إن الاتفاق الذي تم توقيعه مع الحكومة السودانية يستلزم انضمام بقية القوى السياسية السودانية إليه لضمان تنفيذه. ويقول محللون إن هناك شكوكا عميقة بين الجانبين وإن اتفاقات كثيرة وقعت في السابق جرى خرقها في ما بعد. وأضافوا أن الاتفاقات التي تم التوصل إليها ما زالت غامضة بشكل كبير وأنه يتعين الاتفاق على التفاصيل قبل أن يمكن تنفيذها. لكن تجدد الاهتمام الدولي في الأشهر القليلة الماضية خاصة من الولاياتالمتحدة لبعث الأمل من جديد في إنهاء الحرب كما رحب المراقبون بتوصل الجانبين فيما يبدو إلى أرضية مشتركة. و قد أفادت بعض المصادر في مصر بأن الزعيم الليبي معمر القذافي الذي وصل أمس الأحد إلى القاهرة لإجراء مباحثات عاجلة مع الرئيس المصري حسني مبارك. ومن المتوقع أن تركز محادثات الرئيسين القذافي ومبارك على الاتفاق الذي تم بين الحكومة السودانية ومتمردي الحركة الشعبية لتحرير السودان السبت الماضي. ويرى مراقبون في مصر أن بند الاتفاق المتعلق بمنح حق تقرير المصير لجنوب السودان يعتبر خطا أحمر للأمن القومي المصري والأمن القومي العربي. وتتناول مذكرة التفاهم التي تم التوصل إليها في نيروبي بين الخرطوم والجيش الشعبي لتحرير السودان بزعامة جون قرنق أهم مسألتين كان الطرفان يختلفان حولهما: حق تقرير المصير للشعب السوداني في جنوب البلاد والعلاقات بين الدين والدولة. ولم تنص على وقف فوري لإطلاق النار المستمر بين الطرفين منذ نحو 20 عاما. وأفاد بيان قرأه على الصحفيين في مقر الرئاسة الكينية المبعوث الخاص للسلطة الحكومية للتنمية ومكافحة التصحر (إيغاد) لازارو سومبايو أن الأطراف اتفقت على مواصلة المفاوضات حول الملفات الأخرى الرئيسية كتقاسم السلطة والثروات, ومسألة حقوق الإنسان ووقف إطلاق النار عندما ستستأنف المحادثات في منتصف غشت 2002. وأضاف البيان أن الطرفين اتفقا على أن إيجاد حل سلمي وعادل مبني على وحدة السودان يشكل هدفهما المشترك وأن حلا عسكريا لن يدوم وغير مرغوب فيه. وخلافا لكل جولات المفاوضات السابقة التي جرت بين الطرفين منذ إطلاق مبادرة إيغاد قبل تسعة أعوام, فقد جرت محادثات نيروبي تحت رعاية الولاياتالمتحدة. وكانت واشنطن رعت محادثات مثمرة بين الخرطوم والجيش الشعبي لتحرير السودان أدت في ينايرالماضي إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في جبال النوبة جنوبي غربي السودان. ومدد العمل بالاتفاق في مطلع يوليوز الحالي لفترة ستة أشهر أخرى