يكشف نائب رئيس المجلس البلدي لجماعة كرسيف عبد النور بزة (43 سنة)، وعضو حزب العدالة والتنمية في حديث لالتجديد عن تفاصيل تناقضات صارخة داخل التحالف المسير لمكتب المجلس، تحالف انقلب بعد مرور سنة من عمره إلى تخالف وتقاطع وتحالف شكلي، على حد قول أستاذ التربية الإسلامية. ومن القضايا التي يتناولها الحوار، فضلا عن العلاقات الرابطة بين أطراف التحالف المسير للشأن المحلي بكرسيف، أحوال الخدمات العمومية المقدمة لأهل المدينة في قطاعات النظافة والإنارة... ما هي القوى السياسية التي أفرزتها الانتخابات الجماعية 2003 بكرسيف؟ وما هو موقع حزبكم داخلها؟ لم تفرز الاستحقاقات الأخيرة نتائج حاسمة لصالح هذا الطرف أو ذاك، مما استدعى التفكير في التحالف، وفي هذا السياق قدر أعضاء حزب العدالة والتنمية بعد تشاور بأن المشاركة في التسيير من أجل جلب ما يمكن من المصالح ودفع ما يمكن من المفاسد، وتحمل ما يمكن تحمله من الإكراهات، أفضل من البقاء في المعارضة لعدة سنوات، وبناء على هذا التقدير المقاصدي رأى الإخوة ضرورة التحالف مع أبرز القوى التي حازت على أكثر المقاعد، وهي حزب الاتحاد الاشتراكي أو حزب الاستقلال. هل أخذتم بعين الاعتبار في تحالفكم مع حزب الاتحاد الاشتراكي توجهه المذهبي؟ بالفعل، لقد طرح هذا الإشكال بحدة، لكن الميل إلى التحالف أملاه واقع معين يمكن التعبير عنه بما يلي: أولا قوة الضغط الجماهيري في اتجاه التحالف مع حزب الاتحاد الاشتراكي، ثانيا شخصية ممثل لائحة هذا الأخير في الانتخابات، وهو الدكتور عبد الله بن عثمان، هذه الشخصية التي راهن عليها الرأي العام وعقد عليها آمالا كبيرة، إذ أنه خلال حوارات داخلية أو خارجية كانت الأغلبية الساحقة تسير دائما في اتجاه التحالف مع هذا الحزب، ومع شخص عبد الله بن عثمان بالأساس. خلال تسييركم للشأن المحلي، كيف دبرتم علاقتكم مع حليفكم حزب الاتحاد وكذا حزب الاستقلال؟ أولا ونحن نهيئ ونتحاور لعقد التحالف، انتهينا إلى ضرورة كتابة ميثاق شرف وتم ذلك فعلا، والتزمنا فيه بمجموعة من الأمور الأساسية، ووضع على وثيقة الميثاق طابعا حزبي الاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية، وحضر ذلك شيوخ القبائل ووجهاء المدينة ومثقفوها وهيئات للمجتمع المدني، لكي تكون شاهدة على الميثاق، الذي حدد أولاً تقسيم مهام التسيير، ثم كيفية التسيير، ثم محاسبة المخلفين بالتزاماتهم أو المتورطين في سوء التسيير، واعتبرنا هذا الميثاق ميثاقا أخلاقيا وسياسيا ضابطا للعلاقة في ما بيننا. الآن بعد مرور سنة تقريبا على توقيع الميثاق، هل احترم الطرفان بنوده؟ للأسف أن الميثاق خرق منذ أول وهلة، فبمجرد انتخاب المكتب المسير ومرور شهرين على تشكيله انتهكت بنوده، إذ لم يلتزم الرئيس بما جاء فيها في ما يتعلق بتوزيع المهام، ذلك أنها نصت على أن يكون التفويض العام للنائب الأول، ثم توزع باقي التفويضات على النواب الآخرين. وكان هذا أول خلاف حصل لنا معه، بيد أننا فضلنا أن نتحمل ونتنازل عن حقنا لفائدة الجماعة (أي ساكنة المدينة)، ونحافظ على سمعة المجلس. تحدثت عن مدينة كرسيف، هلا قدمت للقارئ معطيات حولها جغرافياً وسكانياً وقدر ميزانية تسيير جماعتها الحضرية؟ تصل ميزانية الجماعة إلى ملياري سنتيم و100 مليون، أما ساكنتها فتتجاوز الخمسين ألف نسمة. بغض النظر عن ميثاق الشرف الذي وضع، ما هي الخطوط العريضة للبرنامج الذي اتفق عليه التحالف المسير لتنمية أوضاع المدينة اقتصاديا واجتماعيا؟ للأسف الشديد، كنا نعتقد بأن رئيس الجماعة سيكون من الرؤساء الذين يتحلون بالحوار وسيجلس معنا لوضع برنامج نتفق عليه جميعا، ونقوم بتنزيله جميعا، ونضع جداول أعمال ونتدارسها ونستخلص منها بعض النتائج، ولكن لقاءات مكتب المجلس المنصوص عليها في الميثاق الجماعي لم يكن يلتزم بها الرئيس، وقد كاتبناه في هذا الأمر وتحدثنا معه بشأنه بيد أنه لحد الساعة لم نجلس لوضع برنامج، أو حتى النظر في جداول الأعمال التي تقدم في الدورات. بمعنى أنه لا وجود لالتزام بما يوفر الأجواء لتهييء برنامج ننفذه في الواقع، وهذا من المشاكل الحقيقية التي أثرت في العلاقة بيننا وبين الرئيس، والتي وصلت إلى درجة ألغى فيها التفويضات بشكل متسرع، ودون تفكير في عواقب ذلك، مما زاد من تأزيم العلاقة، ويمكن القول إنه لا وجود مطلقا لبرنامج اتفقنا عليه. بعد سنة من التسيير ماذا قدمتهم لساكنة كرسيف؟ أقول وباختصار إن الحصيلة هي تراجع كل ما يمكن أن يسمى خدمات حقيقية للساكنة، مثل قطاع النظافة الذي تدهور بشكل ملحوظ، وقطاع الإنارة، والمساحات الخضراء بحيث صارت مساحات خضراء كانت موجودة مساحات جرداء، وذلك رغم أننا خصصنا لهذه المجالات في الميزانية ما يفوق 100 مليون سنتيم... (مقاطعا) إذن ما المشكل؟ المشكل هو سوء التسيير وسوء التدبير واللامبالاة وغياب الحزم... (مقاطعا) وأنتم في التسيير؟ ! ونحن في التسيير، لكنه تسيير صوري وشكلي، لأن الرئيس يعطي تعليمات وتوجيهات لرؤساء المصالح وللعمال تكرس هذا المعطى، حيث إننا إذا أصدرنا قرارا إما أن الرئيس ينسخه أو لا نجد استجابة من بعض رؤساء المصالح لكي نقوم بتدبير مفيد للجماعة. هذا يعني أن تحالفكم صوري ما دامت مشاركتكم في التسيير صورية؟ إنها الحقيقة، لأن التحالف الذي كنا نراهن بأن يكون تحالفا حقيقيا أصبح شكليا وهشا، وأقول الآن إن هذا التحالف يسير في اتجاه التخالف والتقاطع... بما أن شروط العمل ليست متوفرة لكم، فما فائدة بقائكم في المكتب المسير؟ إن فائدة البقاء هو العمل على التوسل بجميع ما يخوله لنا القانون من أجل الضغط لاحترام هذا الأخير أولا، ثم للعمل على تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين. لكن كيف يرى المواطنون هذا التخالف الحاصل وقصر ذات يد ممثلي حزب العدالة والتنمية في مكتب المجلس؟ الأغلبية الساحقة للمواطنين أصبحت تتفهم وضعنا داخل المكتب، والآمال المعقودة سابقا على شخص الرئيس تراجعت بشكل ملحوظ، وقد أصيب الناس بخيبة الأمل لما يرونه من تراجع في كثير من القطاعات، وقد نسيت أن أشير آنفا إلى قطاع آخر مهم عرف هو الآخر ترديا، ألا وهو قطاع التعمير الذي تسبب الرئيس في توقيفه لمدة سنة، برفضه التوقيع على تراخيص مجموعة كبيرة من التجزئات التي تضم أزيد من 2000 قطعة سكنية بها أزيد من 6600 شقة، وهو ما أثر سلبا وبشكل خطير في مداخيل الجماعة من جهة، وفي الاستثمار وسمعة المجلس من جهة أخرى. قلت إنكم رغم تخصيصكم لمبالغ مهمة للخدمات العمومية إلا أن مستواها تراجع، فأين ذهبت الأموال المرصودة؟ لا يمكنني الإجابة عن هذا التساؤل لأن الرئيس يرفض رفضا باتا أن يسلم مقرر الميزانية، وهو عضو في حزب العدالة والتنمية، الأوراق المالية والمحاسبية لمعرفة المصاريف، إذ أننا لا نعرف شيئا عن مصاريف الجماعة. إذا انتقلنا إلى حادث الاعتداء الذي كنت ضحيته في الشهر الماضي، هل يمكن القول إنه نتيجة للخلاف الحاصل بينكم وبين رئيس المكتب؟ لا شك في ذلك، حيث إن الرئيس يحس بأن نائبه الأول يريد هكذا يتصور أن يسرق منه الأضواء، أو يحتل موقعه ومكانته لدى الساكنة، إذ إن النائب الأول يحضر باستمرار ويواكب ما يتعلق بمصالح الجماعة، ويلح على الرئيس بتحسين خدماتها، والمواطن يعلم هذا ويعلم بأننا نسعى إلى تمكينه من مصالحه قدر الإمكان. هذا الأمر جعل الرئيس يوظف بعض أتباعه، ومنهم المستشار المعتدي علي، إذ إنه حيثما تحركت داخل مقر الجماعة إلا ويراقبني لسبب لا أعرفه. الاعتداء الذي تعرضتم له الشهر المنصرم ليس الأول، فماذا عن سابقه؟ بالفعل تعرضت لاعتداء سابق من لدن النائب السادس للرئيس، وسبب الاعتداء، الذي كان بالضرب والإهانة داخل مكتب الرئيس، وعلى مسمع ومرأى من هذا الأخير وبعض التقنيين، هو أن هذا النائب الذي ينتمي لحزب الاتحاد الاشتراكي أراد أن يميز قريبته الموظفة في ظروف العمل عن باقي الموظفين، ولما حدثتها في هذا الشأن احتجت بشكل غير مبرر، مع العلم أن زملاءها المواطنين يشتكون من قلة عملها، وفي تلك اللحظة تهجم علي النائب السادس بالضرب. وماذا عن الاعتداء الثاني؟ لقد وقع الاعتداء الثاني علي وأنا أمارس مهامي المخولة لي قانونا في غياب الرئيس بناء على المادة 56 من الميثاق الجماعي، فبينما كنت أعالج ملف من ملفات المواطنين إذا بمستشار من الحزب المذكور سابقا يقتحم علي المكتب بدون استئذان أو استدعاء، وهو لا حق له في التسيير أو التدخل فيه بأي شكل من الأشكال بمقتضى المادة 23 من الميثاق الجماعي، ويتدخل في الملف الذي أعالج بدعوى عدم اتفاقي مع الرئيس بشأنه، وبلغ به الأمر إلى الاعتداء علي بالسب والشتم والضرب بواسطة كرسي، مما أسفر عن جراح برأسي استدعى نقلي إلى المستشفى لتلقي العلاج، والآن القضية معروضة على القضاء بالمحكمة الابتدائية، ويتضمن ملفها شهادة شاهدين أكدا تعرضي للاعتداء، وهما مستشارين بالمجلس، ونرجو أن يتم إنصافي. حاوره: محمد بنكاسم