قال العلامة المقاصدي، الدكتور أحمد الريسوني، أن مجال الإعجاز التشريعي يهم الناس أكثر من الإعجاز العلمي بمعناه الصرف الضيق، مضيفا بأن الإعجاز التشريعي أكثر أهمية للناس وأكثر التصاقا بتساؤلاتهم وحياتهم. وأضاف الريسوني خلال محاضرة له مساء يوم الجمعة 29 أبريل 2016، بالمؤتمر الدولي السادس للإعجاز العلمي، الذي تنظمه هيئة الإعجاز العلمي بشمال المغرب، "أن الإعجاز التشريعي أفق يمكن أن تفتح منه جوانب عديدة في المؤتمرات القادمة مستقبلا". وبينما استعرضت مداخلات بعض العلماء المشاركين في المؤتمر جوانب التشريع الإسلامي الذي تتبناه الدولة وتسهر على تنفيذه، أوضح الريسوني أن التشريع الإسلامي المتعلق بالوازع الإيماني أوسع بكثير من التشريع الذي يقوم على "الوازع السلطاني"، مؤكدا على أن المجال الإيماني يعد المحرك الرئيسي للتشريع الإسلامي. وتابع قائلا "التشريع الإسلامي الذي يحقق الأمن للبشرية هو الذي يعني الفرد والأسرة والمجتمع المدني والحياة الزوجية والعلاقات الاجتماعية والحياة الغذائية والحياة الشخصية والحياة الفنية للإنسان، والعلاقات مع الجيران والسلوك الإنساني كله، ويعني بصفة عامة إلى جانب العبادات المعاملات والأخلاق والآداب. وتابع قائلا؛ "حين تصل درجة الفهم إلى هذا المستوى فإن تنزيل الشريعة لن يبقى حبيس الدائرة السلطانية هل عطلت أم طبقت مقتضيات التشريع الإسلامي، بينما للأفراد والمجتمع مجال كبير وواسع من أجل تحقيق التشريع الإسلامي، وذلك من خلال تركيز المجهود في الوازع الإيماني. ودعا العلامة المقاصدي إلى التركيز على المجال الكبير المتاح لتنزيل التشريع الإسلامي المرتبط بالوازع الإيماني بغض النظر عن الجزء المنوط بالدولة ومؤسساتها المختلفة، مثل المحاكم والبرلمان. وأوضح الريسوني أن مجال الشريعة الإسلامية ليس ضيقا مثل ضيق القانون، قائلا "إذا كان القانون يتعلق بالمنازعات وبالركائز التي تقوم عليها الدولة، فإن التشريع الإسلامي يتعداه إلى أبعد من ذلك، إذ يمكن حماية حدود الشريعة من خلال مجالات التربية والتوعية بالأخلاق الإسلامية بغض النظر عن دور المحاكم والقوانين والبرلمانات. ودعا الريسوني إلى صرف النظر عما إذا كانت الدولة مواكبة أم نشاز في تطبيق أحكام الشريعة حتى لا يقع الناس في احتجاز أو اختزال، مضيفا بأن أمام الشعوب الإسلامية مجال لتقدم النموذج للبشرية من خلال تكريس مقتضيات التشريع الإسلامي في حياتها العامة والخاصة وعلاقاتها ومعاملاتها ومختلف أنشطتها، وهذه هي حقيقة التشريع الإسلامي، على حد قوله. يشار إلى أن الدكتور أحمد الريسوني تطرق في مداخلته الموسومة ب "الكليات التشريعية إيجاز وإعجاز"، جوانب الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم، موضحا أن القرآن جمع بين الإيجاز والتفصيل، وحتى حينما يفصل في الوقائع فإن سمة الإيجاز تظل حاضرة في آياته. وأشار إلى أن موضوع الإعجاز بخلاف ما انتبه إليه المتقدمون وبعض المعاصرون، من أن الإعجاز القرآني يتمثل في الإعجاز البلاغي من خلال آيات معينة محدودة، فإن باب الإعجاز مفتوح يشمل القرآن الكريم كله، على حد قول العلامة المقاصدي أحمد الريسوني. متابعة من تطوان