ارتبطت أحداث 16 ماي الأليمة بحي سيدي مومن الذي غرر بشباب من أبنائه وارتكبوا حماقتهم المعروفة التي ألحقت الدمار و الخراب بنقط في القلب النابض للمغرب. ولئن كانت هذه الأحداث الإرهابية مؤسفة ووصمت صفحة مغربنا الآمنة بنقطة سوداء، فهي أخرجت منطقة منسية من غياهب التهميش والإهمال إلى سطح الاهتمام والعناية، وقذفت بها إلى واجهة مسلسلات الإصلاح والتغيير، الذي قد يأتي أو لا يأتي وإلى عمق السياسة الوطنية والتنمية المحلية.
وبعيد الأحداث بادر صاحب الجلالة للقيام بزيارة تاريخية للمنطقة، دشن فيها مشاريع اجتماعية بغية فك العزلة ورفع البؤس عن الساكنة، وأعطى جلالته أمره بالقضاء على التجمعات الصفيحية التي تشكل نصف سكان الحي وتحتل جزء هاما من مساحته.
وفي توجه غريب، ولحسابات انتخابوية ضيقة، جاء التقسيم الإداري الذي نظم قبيل انتخابات 12 شتنبر 2003, أي بعد الأحداث ليزيد من معاناة المنطقة، على حد المثل الدارجي المغربي القائل : ما كدو فيل، زادوه فيلة، وتصبح فيه مقاطعة جماعية من حجم سيدي مومن أكبر من بعض المدن المغربية من الناحية السكانية، وتنتقل مساحتها بعد أن ضمت إليها جماعة أهل الغلام سابقا من 212 كيلومترا مربعا إلى 44 كيلومترا مربعا، وينتقل عدد سكانها من 72 ألف نسمة حسب إحصاء 1994 إلى 289 ألف نسمة، حسب إحصاء 2004, وبحلول يوم 16 ماي من هذه السنة يكون قد مر عامان على الأحداث الإجرامية، دون أن يسجل فيها المواطنون أي تغيير يذكر ولا تزال دار لقمان على حالها.
و يكفي أن نذكر أن مشروع السلام 1 و2 لإعادة إسكان قاطني طوما والسكويلة لم ينطلق بعد رغم مرور نصف سنة على التاريخ الذي كان مقررا لبداية أشغاله.
ويكفي أن نذكر أيضا أن المنطقة لا تتوفر إطلاقا على مركبات ثقافية أو دور للمسرح والسينما أو حدائق خضراء وأخرى لألعاب الأطفال أو خزانة للكتب ورياض للأطفال ... كما أن حاجة الساكنة للمرافق الأخرى تزداد يوما عن آخر من مساجد وملاعب ونواد نسوية وغيرها.
هذا باختصار شديد، معاناة ومأساة حي سيدي مومن، الذي يزخر بقطاع عمراني مهم جر على المنطقة ويلات الزحف الإسمنتي الذي يشيد بدون شروط ملائمة.