يشكل قطاع النقل أهم ركائز الاقتصاد، حيث يضطلع بدور هام في تسهيل ربط المناطق الحيوية بالأخرى المهمشة، سواء على مستوى نقل البضائع أو على مستوى تنقل الركاب. وإقليمالرشيدية مترامي الأطراف يضم ثمان دوائر و39 جماعة، ويتوفر على شبكة طرقية لا تفي بحاجيات ومتطلبات المرحلة اجتماعيا واقتصاديا، مما يجعل قطاع النقل يعاني الأمرين، هشاشة في البنية التحتية وسوء في التنظيم. وسائل نقل معدودة ينتمي إقليمالرشيدية حسب بعض التصنيفات إلى المغرب غير النافع، الشيء الذي جعله مهمشا على كل المستويات منذ فجر الاستقلال، فوسائل النقل كانت قليلة وتتمثل في بعض سيارات الأجرة (صنف أ) التي تربط بعض المدن والقرى بمركز الإقليم، والتي كانت آنذاك امتيازا، لكن بعد سنوات، عرف هذا القطاع تطورا هاما تماشيا مع النمو الديموغرافي والتطور الاقتصادي، فتعددت وسائل النقل وتضاعف عدد سيارات الأجرة. وتنتشر سيارات الأجرة (صنف أ) عبر جميع مدن وقرى الإقليم، حيث يصل عددها تقريبا إلى الألف، مشكلة بذلك أغلب الوسائل الموجودة في الإقليم ويرتكز معظمها في المحاور الحضرية. أما سيارات الأجرة (صنف ب) فلا توجد إلا في بعض المناطق الحضرية، كالرشيدية وأرفود,2 ويعرف هذا القطاع مشاكل عديدة كما هو الشأن بالنسبة للرشيدية المدينة. وهناك أيضا حافلات النقل المزدوج، إذ ظهر هذا النوع من النقل لفك العزلة عن العالم القروي، ويشتمل إقليمالرشيدية على ما يفوق 50 رخصة، منها ما هو مستغل ومنها ما هو غير مستغل. أما الحافلات فلا توجد إلا في مدينة الرشيدية ولا يتعدى عددها عشرة، وتعمل على ربط المنطقة بالقصور المجاورة التي تبعد في بعض الأحيان بما يقارب 20 كيلومترا. وفي ما يخص الحافلات من (صنف ب)، فقد استفادت المنطقة من الخطوط الطويلة التي تفك العزلة عن الإقليم بأكمله، وهي متمركزة، على الخصوص، في المجال الحضري. نقل سياحي ومطار في خدمة الأجانب تعد الرشيدية من أغنى المناطق وأكثرها جلبا للسياح، مما تطلب إنشاء مراكز سياحية وتوفير وسائل النقل الضرورية، حيث يبلغ عدد الرخص السياحية ما يربو عن المائة. ويتمركز هذا النوع من النقل في محور أرفود ومرزوكة والريصاني، إضافة إلى السيارات التي تختص في المسافات البعيدة، كتنغير وورزازات، ويعرف هذا الصنف من النقل أصنافا أخرى من المشاكل، يتجلى بعضها في حرمانه في بعض الأحيان من الاستفادة من خدمات بعض الأفلام مثل فيلم الصحراء الكبرى مثلا. ولا يستفيد إقليمالرشيدية من خدمات المطار إلا نادرا، وذلك راجع إلى ارتفاع الكلفة وضعف المستوى المعيشي للسكان، الشيء الذي يجعل المطار في خدمة الخواص من السعوديين الذين يرتادون الإقليم قصدا للسياحة والاستجمام. النقل السري والنقل المزدوج يعتبر النقل السري أوسع قطاع بإقليمالرشيدية، لكن هذا النوع غير منظم وغير مؤطر، فهو بمثابة النباتات الطفيلية التي لا تترك وسائل النقل القانونية تنمو، وهي كثيرة ومتعددة تزدهر بكثرة في العالم القروي. والنقل السري نوعان: نوع خاص بالمسافات القصيرة، كربط بعض القصور فيما بينها، وآخر خاص بالمسافات الطويلة، ويعد منافسا حقيقيا للنقل العمومي. ويعاني قطاع النقل بإقليمالرشيدية من عدة مشاكل منها ما يتعلق بالبنية التحتية كالطرق والمحطات، وهذا يتعلق ببعض المناطق النائية مثل أسول وإملشيل وألنيف، ومنها ما يتعلق بالظروف القانونية، خاصة ما يتعلق بالضرائب والتأمين، إضافة الى المشاكل الذاتية. إن الهدف الأساسي الذي أنشئ من أجله النقل المزدوج يتمثل في فك العزلة عن العالم القروي، أضف إلى ذلك عدم احترام عدد الركاب المسموح بهم قانونا، حيث يصل عددهم في بعض الأحيان 40 شخصا في وسيلة نقل واحدة، أمام مرأى ومسمع المسؤولين، الذين كثيرا ما يتلقون شكايات من أمناء سيارات الأجرة المتضررين، يعبرون فيها عن تذمرهم من تجاوزات هذا الصنف، مع استحضار ما يمكن أن يلحق بالمواطن من أضرار جراء عدم احترام القانون. أغلى ضريبة على المحطة بالمغرب تضطلع المحطة الطرقية بدور هام في تنظيم قطاع النقل من جهة، وفي تقديم الخدمات للمواطنين من جهة أخرى، بل يشكل غيابها سببا حقيقيا في نشوب صراعات عديدة بين مختلف وسائل النقل، أهل القطاع هم في غنى عنها. وللإشارة، فقد ملئت محطة موقف الجرف بتجار الأسواق، مما لم يترك مجالا لوقوف سيارات الأجرة. وإذا كانت أغلب المحطات الموجودة عبر مدن الرشيدية وقراها، لا تتوفر على أدنى المتطلبات الضرورية، فإن قيمة الضريبة في بعضها أوشكت أن تكون الأغلى في كل التراب الوطني، إذ تصل في بعض الأحيان إلى 1200 درهم، كما هو الشأن في مدينة أرفود والجرف، مما يطرح تساؤلات عديدة عن سبب ارتفاع القيمة الكرائية في بعض المواقع دون غيرها... وهذا التباين الصارخ بين مختلف دوائر الإقليم يتطلب إعادة النظر في كيفية وطريقة فرض الضرائب داخل الإقليم الواحد، مع مراعاة الظروف الاجتماعية والاقتصادية لأصحاب سيارات الأجرة، وفي هذا الصدد، طالب الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب من الجهات المسؤولة بإعادة النظر في الضرائب التي ترهق كاهل أرباب السيارات، كما قام بعض أفراد النقابة بالاتصال مع بعض المعنيين في هذا الشأن. إن هذه الوضعية لم تؤثر على السائقين فحسب، بل تعدت ذلك لتصل إلى أصحاب الرخص أنفسهم، والذين اضطروا إلى تخفيض قيمة كراء رخصهم، بل صرح أحد المالكين لرخصة نقل أنه مستعد للتضامن مع السائقين في احتجاجاتهم ضد هذه الوضعية. النقل السري والمحطات الشبح سواء النقل السري أوالنقل العشوائي أو النقل غير المرخص له أو غير القانوني، كلها تدل على معنى واحد رغم اختلاف المصطلحات، هذا النوع من النقل الذي صار ظاهرة شبه قانونية في إقليمالرشيدية، إذ أصبحت له محطات معلومة، الشيء الذي أثر سلبا على سائقي سيارات الأجرة، الذين هم على وشك بيع سياراتهم من جراء هذه المنافسة غير القانونية، دون أن ننسى الحملات الزجرية الموسمية التي تقوم بها مصالح الدرك والأمن للتخفيف من هذه الظاهرة التي تؤرق مضاجع النقل العمومي. وأمام هذه الأوضاع خاض سائقو سيارات الأجرة معارك نضالية عديدة مطالبين بحقوقهم المشروعة، فمنذ شهر غشت 2001 نفذ سائقو سيارات الأجرة (صنف أ) إضرابات تم على إثرها التوقيع على محاضر مشتركة بين الأطراف المعنية، بحضور السلطة المحلية والدرك الملكي والأمن الوطني ومندوب النقل وأرباب النقل المزدوج وأمناء سيارات الأجرة (صنف أ) وممثلين عن نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، كانت كلها تنص على إلزام النقل السري بالالتزام بمساراته واحترام عدد الركاب المسموح بهم قانونا... تحركات مركزية لحل مشاكل قطاع النقل راسل المكتب الوطني لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، سعيا منه لإيجاد حلول ناجعة للمشاكل التي يتخبط فيها قطاع النقل بإقليمالرشيدية، عامل إقليمالرشيدية بشأن طلب التدخل الفوري لمعالجة مشكل النقل بالإقليم، وذلك بتحديد المسارات الخاصة بحافلات النقل المزدوج بصفة مدققة، مع العمل على احترام نقط الانطلاق والوصول، واحترام عدد الركاب المسموح بهم قانونا، ومحاربة ظاهرة النقل السري بشتى أنواعه. وقد حظيت هذه الرسالة باهتمام عامل الإقليم، الذي أعطى أوامره للجهات المختصة من أجل السهر على تنظيم النقل بالإقليم. وفي هذا الصدد، عقد اجتماع بباشاوية أرفود بتاريخ 18 ماي 2002 حضرته كل الأطراف المعنية بقطاع النقل، وختم بالتوقيع على محضر بقي حبرا على ورق. سؤال كتابي في البرلمان وجه النائب البرلماني عن دائرة غريس تسليت، الأستاذ الحبيب الشوباني، سؤالا كتابيا إلى وزير النقل والتجهيز بتاريخ 9 يوليوز 2003 يتعلق بمشكل النقل في محور أرفود / الريصا ني/ الجرف أوفوس. وقد أوضح الوزير، في رده عن هذا السؤال، أن مصالح مندوبية وزارة النقل والتجهيز بهذا الإقليم ساهمت في عدة اجتماعات، بالتعاون مع مصالح الأمن الوطني ومصالح الدرك الملكي ورؤساء دوائر الإقليم، لإيجاد حلول لهذه المعضلة، كما أضاف الوزير أن هذه الاجتماعات توجت بالتوقيع على محاضر والاتفاق على نقط عديدة تساعد على إعادة التوازن لوسائل النقل العمومي المرخصة، ويتجلى ذلك في تكثيف الجهود من لدن المصالح المختصة لمحاربة النقل السري، وتعهد كل من الدرك الملكي والأمن الوطني على تكثيف دوريات لتنظيم هذا القطاع، والدعوة إلى التعجيل بعقد اجتماع اللجنة الإقليمية للنقل من أجل إعادة النظر في المسارات الممنوحة لبعض رخص النقل المزدوج، بالإضافة إلى دعوة المجلس البلدي إلى تهييء المحطات الطرقية الخاصة بالنقل المزدوج وسيارات الأجرة.. هواجس نقابية سياسية منذ التوقيع على أول محضر يقضي بتنظيم النقل بمحور أرفود والريصاني وأوفوس والجرف، قامت الجهات المعنية بتحركات أفضت إلى زجر بعض المخالفين، الذين لم يكونوا في حقيقة الأمر مقصودين بهذا الإجراء، وبقي أهل النفوذ يصولون ويجولون في هذا القطاع، وبقيت المحاضر الموقعة حبيسة المكاتب والرفوف تنتظر نفض الغبار عنها. في إطار الدفاع عن المظلومين وإنصاف المحرومين، أطر الاتحاد الإقليمي لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب محطات نضالية عديدة توجت بالتوقيع على بعض المحاضر المشتركة بين كل الأطراف المعنية، بهدف تنظيم قطاع النقل بالإقليم، إلا أن تمادي أرباب حافلات النقل المزدوج في عدم احترامها من جهة، وتلكؤ المسؤولين في تطبيق مقتضيات المحاضر المشتركة من جهة ثانية، ترك هذا القطاع في عنق الزجاجة، بالإضافة إلى تحكم بعض الهواجس النقابية والسياسية عند بعض الأطراف في عملية الحوار.. إن قطاع النقل بإقليمالرشيدية يحتاج في الحقيقة إلى نوايا صادقة ومصداقية في العمل للنهوض بهذا القطاع وإرجاع الطمأنينة لذويه، خاصة وأن أهله، سواء كانوا أرباب رخص أو سائقين أوشكوا على الإفلاس. علي بوبكر