أنهت لجنة استقصاء ظروف تطبيق مدونة الأسرة بكل من المحكمة الابتدائية لدرب السلطان بالدار البيضاء والمحكمة الابتدائية لابن سليمان أشغالها، ومن المنتظر أن تكون قدمته مساء أمس أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بحضور وزير العدل. وقد تشكلت اللجنة المذكورة كلجنة استطلاع مؤقتة بناء على طلب فريق العدالة والتنمية بتاريخ 20 فبراير ,2004 ووفقا لمقتضيات المادة 35 من النظام الداخلي لمجلس النواب. وكانت اللجنة الاستقصائية اختارت المحكمتين سالفتي الذكر نظرا لتوفرهما على بعض المقومات الإيجابية، بحيث ترأس الأولى الأستاذة زهور الحر، عضو اللجنة الملكية الاستشارية لتعديل مدونة الأحوال الشخصية، فيما تتوفر الثانية كما الأولى على جهاز خاص بقضاء الأسرة انطلق في عمله قبل دخول المدونة حيز التطبيق، بالإضافة إلى اشتغالها في مدار يغلب عليه الطابع القروي. التقرير الذي أعدته اللجنة في نهاية أشغالها، وقدمه النائب عبد الله بوانو عضو فريق العدالة والتنمية في اجتماع لأعضاء لجنة العدل والتشريع مساء الثلاثاء الماضي، كشف عن تفاصيل المهمة الاستطلاعية بالمحكمة الابتدائية لدرب السلطان بالدار البيضاء والمحكمة الابتدائية لابن سليمان، ومحاورها الكاملة، مرفقة بالأرقام والإحصائيات في ما يتعلق بقضايا الأسرة ابتداء من دخول مدونة الأسرة إلى حيز التطبيق. وتبعا للتقرير نفسه فقد انصبت تساؤلات أعضاء اللجنة الاستطلاعية الميدانية، المشار إليها في زيارتها للمحكمتين، على أهم الصعوبات التي صاحبت تنزيل المدونة من حيث فضاءات العمل والموارد البشرية والمادية، ومجريات تطبيق أهم التعديلات التي جاءت بها المدونة (الولاية، التعدد، الطلاق...) وكذلك على الإجراءات الشكلية والإدارية. أجوبة رئيسي المحكمتين التي كانت مدعمة بالأرقام، أبانت عن معاناتهما من صعوبات كثيرة على الرغم من كون إحداهما (المحكمة الابتدائية لدرب السلطان بالدار البيضاء) محكمة نموذجية، صعوبات في تنزيل مقتضيات مدونة الأسرة، وتمثلت بالأساس في الخصاص المسجل في عملية التكوين والتأهيل للأطر أمام الحاجيات اليومية الكثيرة والملحة، والخصاص في الأطر القضائية المختصة والإدارية والتقنية ووسائل العمل، وكذا صعوبة مواكبة النيابة العامة بالحضور الشخصي في جميع الملفات، بالإضافة إلى غياب مكاتب للاستشارة في شؤون الأسرة التي من شأنها التخفيف من أعباء القضاء. وقد شاطر المحامون الذين استمعت إليهم اللجنة رأي رئاسة المحكمة حول الصعوبات المذكورة، مضيفين أن غياب الجانب الجزائي في حالة الامتناع عن تطبيق مقتضيات المادة 35 من المدونة يجعله عديم الجدوى، ويستدعي ضرورة مراجعته. ورغم أن المهمة الاستطلاعية المؤقتة حول ظروف تطبيق مدونة الأسرة لم تشمل إلا محكمتين (المحكمة الابتدائية لدرب السلطان بالدار البيضاء والمحكمة الابتدائية لابن سليمان) وأن اللجنة المكلفة لم تستطلع آراء كل الأطراف المعنية بتطبيق المدونة كالعدول والموثقين والجماعات المحلية والمواطنين، فإنها وقفت على العديد من النقائص والسلبيات التي يعرفها قضاؤنا الأسري والظروف التي يتم فيها تنزيل المقتضيات الجديدة لمدونة الأسرة. ولذلك خلصت في تقريرها إلى ثماني توصيات منها: - الإسراع في توفير فضاءات ملائمة من مكاتب وقاعات وتجهيزات مكتبية ومعلوماتية - تزويد القضاء الأسري بالأطر الكفأة والمتخصصة من قضاة وكتاب ضبط وإداريين وتقنيين - خلق مؤسسات مستقلة تتكامل مع القضاء خاصة بالإرشاد والتوجيه والإصلاح تضم مختصين في العلوم الشرعية والاجتماعية والقانونية - التكوين المستمر حول المستجدات التي جاءت بها المدونة وفلسفتها وحسن تطبيق بنودها للأطر العاملة في القضاء الأسري من قضاة وإداريين ومحامين وغيرهم. يذكر أن اللجنة الاستطلاعية المؤقتة حول ظروف تطبيق مدونة الأسرة التي يرأسها النائب الحبيب الشوباني رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، تتكون من 19 عضوا بتمثيلية عضوين عن كل فريق نيابي وعضو واحد عن كل مجموعة نيابية. محمد عيادي