أصيب الوالدان بالدهشة والذهول وهما يشاهدان كراسة تحسيسية ضد مرض السيدا يحملها طفلهما عند عودته من المدرسة، بسرعة فائقة خطفا الكراسة من يد الولد وطفقا يقلبان الصفحات المليئة بالرسوم اليدوية ومنها رسوم لأوضاع جنسية ومصطلحات ذات صلة بالموضوع. الأم ولولت وندبت، والأب ردد لا حول ولا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون. هي مصيبة كبيرة إذن. هل تحولت المدرسة عن مهمتها التربوية النبيلة لتصبح جمعية لثقافة العازل الطبي والتطبيع مع الفاحشة. قبل أن تتصفح الكراسة، تعلن الجهة التي روجتها عن نفسها، من خلال الرسوم، وعلى رأسها رسم بطل الحكاية في وضعية جماع جنسي مكشوف مع فتاة تربطه بها علاقات جنسية مثل سائر الشبان كما يقول النص المصاحب للرسوم. الكراسة عبارة عن حكاية الشاب فؤاد مع مرض السيدا، فقد كان البطل سعيدا في حياته، ويحب الرياضة والتفسح، وله معجبون كثيرون، وبالأخص المعجبات كما جاء في الصفحة الثالثة من القصة المصورة، ثم انقلبت حياته رأسا على عقب. ذهبت الصحة مع الريح وجاء المرض ليلزمه الفراش. مشكلة فؤاد الأولى التي جلبت له الإصابة بفيروس السيدا ليست هي العلاقات الجنسية مع الفتيات ولكنه كما تقول الحكاية لا يستعمل وسائل الوقاية اللازمة، إنه لا يستعمل العازل الطبي، وذات يوم قضى فؤاد ليلة مع فتاة، (هنا تأتي الصورة الخليعة) وبما أنه لا يستعمل العاز الطبي، والفتاة كانت مصابة بداء السيدا، فإنه أصيب هو الآخر (ص 4). وتمضي الحكاية لتعرض على الأطفال زيارة فؤاد للطبيب وتأكده من الإصابة بالمرض اللعين، وطرق الوقاية منه، والمساندة العاطفية والاجتماعية التي تلقاها من لدن أصدقائه الفتيان وصديقاته الفتيات، لينتهي إلى الخلاصة اللازمة. الخلاصة ينطق بها أصدقاؤه وهم واقفون أمام مسجد جعله صاحب الحكاية خلفية مظللة لهم وقد بدت مشاعر الأسى والحزن على وجوههم، إذ وقفوا فقالوا: حقيقة إن العازل الطبي استعماله ضروري جدا. المسجد يتكرر مشهده لا لسانه أو جوهره مرتين، في المرة الأولى عند بداية الحكاية إذ يمكننا أن نشاهد فؤادا يتدفق حيوية ونشاطا يسير معانقا صاحبته دون أي شعور بالذنب، أمام مسجد تظهر كل معالمه على خلاف المشهد الثاني والأخير. أكثر من سؤال يطرحه أكثر من أربعين أبا وأما وزعت على أبنائهم نسخ من الكراسة التحسيسية في إحدى المدارس الخاصة بمدينة سلا في غفلة من المدرسين والحراس والإداريين. ويتربع كرسي الأسئلة سؤال ضخم يصرخ عاليا: من هي الجهة التي تقف وراء هذه الحملة الشنيعة على أطفال لم يبلغوا الحلم بعد، إذ أنهم مازالوا في السنة الرابعة من التعليم الابتدائي؟ وقالت إحدى الأمهات لالتجديد بقلب مكلوم وصوت حزين: إن ما وقع جريمة لا تغتفر في حق أبنائنا وفي حقنا، ولا شك أن جهة خفية تقف وراء هذا العمل الشنيع، وإني أطالب بتحقيق في الموضوع من قبل وزارة التربية الوطنية. يذكر أن الكراسة التحسيسية من إنتاج جمعية سيدا إس. أو. إس (s.o.s-sida)، وأن عدد صفحاتها 8 صفحات فضلا عن الغلاف. حسن صابر