علقت جريدة بيان اليوم على الخبر المنشور في التجديد يوم الاثنين الماضي تحت عنوان محاربة السيدا أم محاربة الأخلاق: مشاهد من الفاحشة في كراسة تحسيسية للأطفال. وتناول الخبر قضية تسرب كراسة مصورة إلى إحدى المدارس الخاصة في مدينة سلا وانزعاج الآباء والأمهات منها بسبب المشاهد الخليعة الموجودة فيها وبسبب بعض المضامين الإباحية المشجعة على التحرر من الأخلاق والقيم، وهم آباء وأمهات اتصلوا بالجريدة وزودوها بالكراسة المعنية كما أن التجديد أعادت الاتصال بهم. في تعليق بيان اليوم بعض من الصواب وكثير من الشرود. أقولها بكل أخوة وصدق مع صراحة لا بد منها مادام هذا الموضوع حساسا جدا ويزعم كثير من الإخوة أنه من الطابوهات التي لا يتجرأ الإسلاميون من الاقتراب منها. أما الصواب فيتمثل في إدراك بيان اليوم أن القضية الجوهرية التي اعترضنا عليها هي أن الكراسة اعتبرت أن مشكلة بطل الحكاية المصورة ليس في تعدد الخليلات ولكن في عدم استعمال العازل المطاطي. بالفعل هذا هو جوهر المشكل، وكان أولى بالذين كتبوا سيناريو الحكاية أن يركزوا على هذا الأمر، لا أن يسعوا إلى تطبيع الخروج على القيم والأخلاق، وكان من الممكن أن يستثمر المسجد في تصويب الانحرافات وتوجيه الشباب والأطفال عوض أن يكتفي السيناريو بتثبيت صورة المسجد. أما الشرود فيتمثل في انزلاق الكاتب إلى الاحتجاج بأن القرآن الكريم سبق له أن تحدث عن العلاقات الجنسية والمعاشرة الزوجية بين الذكر والأنثى، وأنه يذكر الزنا والنكاح ويفصل في الأوضاع الجنسية، واستشهد الكاتب في ذلك بأقوال للنيسابوري في كتابه أسباب النزول. وتساءل الكاتب هل هذه الآيات والأحاديث والآثار تشكل مصيبة كبيرة؟. وأضاف هل يرى أصحابنا أنه من الضروري إلغاء دروس العلوم الطبيعية المتعلقة بالتناسل..؟ إنه لجميل جدا أن يذكر القرآن الكريم في موضع ثقافة جنسية أصيلة فهو كتاب سبق كثيرا من الكتابات في هذا المجال، ولا يسع المسلم إلا أن يهنئ الكاتب على هذا البيان والتبيين. لكنه بيان خارج عن الموضوع لأن الكراسة التي اعتبرها الآباء والأمهات مصيبة (بالمعنى المغربي) لم تشر من قريب ولا من بعيد إلى التوجيهات القرآنية والنبوية في هذا المجال، ولو فعلت لكان في ذلك فتح كبير وسبق لمن أبدع فكرة الكراسة التحسيسية. غير أننا نؤكد أن القضية ليست هنا، وإنما السؤال هو كيف تسعى كراسة مثل هذه إلى تطبيع الفاحشة صورة وقولا، وهل العازل المطاطي هو الحل؟ ثم يكف تصل مثل هذه الكراسات إلى مدرسة ابتدائية قد يكون روادها في حاجة إلى مواضيع أخرى ؟ وأين هي وزارة التربية الوطنية مما يجري في مدارسنا وثانوياتنا وإعدادياتنا مما سارت به الركبان ويعرفه القاصي والداني؟ أما الثقافة الجنسية الإسلامية للصغار والكبار، فذلك موضوع آخر ليس هذا مجال البسط فيه لأن الحديث فيه يطول، ونقترح على المختصين والمعنيين التعاون في إخراج كراسة وطنية مجمع عليها تكون تربية ووقاية لصغيرنا وكبيرنا إلى جانب قضايا أخرى ذات صلة تجنب مجتمعنا وشبابنا وأطفالنا المهالك التي يسقط بها الآلاف كل يوم في الدنيا كلها. همسة أخيرة في أذن الزملاء، لنفتح عقولنا وقلوبنا لبعضنا ولحوار هادئ بناء، فلا أحد يملك الحقيقة المطلقة أو الوصاية على الآخر أو محاكمة أفكاره ونواياه، وإن لنا اليقين أن النقاش المخلص الرصين لن يأتي إلا بالخير للجميع فرأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي المخالف خطأ يحتمل الصواب. حسن صابر