القنوات الفضائية والإنترنت تشكل خطرا حقيقيا على أخلاق الأطفال والمراهقين . هذا ما يقوله كثير من الآباء والأمهات المغاربة ، يقولون ذلك بصدق لأنهم يخافون على فلذات أكبادهم من الضياع . عندهم الحق . "" لكن في المقابل لا أحد يسأل عن السبب الذي يجعل هذا الإنترنت وهذه الفضائيات الكثيرة التي توصل العجب العجاب إلى داخل بيوتنا تشكل خطرا على أخلاق أطفالنا . بطبيعة الحال لا أحد يستطيع أن ينكر أن الإنترنت يستطيع أن يدمر أخلاق أطفالنا تدميرا شاملا بسبب تلك المواقع الإباحية الكثيرة التي يعج بها ، ونفس الشيء بالنسبة للقنوات الفضائية التي تجعل الأطفال يشاهدون الخلاعة بشكل مباشر وواضح جدا . وإذا أضفنا إلى كل هذا ما يتلقاه الأطفال في الشارع فعلينا حقا أن نستعد لأداء صلاة الجنازة على أخلاق أطفال اليوم الذين هم رجال ونساء الغد . وعلى كل حال فهؤلاء الأطفال لا ذنب لهم إن انهارت أخلاقهم . المسؤولية أيها الآباء والأمهات لا تتحملها الفضائيات ولا الإنترنت ولا حتى الشارع ، بل تتحملونها أنتم لوحدكم ، وهذا ما يجب عليكم أن تعرفوه وتعترفوا به ، بغيتو ولا كرهتو ! فليس صعبا أن تنجب ما شئت من البنات والأبناء ، هذا إذا كتب الله لك ذلك طبعا ، ولكن الأصعب هو أن تلقنهم تربية سليمة ومستقيمة تجعلهم عندما يكبرون أشخاصا بأخلاق حميدة . وإذا أردنا أن نتحدث بالمعقول رغم أن أغلبيتنا لا تحبه فإن كثيرا من الآباء والأمهات المغاربة لا يستحقون أن يكونوا أولياء على أطفالهم الصغار . علاش ؟ حيت هوما براسهم خاص اللي يربيهم ! في الدول المتقدمة عندما ترى السلطات أن أبوين ليسا مؤهلين لتربية أطفالهما يتم أخذهم بقوة القانون إلى أحد المراكز المخصصة للأطفال الموجودين في هذه الحالة ، هناك تتم العناية بهم من طرف مربيات ومربين مؤهلين إلى أن يبلغوا سن الرشد ، ويختاروا الطريق التي يريدون أن يسلكوا . هكذا تتعامل الدول المتقدمة مع أطفالها الصغار ، فالأطفال هم العمود الفقري للمستقبل ، إذا تلقى أطفال اليوم تربية معوجة ، فأكيد أن العمود الفقري للمستقبل سيكون معوجا بكل تأكيد ، وهذا ما ينتظر المستقبل المغربي بدون شك ! ويكفي أن تلقي نظرة واحدة على شوارع وأزقة المدن المغربية لتكتشف أن آخر شيء يمكن أن يهتم به المغاربة هو تربية أطفالهم . يمكنك أن تطل من نافذة بيتك على الساعة العاشرة أو الحادية عشر ليلا ، وتجد الأطفال الصغار الذين تقل أعمارهم عن عشر سنوات ما زالوا يلعبون في الشارع ، وإذا بحثت عن آباء هؤلاء الأطفال الأبرياء ستجدهم جالسين على أرصفة المقاهي ، وأمهاتهم جالسات أمام شاشات التلفزيون . إيوا ديرو عقلكم وديوها فوليداتكم الله يرحم الوالدين . مشكلتنا الكبرى هي أننا لا نستطيع أن نوجه أصبع الاتهام إلى أنفسنا ، ونفضل في الغالب أن نوجهه إلى جهة أخرى . ليس هناك ما هو أسهل من أن نلقي باللوم على الوسائط التكنولوجية الحديثة ، ونقول بأنها تسبب في تدمير أخلاق أطفالنا . أييه هادي كاينة ، ولكن ما هو دورك أنت ؟ وما هي الفائدة من وجودك إذا كنت غير قادر على تربية أطفالك تربية سليمة ؟ إذا قلت بأنك عاجز عن ذلك ما دام أن تأثير الإنترنت والفضائيات له فعالية أكبر على عقول أطفالك أكثر من فعالية نصائحك وتوجيهاتك فأنت بكل تأكيد إنسان بلا جدوى ، أو في أحسن الأحوال إنسان لا يريد أن يتحمل مسؤوليته كما ينبغي . يجب علينا أن نكون واضحين مع أنفسنا بما فيه الكفاية ، تربية الأطفال مسؤولية عظيمة جدا ، لكن الكثيرين مع الأسف يستهترون بها ، ويعتقدون أن الأهم في نهاية المطاف هو تبلز وتصيفت للزنقة ! أنت لا تستطيع أن تمنع المواقع الإباحية على الانترنت ، لكنك بكل تأكيد تستطيع أن تمنع أطفالك من مشاهدتها ، ليس عن طريق العنف ، لأن العنف في التربية لا يجدي نفعا ، بل بواسطة المراقبة الدائمة والتوعية المستمرة ، التوعية هنا نقصد بها الحديث مع الأطفال والاستماع إليهم بأذن صاغية . لا تكن غبيا كما يفعل أولائك الذين يعتقدون أن الأطفال ليسوا سوى مجرد كائنات صغيرة لا تعرف شيئا ، فأطفال اليوم يعرفون أكثر مما تعرف أنت . لذلك خاص ترد بالك ! وحتى إذا كان أطفالك لا يتوفرون على حاسوب مرتبط بالانترنت داخل البيت فلا يجب عليك أن تقول بأنهم محصنون من مشاهدة تلك الأفلام والصور الخليعة ، فمقاهي الإنترنت منتشرة في كل مكان ، ويكفي أن تسقط دراهم قليلة في يد أطفالك ليروا أشياء لا تخطر لك على بال . إذا كنت أبا ولديك أطفال فلا تضيع وقتك على كراسي المقاهي ، فكر في أطفالك واعلم أنك مسؤول عنهم في الدنيا وستحاسب عنهم يوم القيامة ، وإذا كنت أما ، فكفى من الثرثرة مع الجارات ومشاهدة المسلسلات التافهة ، هناك مسؤولية كبيرة تنتظرك اسمها تربية الأطفال . إذا سمعت ابنك أيها الأب ينطق بكلام فاحش فاعلم أنك المسؤول الأول والأخير عن ذلك ، وإذا رأيت ابنتك أيتها الأم تفعل تصرفا سيئا فاعلمي أنك المسؤولة المباشرة عن ذلك . هؤلاء الأطفال الذين نراهم يمارسون الشغب والفوضى في الأزقة والحارات ، ويزعجون الجيران بصراخهم والألفاظ النابية التي تخرج من حناجرهم بعفوية وتلقائية لم يسقطوا من السماء ، بل جاؤوا إلى الدنيا عن طريق آباء وأمهات ربما يعتقدون أن الأهم هو الإنجاب ، بينما التربية شيء بلا قيمة . التربية مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة والمجتمع ، لكن نصيب الأسرة من هذه المسؤولية أكبر بكثير من نصيب الأطراف الأخرى ، لذلك تحملوا مسؤوليتكم أيها الآباء والأمهات ، وكفى من إلقاء اللوم على الإنترنت والقنوات الفضائية . وللذين لا يريدون أن يتحملوا هذه المسؤولية أقول : ها العار يلا ما باركا عليكم من التبلاز ! almassae.maktoobblog.com