الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    الحكومة تعفي استيراد الأبقار والأغنام من الضرائب والرسوم الجمركية    القنيطرة تحتضن ديربي "الشمال" بحضور مشجعي اتحاد طنجة فقط    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    توقيف شخصين بطنجة وحجز 116 كيلوغراماً من مخدر الشيرا    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية        "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    إسرائيل: محكمة لاهاي فقدت "الشرعية"    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)        بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط، اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    الحزب الحاكم في البرازيل يعلن دعم المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص        وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى    نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق        أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ رائد صلاح في مقابلة شاملة من داخل سجنه:اعتقالنا ظالم وإسرائيل تريد أن تتفرد بالمسجد الأقصى
نشر في التجديد يوم 18 - 05 - 2004

· اعتقالنا سياسي ظالم وواضح انه يقوم على ادعاءات وهمية من قبل المخابرات
· بدأت تتبلور على مسرح الأحداث العالمية ظاهرة " البوشارونية"
· نحن على مفترق طرق ويجب عقد مصالحة تاريخية صادقة بين الشعوب والحكام
· أنا على يقين أن أمر وحيد القرن الامريكي ليس بعيدا عن أمر التتار
· العالم العربي والاسلامي مازال يحمل في داخله كل خير ويحمل مقومات الحضارة
· لسنا عشاق حروب كما يحاول البعض تضليل العالم الغربي لجرهم لصدام ديني مفتعل
قال الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر إن اعتقاله مع أربعة من قادة الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر هو اعتقال سياسي ظالم يقوم على
ادعاءات وهمية لمساومتهم مقابل مواقف سياسية.
وأضاف في مقابلة وزعتها مؤسسة الأقصى على الصحفيين بمناسبة مرور عام على اعتقاله الذي يصادف الثالث عشر من شهر أيار الجاري أن المؤسسة الإسرائيلية من خلال اعتقال قادة الحركة الإسلامية تطمع لنفسها أن تنفرد بالمسجد الأقصى لتفعل به ما تشاء.
وقال إنه فرض عليهم السجن الانفرادي حتى لا يختلوا مع بقية السجناء، مشيدا بالتعاطي المحلي والدولي مع قضية رهائن الأقصى.
وحذر صلاح المؤسسة الإسرائيلية من استهداف المسجد الأقصى وقال: إن وجهتم سهام تآمركم على المسجد الأقصى فإنكم تلعبون بالنار وتدفعون إلى صدام ديني عالمي مع الأمة الإسلامية والعالم العربي.
وأعرب عن أسفه من الصمت العربي والإسلامي قائلا إنه شجع المؤسسة الإسرائيلية على اغتيال الشيخ الشهيد أحمد ياسين والدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي. موضحا أن أريئيل شارون يسعى إلى تصفية كل المقاومة الفلسطينية لضمان سيطرة الجسم الحاكم الذي تخطط المؤسسة الإسرائيلية أن يحكم غزة بلا منازع.
وفيما يلي نص المقابلة كاملة مع الشيخ صلاح:
اعتقال سياسي ظالم
· بعد نحو عام من اعتقالكم.. علمنا أنكم تعرضتم للمساومات فما طبيعتها؟ وكيف تقيم هذه الفترة وما تخللها من محاكم؟
واضح جدا أن اعتقالنا هو اعتقال سياسي ظالم، وواضح انه يقوم على ادعاءات وهمية من قبل المخابرات التي تصر على استمرار اعتقالنا وعلى استمرار محاكمتنا، وإلا فان النيابة قد قالت أكثر من مرة لمحامينا أنها لو كانت تملك الصلاحيات الكاملة للتصرف في أمر ملفنا لأغلقته وسارعت إلى إطلاق سراحنا.
ثم إن الكل بات يعلم أن المخابرات حاولت أن تساومنا بعد اعتقالنا لابتزاز مواقف سياسية منا، حيث عرضوا علينا أن نكتب بما يتفق مع خطاب المؤسسة الإسرائيلية حول المسجد الأقصى والتعايش والسيادة الإسرائيلية واستنكار أعمال المقاومة الفلسطينية مقابل التفاوض حول مستقبل اعتقالنا.
نحن دسنا على هذا العرض البائس، بل بعد ذلك قدم علينا عروضا علنية عن طريق أحد محامينا أن نعترف بأحد بنود الاتهام التي يوجهونها ضدنا مقابل إطلاق سراحنا فدسنا على هذا العرض كذلك.
لذلك فنحن على قناعة انهم في وضع محرج جدا، حيث وجهوا ضدنا تهما تقوم على أوهام سفيهة، ليس إلا، وظنوا أننا تحت ضغط الاعتقال سنوافق على عقد صفقه معهم تتفق مع مخططاتهم ضد جماهيرنا العربية في الداخل بشكل عام وضد الحركة الإسلامية بشكل خاص
التهم
* وما هي التهم الموجة إليكم؟
كنت ولا زلت اشعر بالغثيان كلما سمعت طاقم النيابة يوجهون إلينا تهمهم المريضة على اعتبار أننا إرهابيون لأننا نكفل آلاف الأيتام من أبناء شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية والقطاع. وعلى اعتبار أننا وزعنا آلاف الطرود الغذائية على العائلات المحاصرة في الضفة والقطاع، وعلى اعتبار أننا دعمنا المستشفيات هناك بالمساعدات الطبية، وعلى اعتبار أننا نهضنا لإعمار وإحياء المسجد الأقصى المبارك. وعلى اعتبار أن بعضنا حرص على تقديم المساعدات الإنسانية للسجناء السياسيين ، وعلى اعتبار أننا حاولنا النهوض ببناء متطلبات حياتنا المختلفة بأنفسنا في النقب والمثلث والجليل والمدن السياحية "عكا وحيفا ويافا واللد والرملة"، بواسطة مشروع "المجتمع العصامي".
ثم كنت ولا زلت اشعر بالغثيان كلها سمعت النيابة وهي تفتري علينا افتراءات رخيصة مدعية بأنه كان لنا علاقات مشبوهة بإيران!!
وادعت النيابة وجود مواد سرية ضدنا، وهذه محاولة دنيئة لمواصلة ابتزاز اعتقالنا من المحاكم إلى أجل غير مسمى وهي محاولة للتأثير على قناعات القضاة النفسية منذ إعلانهم عن القرار الأخير في ملف اعتقالنا، ثم تجمعت لدينا قراءة تؤكد أن ادعاء النيابة بوجود مواد سرية هو تضخيم لوهم تافه لا أساس له من الصحة.
ظروف الاعتقال
* وكيف تصف ظروف اعتقالكم, وهل تسعى مصلحة السجون الإسرائيلية التضييق عليكم؟
إن المؤسسة الإسرائيلية بواسطة جهاز المخابرات والنيابة تحاول تكريس الظلم المتواصل والصارخ ضدنا، ويكفي أنهم يصرون على مواصلة اعتقالنا ظلما وعدوانا، ثم لا زالوا يحرمونا من استعمال جهاز الهاتف للاتصال بالأهل علما أن المحكمة المركزية بحيفا وافقت على أن نستعمل الهاتف يوميا.
ولا زالوا يفرضون علنيا الالتقاء مع الأهل في غرفة ضيقة ويحتجز بيننا وبينهم طبقتين زجاجتين ولا زالوا يماطلون بالرد على كثير من طلباتنا الخطية التي تقدمنا بها منذ اشهر.
تنظيم الوقت
* كيف تنظمون وقتكم وما هي علاقتكم مع السجناء الآخرين؟
الحمد لله رب العالمين، لقد نجحنا بتنظيم وقتنا تنظيما دقيقا، لم يبقى لدينا الشعور بأي وقت فراغ ..حيث نستيقظ قبيل الفجر بساعة فنصلي ما شاء الله تعالى، ثم نختم بصلاة الوتر، ثم نصلي صلاة الفجر، ثم نعقد حلقة ذكر وعلم، ثم ننام لبضع سويعات .
ثم ننهض ونصلى صلاة الضحى ونتناول الفطور ثم نعكف على قراءة القرآن الكريم أو حفظ بعض آياته أو قراءة كتاب في علم الفقه أو التفسير أو السيرة أو التاريخ أو علم القرآن والحديث أو علم اللغة العربية . ثم نصلي صلاة الظهر في المعتقل ثم نعود وقد نأخذ نتجول خلالها في ساحة صغيرة في المعتقل وإلاّ نواصل المطالعة . ثم نصلي صلاة العصر، ثم نتناول وجبة الغداء ثم نواصل المطالعة ثم نصلي صلاة المغرب ثم نجتهد أو نستمع إلى اكثر من نشرة أخبار ثم نصلي صلاة العشاء، ثم نعقد حلقة ذكر وعلم، ثم نواصل المطالعة إلى منتصف الليل ثم ننام إلى ما قبل ساعة من طلوع الفجر .
ثم نواصل نفس البرنامج مع التأكيد إننا نحرص على صيام أيام الاثنين والخميس عملا بسنة النبي عليه الصلاة و السلام، ونحرص على مطالعة الصحف يوميا خاصة صحف يوم الجمعة.
ونحرص على الكتابة بما يفتح الله علينا من مقالات أو ذكريات أو قصائد شعرية، وأما علاقتنا مع السجناء الآخرين فقد فرضت علينا المؤسسة الإسرائيلية السجن الانفرادي منذ أول يوم من اعتقالنا حتى لا نختلط مع بقية السجناء ولا زلنا نوضع في قسم انفرادي وفي غرفة انفرادية .
ومع ذلك فان كل السجناء من أهلنا بدون استثناء يحرصون في كل فرصة على إبداء حبهم لنا واحترامهم لنا لدرجة أن بعضهم كان يبدي استعداده أن يعتقلوه بدلا عنا بالإضافة إلى مدة محكوميته.
دوافع الاعتقال
* وما هي دوافع اعتقالكم كما ترونها أنتم؟
في تصوري ووفق اقتناعي فان كل ما قمت هو بعض الدوافع الأساسية التي دعت المؤسسة الإسرائيلية إلى التعجيل باعتقالنا ، فان المؤسسة الإسرائيلية تطمع لنفسها أن تنفرد بالمسجد الأقصى لتفعل به ما تشاء .
و الحركة الإسلامية هي عقبة كؤود دون ذلك، وان المؤسسة الإسرائيلية كانت ولا زالت تطمع لنا أن نحيي (ردّاحين) فقط بمعنى أن نحسن البكاء على تعاسة واقعنا فقط. ولكن جاءت الحركة الإسلامية وطرحت مشروع المجتمع العصامي الذي من المستحيل أن يقوم إلا على القيم الإسلامية.
إن المؤسسة الإسرائيلية طمعت في اجتثاثنا عن أصلنا الثابت الإسلامي والعربي فجاءت الحركة الإسلامية تؤكد ضرورة التواصل مع العالم الإسلامي والعربي . كما طمعت المؤسسة الإسرائيلية طمعت في جر كل القوى السياسية العربية الفلسطينية في الداخل عندنا إلى لعبة تفريغ الطاقة على لا شيء، وإلى لعبة القفز الموضعي والمحصلة تساوي صفر وذلك من خلال انتخابات الكنيست ..فجاءت الحركة الإسلامية ورفضت الانخراط في هذه اللعبة مع استمرار احترامها الدائم لاجتهادات الآخرين.
ولكن بالإضافة إلى كل ذلك فان إصرارنا على التواصل الجاد مع الأهل في النقب ومع الأهل في الجولان وإن مبادرتنا إلى إقامة "صندوق طفل الأقصى" وغيرها. كما أن مبادرتنا إلى إقامة مشروع "مسيرة البيارق" ومشروع "أبناؤنا في خطر" , ومشروع "إحياء الدين في النفوس" وغيرها ..
كل ذلك دفع بعض الباحثين في مراكز الدراسات العبرية للمطالبة باعتقالنا وحل الحركة الإسلامية قبل سنوات على اعتقالنا.
الموقف من الأقصى
* وما هو تقيمك لرد فعل العرب والمسلمين على الأحداث الأخيرة المتعلقة بالمسجد الأقصى؟
على ضوء الواقع الرديء الذي تعيشه أنظمة الأمة الإسلامية والعالم العربي فإنني لا أتوقع أي رد فعل نوعي من المسلمين والعربي مع شديد الأسف. وما لم يتغيروا وفق شرط التغير القرآني فقط الذي يقول الله تعالى فيه :" ان الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم "، فإني لا أتوقع أن يولد فينا اليوم صلاح الدين الجديد ليعيد للمسجد الأقصى كرامته.
وحتى لو ولد فينا صلاح الدين الجديد لعجل البعض وتآمروا عليه و قتلوه بتهمة (الإرهاب الإسلامي) لذلك فأنا على قناعة انه على ضوء هذا الواقع الرديء لم يبق للمسجد الأقصى حاليا إلا صمود شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.
و لم يبق له إلا قيام أهلنا في القدس الشريف بدورهم لإعمار وإحياء المسجد الأقصى وقيام أهلنا في النقب والجليل والمثلث والمدن الساحلية (عكا وحيفا ويافا واللد والرملة) بدعم أهلنا في القدس الشريف ومؤازرتهم لأعمار المسجد الأقصى.
ثم إنني أؤكد مع شديد الأسف أن الصمت الإسلامي العربي اليوم هو الذي يشجع المؤسسة الإسرائيلية على مواصلة ارتكاب نكبة جديدة اشد من نكبة 48 بحق شعبنا الفلسطيني في هذه الأيام والتي بلغت ذروتها باغتيال الشيخ الشهيد احمد ياسين والدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي وأخشى ما أخشاه أن تمتد يد الهدم والاغتيال إلى المسجد الأقصى المبارك.
مسؤولية العملاء
* وهل تعتقد أن استمرار إسرائيل في هذه الأعمال سيجعل الشعوب العربية تتحرك للدفاع عن الأقصى, أم أن الحكومة والشعوب لا زالت غافلة عن المخاطر التي يتعرض لها الأقصى وبعيدة عن القيام عن أي عمل؟.
لا يمكن للجماهير المسلمة والعربية أن تقوم بدورها ما دام الواقع الرديء على ما هو عليه على صعيد الأمة الإسلامية والعالم العربي، ولذلك فنحن على مفترق طرق يجب أن نختار فيه بين عقد مصالحة تاريخية صادقة بين الحكام والشعوب على الصعيد الإسلامي والعربي، وهذا هو الرصيد الوحيد الذي سيقود إلى التغير وفق الشرط القرآني وهذا ما نتمناه. وإلا فان أخشى ما أخشاه أن يقود هذا الواقع الرديء إلى صدام مؤسف وقريب بين الشعوب والحكام وهذا ما لا نتمناه، لأنه يحمل في طياته الحسرة لنا جميعا ، ولذلك أنا شخصيا أضع أمانة هذه المسؤولية في أعناق العلماء والدعاة وأدعوهم إلى عقد هذه المصالحة التاريخية والصادقة قبل أن يتسع الفتق على الواقع.
أمة المفاجآت
* ماذا تقول للحكومة الإسرائيلية في ظل تصعدها للعدوان و خاصة علي المسجد الأقصى؟
مع مرارة الواقع الرديء الذي تعيشه الأمة الإسلامية والعالم العربي فإني أقول للحكومة الإسرائيلية: لا تغتري بقوتك فان الله لا يحب المغرورين. ولا يغرنك رداءه الواقع الإسلامي العربي فان التاريخ يحب أن يعلمكم أن الأمة الإسلامية والعربية هي أمة المفاجآت!!
فكم قيل في الماضي : اندثرت الأمة الإسلامية والعربية إلى غير رجعة واندثر الإسلام، وإذا بها تنهض من تحت قذى نومها ورماد ضعفها، ولنا ولكم في الواقع الرديء الذي أنجب صلاح الدين بعد أن أخذ العلماء فيه بمنهج التغير القرآني، لنا ولكم بهذا المشهد التاريخي خير المثال.
فلا تستغلوا هذا الظرف المؤقت وتوجهوا سهام تآمركم إلى المسجد الأقصى لأنكم بذلك تلعبون بالنار ولأنكم بذلك تدفعون إلى صدام ديني عالمي مع الأمة الإسلامية والعالم العربي.
فك الارتباط
* هل تعتقد أن أرئيل شارون جاد فعلا في تنفيذ خطته بما يسمى "فك الارتباط" وما مدى تثير مثل هذه الخطط على تصعيد الاعتداءات الدموية على الشعب الفلسطيني؟
أرئيل شارون جاد في تنفيذ خطته بما يسمى "فك الارتباط" وفق مفهوم شارون الخاص لفك الارتباط وليس وفق مفهوم أي طرف آخر، بمعنى انه يريد فك الارتباط فقط في قطاع غزة على أساس إخلاء بعض المستوطنات من قطاع غزة مع الإبقاء على نقاط استيطان عسكرية إسرائيلية في عمق قطاع غزة . وعلى أساس تصفية كل المقاومة الفلسطينية في القطاع لضمان سيطرة الجسم الحاكم الذي تخطط المؤسسة الإسرائيلية أن يحكم غزة بلا منازع بعد إعادة الانتشار الإسرائيلي فيها والذي يسميه شارون فك الارتباط وعلى أساس أن يقود فك الارتباط الشاروني إلى إلغاء حق العودة والى شرعية بقاء المستوطنات في الضفة الغربية والى انتزاع شرعية السيادة الإسرائيلية الكاملة على القدس الشريف وتواصل الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى وعلى أساس نقل "ياسر عرفات" إلى قطاع غزة وبذلك يسدل الستار عن شيء اسمه السلطة الفلسطينية ثم يسدل الستار عن شيء اسمه القضية الفلسطينية وماذا عن مستقبل الضفة الغربية ؟ الجواب مبهم والاحتمالات كثيرة .
أما واجب شعبنا الفلسطيني فهو مواصلة إصراره على مشروعه الفلسطيني المتمثل بإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
البوشارونية
* وماذا تقول في وعد بوش الجديد لشارون, وكيف سيستغله شارون برأيك؟
أنا على قناعة أنها بدأت تتبلور على مسرح الأحداث العالمية والمحلية ظاهرة "البوشارونية" أي المزيج بين بوش وشارون. وهي ظاهرة تعني شرعية بقاء الاحتلال أينما كان وأيضا على أوطان الآخرين، منتهكا مقدساتهم، وفي نفس الوقت خلع صفة الإرهاب على الشعوب المشردة المحتلة إذا ما سوّلت لها نفسها أن تقاوم الاحتلال.
وهي ظاهرة تعني بشكل خاص إغلاق ملف القضية الفلسطينية بكل ثمن ، ولكن بشرط أن يحافظ فقط على المصلحة الصهيونية الأمريكية.
لذلك من الطبيعي أن يبصم بوش بالعشرة. وان لزم الأمر بالعشرين على كل تفصيلات ما يسمى بخطة فك الارتباط ومن الطبيعي أن يستقبل شارون . كل ذلك بكامل الارتياح ولسان حاله يقول لبوش : " أنت أنا وأنا أنت ، ولذلك لما نظرت إليك حسبت انك أني".
فشل القمة
* فشل العرب في عقد قمتهم، ما تعليقك على هذا العجز والفشل, وما هو واجب الأنظمة والشعوب العربية اليوم تجاه كل ما يجرى في فلسطين والعراق؟
الفشل في عقد اجتماع الجامعة العربية ليس بالأمر المفاجئ لان الجامعة العربية هي عبارة عن جامع كل وضع عربي في إطاره المحلي. وواضح جدا أن واقع كل دولة عربية لوحده يتصف بالفشل محليا وذلك نتيجة وجود القطعية الدائمة بين الحكام والشعوب.
وهذا يعني أن فشل انعقاد الجامعة العربية هو عبارة عن مجموع الفشل المحلي ، ولا يمكن لهذا الوضع أن يتغير إلا إذا أصبحت الجامعة العربية تعكس تطلعات شعوبها . ولا يمكن لها أن تعكس تطلعات شعوبها إلا إذا تمت المصالحة التاريخية الصادقة بين الحكام والشعوب.
ولذلك لنا أن نتساءل: كيف للجامعة العربية أن تعكس تطلعات القضية الفلسطينية والعراقية إذا لم تعكس حتى ألان تطلعات شعوبها؟.
ومع ذلك فإنا على قناعة ورغم حالة الوهن التي أصابت الأمة الإسلامية والعالم العربي أن الدول العربية لو صدقت فقط باستخدام سلاح المقاطعة -لما هو في السر قبل العلن مع أمريكا وإسرائيل -لنجحت بان تسهم إسهاما جذريا بدفع القضية الفلسطينية والعراقية إلى الأمام. ثم ما الذي يمنع من تشكيل قوات حفظ السلام الإسلامية العربية لحقن دماء الشعب الفلسطيني والعراقي.
وما الذي يمنع أن تبادر الجامعة العربية إلى تبني مهمة إحلال الوفاق في العراق بين كل أهل العراق بشرط إخراج كل القوى الأجنبية من العراق بدون استثناء.
أحداث العراق
* تصاعدت الإحداث في العراق بسرعة مؤخرا وارتكبت امريكا مجازر بشعة في الفلوجة, وفي نفس الوقت تصاعدت المقاومة العراقية.. كيف تقيمون ما يجري في العراق؟
لقد شهدت العراق فيما مضى اجتياح التتار لها، ولعاصمة الدنيا يومها "بغداد" حيث اجتاحها التتار كالجراد لا يبقون الأخضر ولا اليابس. ويكفي أن نقول أنهم دمروا بغداد ودمروا معالم نهضتها العلمية وقتلوا قرابة المليون مسلم ومسلمة كما يقدر بعض المؤرخين.
ولكن ذلك لم يكن نهاية المطاف، فقد ضمدت الأمة الإسلامية جراحها يوم ذاك بما في ذلك العراق وبغداد، وانزلوا هزيمة نكراء في التتار لدرجة انه لم تقم قائمة للتتار حتى الآن. وأنا على يقين أن أمر وحيد القرن الأمريكي ليس بعيد عن أمر التتار.
لذلك يجب على أهلنا في العراق أن يتمسكوا بالخطاب النبوي الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم :"واعلموا أن النصر مع الصبر وان الفرج مع الكرب وان مع العسر يسرا". وأما العرب فليتهم يسألون أنفسهم: إذا كانت بالأمس فلسطين واليوم العراق فمن تكون غدا؟ وليتهم يسألون أنفسهم أين يذهبون من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " من بات ولم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم" .
وهل العراق إلا قضية إسلامية عربية كما أنها قضية عراقية وهل الجندي الأمريكي الذي يحتل العراق ما جاء ليرحل بل جاء محتلا قطرا مسلما أو عربيا؟ وهل أهل العراق إلا أهلنا وأمهاتهم أمهاتنا وإخوانهم إخواننا وأطفالهم أطفالنا ورضيعهم رضيعنا، أم رضينا لأنفسنا أن تكون في خانة الشيطان الأخرس.
أحداث في المعتقل
* وقعت أحداث كثيرة خلال اعتقالكم ..ما أثر فيكم منها؟.
أؤكد أنني قد كتبت معظم ما مر علينا من وقائع منذ اعتقالنا وحتى الآن ، وأسال الله تعالى أن يوقفنا لإصدارها ضمن كتاب مستقل. ومن أعجب ما اصطدمت به خلال الاعتقال ما حدثنا به طاقم محامينا لدى زيارتهم لنا في سجن اشمورت ذات مرة حيث حدثونا أنهم قد دخلوا محكمة عسكرية فوجدوا ثلاث أطفال من جنين لم يمضى على الواحد منهم اثنا عشر عاما ووجدوا أن هؤلاء الأطفال كانوا قد قاموا بمحاولة تصنيع سلاح يدوي حيث حولوا أنبوبة حديدية مع شداد حديدي إلى شبه بندقية ثم نجحوا بإطلاق رصاصة منها على حمار فقتلوه ثم توجهوا بعد ذلك على الأقدام من جنين إلى مدينة العفولة - مدينة في داخل الخط الأخضر - ولما وصلوا إلى مشارف العفولة تم إلقاء القبض عليهم ثم سيقوا إلى السجون والمحاكم.
ومن طرائف القصص التي سمعتها ما حدثنا به بعض طاقم محامينا حيث كانوا يدافعون عام 1987م عن مجموعة معتقلين سياسيين كانوا قد حبسوا في معتقل الجلمة. فدخل أحد المحامين على أحد هؤلاء المعتقلين فوجده يرتجف من البرد حيث كان الفصل شتاء والطقس بارد فسأله لماذا ترتجف؟ فقال المعتقل لان ملابسي رقيقة لا تقيني البرد فطلب منه المحامي أن يغمض عينيه دقيقة واحدة حيث قام خلالها المحامي بخلع ملابسه الداخلية وأهداها للمعتقل وظل يلبس سرواله فقط ثم قدم ملابسه الداخلية إلى المعتقل.
ومن ضمن الوقائع التي أنعشت فينا الشعور بالعزة والرفعة ما حدث يوم الاثنين الموافق 8/3/2004م حيث نهضنا من نومنا تمام الساعة الثالثة قبل الفجر ذاك اليوم ثم تناولنا السحور وصلينا ما شاء الله تعالى أن نصلى ثم ختمنا صلاتنا بصلاة الوتر ثم صلينا صلاة الفجر.
وعندما طلعت الشمس حضرت حافلة نقل السجون التي يسمونها (البوسطة) إلى معتقلنا في (اشمورت) وقامت فرقة (نحشون) التي تشرف على الحافلة بوضع الأغلال في أيدينا وأرجلنا ثم سارت بنا الحافلة إلى سجن (عتليت) ثم إلى سجن (الجلمة) وعندما نزلنا إلى ساحة (الجلمة) صرخ أحد السجناء الفلسطينيين، و حيّانا باسمه واسم مجموعة من السجناء ..فأغاظ ذلك أحد أعضاء فرقة (نحشون) ..فعلق بحقد وحسد على تحيات ذاك السجين، وقال لنا : ستردوا التحية عليهم في جنين. ولكننا لم نرد على هذا الحاقد إذ ماذا يساوي أصلا، واكتفينا بان رميناه بنظرة ازدراء ومضينا.
الموقف الجماهيري
* وكيف تقيمون تجاوب وتعاطي الجماهير العربية وقيادتها في الداخل مع قضية "رهائن الأقصى" وكذلك تعاطي العالم العربي والإسلامي مع الملف؟.
لا شك أن هناك تعاطيا طيبا ومباركا مع قضيتنا على صعيد العالم الإسلامي والعربي وعلى صعيد الجاليات المسلمة والعربية في بلاد الغرب وكذلك على صعيدنا المحلى في الداخل. وأؤكد أن بعض الفضائيات العربية قد تبنت الدفاع عن قضيتنا أو متابعة كل مستجداتنا مثل فضائية اقرأ والمجد والشارقة والجزيرة وأبو ظبي والعربية. وكذلك فإن بعض الصحف والمجلات ومواقع الإنترنت لا تزال تتابع قضيتنا وهي كثيرة بحمد لله تعالى .
وكذلك فقد بادرت بعض المؤسسات الإسلامية العربية إلى تبني قضيتنا على صعيد عالمي وما نعلمه انه قد تم عقد مهرجانات ومؤتمرات لدعم قضيتنا ولا تزال هناك نشاطات من المزمع عقدها خلال الأيام القادمة.
وأما على الصعيد المحلي فقد كان هناك عشرات النشاطات التي قامت بها الحركة الإسلامية بالتعاون مع لجنة المتابعة العليا عندنا في الداخل وبالتعاون مع اللجنة الشعبية للدفاع عن رهائن الأقصى. كما قام الأستاذ نزار يونس بإخراج فلم وثائقي كامل عن قضيتنا باسم (إنا باقون) وهناك عشرات النشاطات التي ستقوم بها الحركة الإسلامية بمناسبة مرور عام.
مرحلة صعبة
* وماذا تقول للجماهير العربية في الداخل الفلسطيني؟.
لا زلت أؤكد أننا نعيش في مرحلة استثنائية صعبة، وواضح جدا أن معطيات هذه المرحلة تؤكد أننا في خطر ووجودنا في خطر وأرضنا وبيوتنا ومقدساتنا في خطر؛ فقد استباح بعض المتطرفين اليهود لأنفسهم محاولة قتل بعض قياداتنا عن سبق إصرار والمثال على ذلك محاولة تفجير سيارة الأستاذ عصام مخول- عضو كنسيت عربي- , ومحاولة نسف بيت الأستاذ محمد بركة - عضو كنيست عربي- بصاروخ وإلقاء قنابل على مساجد بحيفا. وها هي اذرع الأمن الرسمية قتلت منا حتى ألان ثلاثة عشرين شهيدا من هبة الأقصى والقدس.
وها هي بعض أذرع المؤسسة الرسمية لا تزال تصادر أرضنا وتهدم بيوتنا وها هم بعض الإرهابيين اليهود لا يزالون يحرقون مساجدنا. وها نحن لا زلنا نعاني من تواصل الظلم التاريخي علينا منذ 1948م إزاء ذلك.
يسعني أن أقول لجماهيرنا العربية الفلسطينية في الداخل إن علينا الالتقاء جميعا على خطة مرجعية استراتيجية تحدد من خلالها كيف نحافظ على وجودنا وصمودنا في هذا الوضع الاستثنائي الرديء.
رسالة للغرب
* هل من رسالة توجهها لشعوب العالم والغرب خاصة؟
من خلف قضبان سجن اشمورت أؤكد للعالم الغربي أنا نحب لكم الخير لان إسلامنا يأمرنا أن نحب الخير لكل بني البشر. كما نحب لأنفسنا ولكم أن يسود العالم الذي نعيش فيه السلام العالمي لأن السلام إن كان عند غيرنا برنامجا سياسيا فهو جزء من إسلامنا. ولا زلنا نؤكد لكم أن الأصل في العلاقة التي يحددها القرآن بيننا وبينكم هي التعارف يقول الله تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا).
لذلك نحن لسنا عشاق حروب كما يحاول البعض أن يضللكم ولسنا نكرهكم كما يحاول البعض أن يجركم إلى صدام مفتعل معنا. وما نتمناه لكم ألا تنجروا وراء وحيد القرن الأمريكي وما نعرضه عليكم أن "تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله".
كلمة للعرب والمسلمين
* وماذا تقول للعرب و المسلمين عامة؟
من خلف قضبان سجن اشمورت أؤكد لعالمنا الإسلامي والعربي انه ورغم الوضع الرديء الذي نعيش فيه ..إلا أننا نعتز بالانتماء العقائدي والقومي إلى عالمنا الإسلامي والعربي. ولا زلنا على يقين ان هذا العالم الإسلامي والعربي لا يزال يحمل في داخله كل خير ولا يزال يحمل مقومات الحضارة التي ستنهض به ما قريب لاستئناف الحضارة الإسلامية العربية وقيادة العالم إلى بر الإيمان والأمان.
فلسطين – عوض الرجوب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.