تعتبر سفيرة باكستان، السيدة عطية محمود، أن «العمليات التي تتم في جنوب وزيرستان على الحدود مع أفغانستان لا تتم بإيعاز من الولاياتالمتحدة أو بطلب منها»، وأنها «عمليات تقوم بها الحكومة الباكستانية التي لها دوافعها الخاصة بها». وتؤكد عطية أن لا وجود لقوات أمريكية على الحدود مع أفغانستان، وأن العمليات التي تقوم بها القوات الباكستانية تدخل في إطار استراتيجية باكستانية لمحاربة الإرهاب". في إطار الحرب على الإرهاب، أطلقت حكومتكم حملة جديدة في الأيام الأخيرة داخل حدود بلدكم على من تسميهم الولاياتالمتحدةالأمريكية أعضاء القاعدة وطالبان المختبئين في وزيريستان، فهل هو ما يقع بالفعل، أم ترون تعريفا آخر لما يحدث هناك؟ أولا وقبل كل شيء، أود أن أقول إن هذه العمليات التي تتم في جنوب وزيرستان على الحدود مع أفغانستان هي عمليات لا تتم بإيعاز من الولاياتالمتحدة أو بطلب منها، إنها عمليات تقوم بها الحكومة الباكستانية التي لها دوافعها الخاصة بها. وأنتم تعلمون أنه تجري في باكستان حوادث عديدة كهجمات التفجيرات وقتل الناس في المساجد، بل وحتى هجمات تستهدف رئيس بلدنا، ولذلك فإنه جزء من عمليات البحث والتحقيقات حول الأشخاص المتورطين في تلك الأعمال الإرهابية في باكستان، وقد بدأت الحكومة العمليات العسكرية في تلك المنطقة الخاصة لأننا اكشفنا أن الكثير من الأشخاص الأجانب يعيشون في هذه المنطقة (جنوب وزيريستان). هذه المنطقة تعيش تاريخيا خارج أية رقابة مدنية أوعسكرية تابعة لحكومة بلدنا، وهي كذلك حتى قبل الوجود البريطاني في باكستان، وهذا ما أعطاها وضعا خاصا، وضع منطقة قبلية تحت سيطرة القبائل أنفسهم. فليس هناك قوات مسلحة ولا شرطة ولا من يمثل الحكومة المركزية. هذه المنطقة أصبحت مع الوقت منطقة تحمي أناسا يرتكبون جرائم القتل فيعودون للاختباء فيها، لأنه ليس هناك من يستطيع البحث عنهم. بعد هذه الأعمال، تحدثت الحكومة الباكستانية مع زعماء القبائل. وكما هو معروف، فإن المناطق القبلية تعيش فيها سبعة أقسام من تلك القبائل، ستة منها مسالمة وواحدة فقط في منطقة واحدة على الحدود الباكستانية الأفغانية. واكتشفت الحكومة الباكستانية أن أناسا أجانب يعيشون في هذه المنطقة غير المسالمة ويستعملون الحدود لقتل الباكستانيين. لذلك كلمت الحكومة في البداية الزعماء القبليين هناك، وأخبرتهم بالمشكل، وقالت لهم إنها بحاجة إلى الدخول للمنطقة لإخراج هؤلاء الناس. هكذا جرت الأمور بتوجيه من الحكومة وليس بطلب من الولاياتالمتحدة. لقد اكتشفت الحكومة الباكستانية أن هؤلاء الأجانب الذين يعيشون هناك يقومون بنشاطات إرهابية داخل باكستان، ويستعملون أراضينا للذهاب إلى أفغانستان ليهاجموا أحيانا الأفغانيين والحكومة الأفغانية أحيانا أخرى. ولذلك فنحن مهتمون بالأمن على حدودنا لأجل بلادنا ولأجل شعبنا. نقوم بهذه العمليات بمساعدة زعماء القبائل لقواتنا وحكومتنا في ملاحقة هؤلاء الناس. لكن، السيدة السفيرة، أقوالكم تتناقض مع ما جاء في الإعلام الدولي عن وجود تعاون مع قوات الولاياتالمتحدة؟ على جهتنا من الحدود مع أفغانستان لا وجود لقوات أمريكية، وليس هناك تعاون مع قواتنا المسلحة. والقوات الأمريكية توجد على الجهة الأخرى من الحدود مع أفغانستان. ولقد قامت حكومتنا بإرسال صحافيينا في زيارة خاصة إلى المنطقة، للوقوف على أنه ليس هناك أي أعمال عسكرية مشتركة، فلن نسمح بمثل ذلك، ولا يمكن أن يتم هذا، مادامت القضية حساسة جدا، ومادام البلد الجار بلدا شقيقا مسلما. الأمريكيون هم هناك حسب ما يمليه برنامجهم، ولكن نحن لنا برنامجنا كذلك، ولكنه مرتبط بدولة باكستان. ولكن لماذا هذه العمليات الآن؟ بالأمس كانت حكومتا باكستانوالولاياتالمتحدةالأمريكية تريان هؤلاء الذين يطاردون اليوم أبطالا عندما كانوا يقاتلون لإخراج السوفيات من أفغانستان. وها هم مازالوا في رأي الباكستانيين والقبائل الباكستانية التي تأويهم أبطالا؟ أنت تتكلم عن زمن السوفيات لدى دخولهم أفغانستان وقتال الأفغان لإخراجهم من بلدهم، هذه مرحلة انتهت. وأما اليوم فهناك حكومة قائمة في أفغانستان. لكن، وكما قلت، فالحكومة الباكستانية هي اليوم تقوم بعملياتها في وزيرستان أساسا، لأنه جرت أحداث داخل باكستان ضد شعبنا وضد قادتنا. ويذهب الفاعلون للاختباء في تلك المناطق، ولذلك علينا أن نأخذ الإجراءات اللازمة ضدهم. ولن نترك الأمريكيين يقومون بذلك مكاننا، لقد هدد هؤلاء الأجانب شعبنا وقادتنا، ولذلك فهي حرب على الإرهاب. إن هؤلاء الأجانب يعيشون هناك بشكل غير قانوني، وبدون وثائق. إننا لا نقوم بهذه العمليات لطرف آخر، إنما نقوم بها لصالحنا. كانت القوات الباكستانية تقوم بتلك العمليات، حسب تقارير صحفية، بشكل لا يميز بين الأبرياء والمتهمين؟ نعم، هذا صحيح. ولكن كان من الصعب القيام بتلك العمليات في وقت لا تعرف من هو الطرف المقاتل من غير المقاتل، ونحن نأسف لما حصل للأبرياء، لقد كانت هناك اشتباكات بالنار وكان هناك قتال. قواتنا لا يمكن أن تقاتل مواطنين. نحن كنا نستهدف الأجانب الذين يردون علينا. كنا قد أخطرنا الجميع بمهلة أربع ساعات، قبل بدء القتال ليخرج الباكستانيون الذين هم أبرياء والذين لا علاقة لهم بالموضوع، ولقد خرج العديد من المواطنيين القبليين. هل يعني هذا كله أن الشعب الباكستاني يؤدي ثمنا غاليا لدعم طالبان والأجانب أيام القتال مع أفغانستان ضد السوفيات؟ أولا هؤلاء ليسوا بالضرورة من طالبان. إذن هم من القاعدة؟ قد يكونون من القاعدة، فهناك أيضا أوزبكيون وشيشانيون و... وهؤلاء يقاتلون هناك ولهم السلاح، ويعتقدون أن هذه المنطقة (في جنوب وزيريستان)، أنسب للاحتماء، بما أنها بدون شرطة وبدون قوات عسكرية. الباكستانيون هناك يقولون إن هؤلاء الأجانب أصبحوا جزءا من القبائل الباكستانية وإنهم تزوجوا هناك وبنوا أسرا. نعم، فالروابط القبلية قوية هناك، وقد يكون البعض منهم قد تزوج ... وهو أمر مستمر، ومن الباكستانيين من يدعم هؤلاء، لأنهم يشعرون بأنهم إخوة، فهم لا يؤمنون بالحدود، ولذلك فهم يعتبرونهم من القبائل. غير أنهم الآن قد وعوا بأنهم (أي الأجانب) يوظفون ضيافتهم للقيام بعمل ليس في صالح باكستان، وهؤلاء الباكستانيون هم اليوم يساعدون القوات الباكستانية ضدهم. أقوالكم عن عدم وجود تعاون بين الحكومة الباكستانيةوالولاياتالمتحدة في الحقيقة تناقض الإعلام الدولي. فماذا عن القول الذي يدعي أن هؤلاء المطاردين هم اليوم بمثابة مفتاح لحملة بوش الانتخابية للفوز بولاية رئاسية ثانية؟ كما قلت في البداية، باكستان تقوم بحربها على الإرهاب بناء على مبدإ، وليس لأن السيد بوش يقاتل من أجل الانتخابات، فهذا الأمر ليس من اهتمامنا ولا نقرر في ما يجب أن يكون وما لا يجب أن يكون. إننا نحن المعنيون بتلك العمليات. وأما ما يخص الانتخابات فإن الشعب الأمريكي هو الذي يقرر، والانتخابات الأمريكية ليست مشكلا يهمنا في حربنا على الإرهاب. لماذا نشن الحرب على الإرهاب في بلدنا؟ ليس لأن السيد بوش يريد أن يربح الانتخابات. إن مشكل الإرهاب مشكلنا. باكستان لا علاقة في عملها العسكري بمساعدة بوش في حملته الانتخابية. لماذا سنفعل ذلك؟ الإرهاب في بلدنا هو مشكل اكتشفناه بأنفسنا. ولقد حصلنا على المعلومات عن ذلك، وقد تكون مخابراتنا تبادلت معلومات مشتركة مع المخابرات الأمريكية، لأنهم متفوقون ولهم تكنولوجيا عالية... وكما حصل ذلك في بلدنا، فاستخبارات بلدكم المغرب أيضا تتبادل المعلومات مع الأمريكيين، وهذا أمر معمول به، وقد تأتي المعلومات من أي جهة أخرى... من الصين أو روسيا أو المغرب حتى ... وبناء عليه نتخذ نحن كذلك الإجراءات. وكيف تفسرون إعلان وزير الخارجية الأمريكي كولن باول الشهر الماضي إسلام آباد حليفا استراتيجيا خارج الناتو، رغم أن الإعلام الأمريكي يقول إن حكومة باكستان لن تنال تلك المرتبة دون القبض على الرقم الثاني في تنظيم القاعدة أو حتى القبض على بن لادن نفسه؟ أقول لك، إن وضع باكستان، كحليف استراتيجي خارج الناتو، هو قرار يخص الولاياتالمتحدة، ولم تطلب باكستان هذا الوضع من أمريكا... أليس هذا الوضع جزاء لإسلام آباد من الولاياتالمتحدة؟ إنه اعتراف لباكستان، وليس جزاء لها، لأنه لا يمكن لدولة أن تجازي دولة أخرى. لماذا نأخد جزاء؟ نحن نحارب الإرهاب لمصلحة بلدنا، وليس لصالح أمريكا. نفعل ذلك وهو لصالحنا كما هو في صالح المغرب محاربة الإرهاب. أنتم لا يمكن أن تسمحوا بالإرهاب في بلدكم. حوار وترجمة عبد الرحمان الهرتازي