كثيرون أولئك الذين علقوا آمالهم على المؤتمر الأخير لحزب العدالة والتنمية، فخيب المؤتمر والمؤتمرون آمالهم، ولم يكن بوسع الحزب وأهله إلا أن يخيبوا تلك الآمال ويحولوها إلى آلام. لقد كان أمل الكثيرين هو أن يكون المؤتمر محطة للصراع والخصام، يرجى لها أن تؤول إلى التفرق والانقسام، أليست هذه سنة راتبة في مؤتمرات أحزابنا؟ أليست سنة جارية في أحزاب الرفاق وأحزاب الوفاق؟ ينعقد المؤتمر بحزب واحد، ثم ينفض عن حزبين ومشروع حزب ثالث بين بين. كان أملهم أن حزب العدالة والتنمية مؤهل أكثر من غيره للخصام والانقسام. فهو أصلا مشكل من مجموعات متغايرة ويرونها متنافرة. وهو قد تلقى على مدى سنة كاملة من الضربات والحملات والضغوط ما يكفي لتشتيت الرأس الواحدة، فكيف برؤوس متعددة، تبدو لهم متنافسة متشاكسة؟! كان أملهم أن يشتد التنازع والتقاطب: بين الجدد والقدامى بين المتشددين والمتفاهمين، بين تيار الدكتور الكبير وتيار الدكتور الصغير، بين جماعة الرباط وجماعة البيضاء. ولم لا، بين الفاسيين والسوسيين... كانوا يرصدون ويفتشون لعلهم يجدون أي حبة ليجعلوا منها قبة، كانوا يحاولون أن يلتقطوا أي شيء من المؤتمر، أو على هامش المؤتمر، يمكن أن يفسر بأنه تلاعب أو تدليس أو تزوير في الإعداد للمؤتمر، أو في سيره وتفاصيل مجرياته وبرنامجه، ولو بالتشكيك في توقيت إقامة الصلوات وتقديم الوجبات. كان كل شيء جاهزا وفي حالة استنفار من أجل إطلاق حملة التزمير والتطبيل، والتضخيم والتهويل... لكن خابت آمالهم وحبطت أمانيهم، نأسف لهم ونشفق لحالهم. بعضهم كاد أن يصدع بالحقيقة المرة، فكتب عنوانا يقول: مؤتمر العدالة والتنمية الانتصار الجماعي، لكن مرارة الحقيقة كانت لا تطاق، فأدخل تعديلا طفيفا يخفف من ألم الغصة فصار العنوان هو مؤتمر العدالة والتنمية: الانتحار الجماعي. واحد آخر نفذ صبره وتحمله، فكتب ينذر ويحذر من هذا الحزب ومن هذا التيار الذي لا يمكن بزعمه أن ينسجم مع النظام الملكي. ولكن المسكين سرعان ما صفعته الرسالة الجوابية الملكية، التي جاءت ساطعة دامغة، قاطعة الطريق على كل مزايدة أو نفاق، فتحية للمؤتمر الذي خيب آمالا مريضة، وتحية للزعيم عبد الكريم الذي حقق آمالا عريضة، وهنيئا لحزب العدالة والتنمية بخصومه اليقظين المتربصين، فبفضل جهودهم سيظل الحزب أتقى وأنقى. أحمد الريسوني