عاد التقارب بين السنة والشيعة في العراق مؤخرا ليصبح أحد ملامح المشهد السياسي العامة، فبعد الحوادث التي بدأت في الفلوجة ومدينة الصدر وانتشرت بسرعة في مدن سنية وشيعية عديدة، تعالت أصوات من هذا الجانب وذاك لتعلن تضامنها. ويبدو أن الأزمات –كما يرى بعض المراقبين- قد تدفع الإخوة المختلفين إلى تناسي اختلافهم وتوحيد صفوفهم. خرجت بغداد صبيحة أمس الخميس سنة وشيعة لتساند سكان مدينة الفلوجة المحاصرة. وقد عرفت مساجد العاصمة العراقية منذ الأربعاء الماضي نشاطا منقطع النظير لجمع التبرعات للسكان المنكوبين في الفلوجة. انطلقت قافلة التضامن من مسجد أم القرى غربي بغداد متجهة نحو المدينة المحاصرة، تضم مئات الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والطبية فضلا عن 20 وحدة طبية. شعارات القافلة كانت "لا شيعة ولا سنة بل وحدة إسلامية" و"في اتفاق في اتفاق لا نبيع العراق". وشكل هذا التضامن بين الشيعة والسنة أول تلاحم بعد سقوط الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين. وكانت وسائل الإعلام قد تحدثت عن شدة المصادمات في الفلوجة حيث قتل أكثر من 300 شخص أغلبهم من النساء والأطفال، ولم ترع قوات مشاة البحرية الأميركية (المارينز) للمساجد حرماتها، ففي أحد مساجد المدينة ماتت عائلة بأكملها كان قد ألجأها القصف إلى ترك منزلها والاحتماء بمكان مقدس كان من المفترض أن يجد العائذ به ملاذا. والواقع أن الأيام الماضية كانت دامية في الجبهتين السنية والشيعية، فقد امتد الصراع ليشمل مدنا من محافظة الأنبار غير الفلوجة كالرمادي فضلا عن حي الأعظمية السني ببغداد. وكانت مدن الجنوب العراقي ذات الكثافة الشيعية كالكوت والناصرية والكوفة والنجف مسرحا لمعارك بين أنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر وقوات التحالف. ولم تعط دعوة آية الله العظمى علي السيستاني -أعلى مرجعية شيعية في العراق- إلى التهدئة نتائج تذكر. أميركا التي راهنت منذ دخول قواتها العراق على عنصر المذهبية والطائفية في العراق وخاصة الصراع بين السنة والشيعة وضرورة التركيز عليه، فوجئت بأن حوادث الفلوجة قاربت بين الطرفين وبرهنت –كما يرى بعض المراقبين- على إمكانية وقوفهما معا في وجه المحتل. المصدر: وكالات