ها هي المقاومة العراقية تتناغم مع شقيقتها الفلسطينية، فيما الشارع المؤيد للمقاومة العراقية يتظاهر نصرة لفلسطين وانحيازاً إلى بهاء الدم الذي سال ويسيل على أرضها. شهدنا ذلك عندما استشهد اسماعيل أبوشنب، كما شهدناه خلال الأيام الماضية من خلال كتيبة الشيخ أحمد ياسين التي دكت مطار المثنى بعشرات القذائف والصواريخ، وأصابت عربة عسكرية أمريكية، إلى غير ذلك من الفعاليات التي ربطت الهم الفلسطيني بالهم العراقي. واقع الحال هو أن الارتباط العضوي بين القضيتين لا يحتاج إلى كثير من الذكاء لاكتشافه، فلولا هذه الدولة العنصرية المزروعة في قلب الأمة، ما كان للعراق أن يقع فريسة الاحتلال. من أجل أمنها ومن أجل مشاريعها المستقبلية عمل صقور الإدارة الأمريكية وصهاينتها طوال سنوات دون كلل أو ملل من أجل دفع لعبة الحرب على العراق، وصولاً إلى جعلها محطة لاخضاع المنطقة والسيطرة الكاملة عليها. من هنا يمكن القول إن المقاومة في العراق قد شكلت رافعة للقضية الفلسطينية، فلولا تلك المقاومة لما كان بإمكان القوى الفلسطينية أن تواصل التحدي على النحو الذي يجري، ولما كان بإمكان الدول العربية أن تتماسك قليلاً في مواجهة الاملاءات الأمريكية، أكان فيما يتعلق بالتسوية، أم ما يتعلق بمختلف المشاريع التي تحاول رسم مستقبل المنطقة. لقد جاءت المقاومة العراقية لتمنح شقيقتها الفلسطينية دفعة قوية إلى الأمام، وهي التي كان شارون يعدها بزمن أسود بعد سقوط بغداد وخضوع الدول العربية ومن ورائها السلطة الفلسطينية لاستحقاقات حرب الإرهاب والشرق الأوسط الجديد أو الكبير. من جهة أخرى يمكن القول إن المقاومة الفلسطينية، والإسلامية منها على وجه الخصوص، قد شكلت مصدر إلهام للمقاومة العراقية، أو بعض قواها في أقل تقدير، ومنها حركة المقاومة الإسلامية الوطنية التي أعلنت عن فعاليات كتيبة الشيخ أحمد ياسين. والإلهام هنا ذو شقين؛ الأول وله علاقة بثقافة الاستشهاد وقوة التحدي النابعة من إرادة الإيمان. أما الثاني فيتعلق بوضوح البوصلة والتركيز على قوات الاحتلال بعيداً عن أية أهداف إشكالية قد تصيب المواطن العراقي. الآن يمكن القول إن المقاومة الفلسطينية وشقيقتها العراقية تسيران جنباً إلى جنب، وتتناغمان في فعلهما الجهادي على نحو رائع، لأن المعركة واحدة هنا وهناك، فإرادة تركيع الأمة هي ذاتها المحرك الرئيسي لمعركة بغداد ومعركة فلسطين. وإذا ما واصل المقاومون هنا وهناك بطولاتهم فإنهم سيشكلون الصخرة الصلبة التي ستتكسر عليها تلك الهجمة الشرسة بعون الله. تحية لأبطال المقاومة في فلسطين والعراق، ولكل القابضين على جمر الإيمان والتحدي في مواجهة الأعداء والمتربصين بهذه الأمة. ياسر الزعاترة - كاتب فلسطيني