تجنب المندوب السامي للتخطيط أحمد لحليمي علمي في ندوة صحفية عقدت أول أمس بالبيضاء الإجابة بنعم أو لا عن سؤال ل التجديد حول ما إذا كانت نتائج الإحصاءات العامة للسكان والبحوث الإحصائية التي أجريت في السابق يتم مراعاتها حقا في توجيه السياسات العمومية والمخططات التنموية، ما دام أن هذا الأمر من أهم الأهداف المعلنة لهذه البحوث والإحصاءات، واكتفى لحليمي برد مقتضب قائلا: من المفترض أن تأخذ بعين الاعتبار". وكان الباعث على سؤال التجديد ما سجل من خلاصة استندت على النتائج الأولية للبحث الوطني حول الاستهلاك ونفقات الأسر 2000/2001 والتي قدمت خلال الندوة الصحفية، ومفادها أن الفرق بين نسبة الفقر في البوادي في سنة 2001 هي أكبر بثلاث مرات من نسبة الفقر في المدن، وأن هذا البون بين الوسطين ما لبث يرتفع منذ سنة 1959 (أي بعيد استقلال المغرب) من معدل 4,1 إلى مرتين سنة ,1985 وهو ما يعني أن الفقر موجود أساسا في البادية، في حين لم يواكب هذه الحقيقة على أرض الواقع اهتمام خاص بالوسط القروي عند وضع البرامج والمشاريع التنموية المتعلقة بظروف عيش السكان ومستوى حياتهم، بحيث كانت المدينة تحظى بحصة الأسد دائما، ولعل هذا ما جعل نسبة الهجرة القروية تتعاظم في العقود الأخيرة في اتجاه المدن مسببة عددا من الظواهر السلبية كتوالد السكن غير اللائق، واحتضان أغلب المدن لأحياء صفيحية، وبعضها صار مدنا من الصفيح. ولارتباط الفقر بمستوى الاستهلاك وحجم نفقات الأسر، فإن نتائج البحث الوطني حول الاستهلاك ونفقات الأسر، الذي أنجزته المصالح التابعة للمندوبية، أعطت مؤشرات مهمة أكدت بالأرقام والنسب ما شهده المغرب منذ استقلاله إلى الآن من تغيرات كبيرة في النفقات الفردية السنوية، وفي بنية ما يستهلكه المغاربة غذائيا كان أو غير غذائي، وكذا في تطور نسب الفقر باختلاف المقاربات المعتمدة لحساب العتبة التي تفصل بين الفقراء وغير الفقراء، وتباين هذه النسبة بين المعدل الوطني ككل، وبين الفوارق المسجلة بين جهات المملكة من جهة وبين المدن والبوادي من جهة أخرى؛ فبالرغم من ارتفاع المعدل الوطني للنفقات الفردية السنوية بالأسعار الثابتة من 6876 درهم سنة 1985 إلى 8280 درهم سنة ,2001 إلا البون شاسعا بين الوسطين القروي والحضري بمعدل الضعف تقريبا، والتفاوت في ارتفاع مستمر. ومن الخلاصات الأساسية التي تشير إليها نتائج البحث الوطني، والذي اعترف المندوب السامي بأنه يحتاج إلى المزيد من الدراسة والتحليل بمعية المختصين والأساتذة الجامعيين، أن المغاربة لم يعد أغلب نفقات استهلاكهم مقتصرا على المواد الغذائية الأساسية، بل نقصت نسبتها من 6,50 % سنة 1985 إلى 5,43 % سنة ,2001 وذلك لصالح ارتفاع النفقات الموجهة لصحتهم وسكنهم، بحيث ارتفع نسبة نفقات السكن من 6,20 % سنة 1985 إلى 1,22 % سنة ,2001 كما زادت نفقات الصحة من 6,4 % إلى 6,6 % برسم السنتين نفسيهما، وفضلا عن هذه التغيرات سجل تراجع الاستهلاك السنوي الفردي من المواد الغنية بالحراريات كالحبوب، وارتفع بالمقابل الاستهلاك من المواد الغنية بالبروتينات كالخضر. وكانت الندوة الصحفية مناسبة أعلن فيها المندوب السامي انطلاقة حملة تواصلية تستهدف المواطنين لتعرفهم بتاريخ إجراء الإحصاء العام للسكان والسكنى، وأهدافه ومجالات الاستفادة من نتائجه، وارتباطها بمرافق يرتبط بها المواطن بشكل يومي كالولوج للخدمات الأساسية كالصرف الصحي والماء والكهرباء... وتنفذ الحملة على مرحلتين: من يوم أمس 16 يونيو إلى 16 يوليوز، ثم من 15 غشت إلى 15 غشت، وتسخر فيها وسائل إعلام جماهيرية كالتلفزة والإذاعة وكذا الجرائد والملصقات وتوزيع المطويات وغيرها من وسائط التواصل، والخطاب الأساسي المراد إيصاله هو أن مساهمة الجميع في الإحصاء العام هي من صميم المواطنة، وأن تعاون الأسر مع أعوان الإحصاء الذين سيزرونهم بتقديم إجابات تطابق الواقع أمر حيوي لإنجاح الإحصاء، والذي تعد نتائجه أداة أساسية بيد صانعي القرار للتخطيط ومعرفة الحاجيات الآنية والمستقبلية، وهي أداة بيد المواطن أيضا لمراقبة المسؤولين عن تدبير الشأن المحلي وتقييم ما ينجزون وما لا ينجزون. محمد بنكاسم